Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 60-62)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله { يَتَوَفَّـٰكُم بِٱلَّيْلِ } أي ينيمكم فيقبض فيه نفوسكم التي بها تميزون وليس ذلك موتاً حقيقة ، فهو مثل قوله { ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأنفُسَ حِينَ مِوْتِـهَا وَٱلَّتِى لَمْ تَمُتْ فِى مَنَامِـهَا } الزمر 42 والتوفي استيفاء الشيء ، وتوفيت الشيء واستوفيته إذا أخذته أجمع ، قال الشاعر @ إن بني الأدرم ليسوا من أحد ولا توفاهم قريش في العدد @@ قيل الروح إذا خرجت من البدن في المنام بقيت فيه الحياة ، وقيل لا تخرج منه الروح بل الذهن فقط ، والأولى أن هذا أمر لا يعرفه إلا الله سبحانه . قوله { وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِٱلنَّهَارِ } أي كسبتم بجوارحكم من الخير والشرّ . قوله { ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ } أي في النهار يعني اليقظة وقيل يبعثكم من القبور فيه ، أي في شأن ذلك الذي قطعتم فيه أعماركم من النوم بالليل والكسب بالنهار . وقيل في الكلام تقديم وتأخير ، والتقدير هو الذي يتوفاكم بالليل ثم يبعثكم بالنهار ويعلم ما جرحتم فيه . وقيل ثم يبعثكم فيه ، أي في المنام ، ومعنى الآية أن إمهاله تعالى للكفار ليس للغفلة عن كفرهم ، فإنه عالم بذلك ولكن { لّيَقْضِىَ أَجَلٌ مُّسَمًّى } أي معين لكل فرد من أفراد العباد من حياة ورزق { ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ } أي رجوعكم بعد الموت { ثُمَّ يُنَبّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } فيجازى المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته . قوله { وَهُوَ ٱلْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } المراد فوقية القدرة والرتبة كما يقال السلطان فوق الرعية ، وقد تقدّم بيانه في أوّل السورة . قوله { وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً } أي ملائكة جعلهم الله حافظين لكم ، ومنه قوله { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَـٰفِظِينَ } الإنفطار 10 بمعنى أنه يرسل عليكم من يحفظكم من الآفات ويحفظ أعمالكم ، والحفظة جمع حافظ ، مثل كتبة جمع كاتب { وَعَلَيْكُمْ } متعلق { بيرسل } لما فيه من معنى الاستيلاء ، وتقديمه على حفظة ليفيد العناية بشأنه ، وأنه أمر حقيق بذلك . وقيل هو متعلق بحفظة . قوله { حَتَّىٰ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا } " حتى " يحتمل أن تكون هي الغائية ، أي ويرسل عليكم حفظة يحفظون ما أمروا بحفظه مما يتعلق بكم { حَتَّىٰ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ } ويحتمل أن تكون الابتدائية . والمراد بمجيء الموت مجيء علاماته . وقرأ حمزة « توفاه رسلنا » وقرأ الأعمش « تتوفاه » والرسل هم أعوان ملك الموت ، ومعنى توفته استوفت روحه { لاَ يُفَرّطُونَ } أي لا يقصرون ويضيعون ، وأصله من التقدّم ، وقال أبو عبيدة لا يتوانون . وقرأ عبيد بن عمير « لا يفرطون » بالتخفيف ، أي لا يجاوزون الحد فيما أمروا به من الإكرام والإهانة . قوله { ثُمَّ رُدُّواْ إِلَىٰ ٱللَّهِ مَوْلَـٰهُمُ ٱلْحَقّ } معطوف على توفته ، والضمير راجع إلى أحد لأنه في معنى الكل مع الالتفات من الخطاب إلى الغيبة ، أي ردّوا بعد الحشر إلى الله ، أي إلى حكمه وجزائه { مَوْلَـٰهُمُ } مالكهم الذي يلي أمورهم { ٱلْحَقّ } قرأ الجمهور بالجر صفة لاسم الله . وقرأ الحسن " ٱلْحَقّ " بالنصب على إضمار فعل ، أي أعني أو أمدح ، أو على المصدر { وَهُوَ أَسْرَعُ ٱلْحَـٰسِبِينَ } لكونه لا يحتاج إلى ما يحتاجون إليه من الفكر والروية والتدبر . وقد أخرج أبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مع كل إنسان ملك إذا نام يأخذ نفسه ، فإذا أذن الله في قبض روحه قبضه وإلا ردّها إليه ، فذلك قوله تعالى { يَتَوَفَّـٰكُم بِٱلَّيْلِ } " وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن عكرمة ، في الآية قال ما من ليلة إلا والله يقبض الأرواح كلها ، فيسأل كل نفس عما عمل صاحبها من النهار ، ثم يدعو ملك الموت فيقول اقبض روح هذا وما من يوم إلا وملك الموت ينظر في كتاب حياة الإنسان ، قائل يقول ثلاثاً ، وقائل يقول خمساً . وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن مجاهد في الآية قال أما وفاته إياهم بالليل فمنامهم ، وأما { جَرَحْتُم بِٱلنَّهَارِ } فيقول ما اكتسبتم بالنهار { ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ } قال في النهار { لّيَقْضِىَ أَجَلٌ مُّسَمًّى } وهو الموت . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس { وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم } قال ما كسبتم من الإثم . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن السديّ في قوله { وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً } قال هم المعقبات من الملائكة يحفظونه ويحفظون عمله . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن ابن عباس في الآية قال أعوان ملك الموت من الملائكة . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه في قوله { وَهُمْ لاَ يُفَرّطُونَ } يقول لا يضيعون .