Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 95-99)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله { إِنَّ ٱللَّهَ فَالِقُ ٱلْحَبّ وَٱلنَّوَىٰ } هذا شروع في تعداد عجائب صنعه تعالى ، وذكر ما يعجز آلهتهم عن أدنى شيء منه ، والفلق الشق أي هو سبحانه فالق الحبّ فيخرج منه النبات ، وفالق النوى فيخرج منه النوى فيخرج منه الشجر . وقيل معنى { فَالِقُ ٱلْحَبّ وَٱلنَّوَىٰ } الشق الذي فيهما من أصل الخلقة . وقيل معنى { فَالِقُ } خالق ، والنوى جمع نواة يطلق على كل ما فيه عجم كالتمر والمشمش والخوخ . قوله { يُخْرِجُ ٱلْحَىَّ مِنَ ٱلْمَيّتِ } هذه الجملة خبر بعد خبر ، فهي في محل رفع . وقيل هي جملة مفسرة لما قبلها ، لأن معناها معناه ، والأول أولى ، فإن معنى { يُخْرِجُ ٱلْحَىَّ مِنَ ٱلْمَيّتِ } يخرج الحيوان من مثل النطفة والبيضة وهي ميتة . ومعنى { وَمُخْرِجُ ٱلْمَيّتِ مِنَ ٱلْحَىّ } مخرج النطفة والبيضة وهي ميتة من الحيّ ، وجملة { وَمُخْرِجُ ٱلْمَيّتِ مِنَ ٱلْحَىّ } معطوفة على { يُخْرِجُ ٱلْحَىَّ مِنَ ٱلْمَيّتِ } عطف جملة اسمية على جملة فعلية ، ولا ضير في ذلك . وقيل معطوفة على فالق على تقدير أن جملة { يُخْرِجُ ٱلْحَىَّ مِنَ ٱلْمَيّتِ } مفسرة لما قبلها ، والأوّل أولى ، والإشارة بـ { ذلكم } إلى صانع ذلك الصنع العجيب المذكور سابقاً و { ٱللَّهُ } خبره . والمعنى أن صانع هذا الصنع العجيب هو المستجمع لكل كمال ، والمفضل بكل إفضال ، والمستحق لكل حمد وإجلال { فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } فكيف تصرفون عن الحق مع ما ترون من بديع صنعه وكمال قدرته ؟ قوله { فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ } مرتفع على أنه من جملة أخبار « إنّ » في { إِنَّ ٱللَّهَ فَالِقُ ٱلْحَبّ وَٱلنَّوَىٰ } . وقيل هو نعت للاسم الشريف في { ذَلِكُـمُ ٱللَّهُ } ، وقرأ الحسن ، وعيسى بن عمر " فَالِقُ ٱلأَصْبَاحِ " بفتح الهمزة ، وقرأ الجمهور بكسرها ، وهو على قراءة الفتح جمع صبح ، وعلى قراءة الكسر مصدر أصبح . والصبح والصباح أوّل النهار ، وكذا الإصباح ، وقرأ النخعي " فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ " بفعل وهمزة مكسورة . والمعنى في { فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ } أنه شاق الضياء عن الظلام وكاشفه ، أو يكون المعنى على حذف مضاف ، أي فالق ظلمة الإصباح ، وهي الغبش ، أو فالق عمود الفجر عن بياض النهار ، لأنه يبدو مختلطاً بالظلمة ثم يصير أبيض خالصاً . وقرأ الحسن وعيسى بن عمر ، وعاصم وحمزة ، والكسائي { وَجَعَلَ ٱلَّيْلَ سَكَناً } حملاً على معنى { فَالِقُ } عند حمزة والكسائي ، وأما عند الحسن وعيسى فعطفاً على " فلق " . وقرأ الجمهور ، " وجاعل " عطفاً على { فالق } . وقرىء " فالق وجاعل " بنصبهما على المدح . وقرأ يعقوب « وجاعل الليل ساكناً » . والسكن محل السكون ، من سكن إليه إذ اطمأنّ إليه ، لأنه يسكن فيه الناس عن الحركة في معاشهم ، ويستريحون من التعب والنصب . قوله { وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ حُسْبَاناً } بالنصب على إضمار فعل ، أي وجعل الشمس والقمر ، وبالرفع على الابتداء ، والخبر محذوف تقديره والشمس والقمر مجعولان حسباناً ، وبالجرّ عطفاً على الليل على قراءة من قرأ " وجاعل الليل " ، قال الأخفش والحسبان جمع حساب مثل شهبان وشهاب . وقال يعقوب حسبان مصدر حسبت الشيء أحسبه حساباً وحسباناً . والحساب الاسم . وقيل الحسبان بالضم مصدر حسب بالفتح ، والحسبان بالكسر مصدر حسب . والمعنى جعلهما محل حساب تتعلق به مصالح العباد وسيرهما على تقدير لا يزيد ولا ينقص ليدلّ عباده بذلك على عظيم قدرته وبديع صنعه . وقيل الحسبان الضياء ، وفي لغة أن الحسبان النار ، ومنه قوله تعالى { وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ ٱلسَّمَاء } الكهف 40 والإشارة بـ { ذٰلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } إلى الجعل المدلول عليه بجاعل ، أو يجعل على القراءتين . والعزيز القاهر الغالب . والعليم كثير العلم ، ومن جملة معلوماته تسييرهما على هذا التدبير المحكم . قوله { وَهُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْر } أي خلقها للاهتداء بها { فِى ظُلُمَـٰتِ } الليل عند المسير في { ٱلْبَرّ وَٱلْبَحْرِ } وإضافة الظلمات إلى البرّ ، لكونها ملابسة لهما ، أو المراد بالظلمات اشتباه طرقهما التي لا يهتدى فيها إلا بالنجوم ، وهذه إحدى منافع النجوم التي خلقها الله لها ، ومنها ما ذكره الله في قوله { وَحِفْظاً مّن كُلّ شَيْطَـٰنٍ مَّارِدٍ } الصافات 7 . { وَجَعَلْنَـٰهَا رُجُوماً لّلشَّيَـٰطِينِ } الملك 5 ، ومنها جعلها زينة للسماء ، ومن زعم غير هذه الفوائد فقد أعظم على الله الفرية { قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَـٰتِ } التي بيناها بياناً مفصلاً لتكون أبلغ في الاعتبار { لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } بما في هذه الآيات من الدلالة على قدرة الله وعظمته وبديع حكمته . قوله { وَهُوَ ٱلَّذِى أَنشَأَكُم مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ } أي آدم عليه السلام كما تقدّم . وهذا نوع آخر من بديع خلقه الدال على كمال قدرته { فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ } قرأ ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن وأبو عمرو وعيسى والأعرج والنخعي بكسر القاف ، والباقون بفتحها ، وهما مرفوعان على أنهما مبتدآن وخبرهما محذوف ، والتقدير فمنكم مستقرّ أو فلكم مستقرّ ، التقدير الأوّل على القراءة الأولى ، والثاني على الثانية ، أي فمنكم مستقرّ على ظهر الأرض ، أو فلكم مستقرّ على ظهرها ، ومنكم مستودع في الرحم ، أو في باطن الأرض ، أو في الصلب . وقيل المستقرّ في الرحم ، والمستودع في الأرض . وقيل المستقرّ في القبر . قال القرطبي وأكثر أهل التفسير يقولون المستقرّ ما كان في الرحم ، والمستودع ما كان في الصلب . وقيل المستقرّ من خلق ، والمستودع من لم يخلق . وقيل الاستيداع إشارة إلى كونهم في القبور إلى المبعث . ومما يدل على تفسير المستقرّ بالكون على الأرض قول الله تعالى { وَلَكُمْ فِى ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَـٰعٌ إِلَىٰ حِينٍ } البقرة 36 ، وذكر سبحانه هاهنا { يَفْقَهُونَ } وفيما قبله { يَعْلَمُونَ } لأن في إنشاء الأنفس من نفس واحدة وجعل بعضها مستقرّاً وبعضها مستودعاً من الغموض والدقة ما ليس في خلق النجوم للاهتداء ، فناسبه ذكر الفقه لإشعاره بمزيد تدقيق وإمعان فكر . قوله { وَهُوَ ٱلَّذِى أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء } هذا نوع آخر من عجائب مخلوقاته . والماء هو ماء المطر ، وفي { فَأَخْرَجْنَا بِهِ } التفات من الغيبة إلى التكلم ، إظهاراً للعناية بشأن هذا المخلوق وما ترتب عليه ، والضمير في " بِهِ " عائد إلى الماء ، و { نَبَاتَ كُلّ شَىْء } يعني كل صنف من أصناف النبات المختلفة . وقيل المعنى رزق كل شيء ، والتفسير الأوّل أولى . ثم فصل هذا الإجمال فقال { فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً } قال الأخفش أي أخضر . والخضر رطب البقول ، وهو ما يتشعب من الأغصان الخارجة من الحبة . وقيل يريد القمح والشعير والذرة والأرز وسائر الحبوب { نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً } هذه الجملة صفة لـ { خضر } أي نخرج من الأغصان الخضر حباً متراكباً أي مركباً بعضه على بعضه كما في السنابل { وَمِنَ ٱلنَّخْلِ } خبر مقدّم ، و { مِن طَلْعِهَا } بدل منه ، وعلى قراءة من قرأ " يخرج منه حب " يكون ارتفاع { قنوان } على أنه معطوف على حب ، وأجاز الفراء في غير القرآن " قنواناً " عطفاً على { حباً } ، وتميم يقولون قنيان . وقرىء بضم القاف وفتحها باعتبار اختلاف اللغتين لغة قيس ولغة أهل الحجاز . والطلع الكفري قبل أن ينشق عن الإغريض ، والإغريض يسمى طلعاً أيضاً . والقنوان جمع قنو ، والفرق بين جمعه وتثنيته أن المثنى مكسورة النون ، والجمع على ما يقتضيه الاعراب ، ومثله صنوان . والقنو العذق . والمعنى أن القنوان أصله من الطلع . والعذق هو عنقود النخل ، وقيل القنوان الجمار . والدانية القريبة التي ينالها القائم والقاعد . قال الزجاج المعنى منها دانية ومنها بعيدة فحذف ، ومثله { سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ ٱلْحَرَّ } النحل 81 وخصّ الدانية بالذكر ، لأن الغرض من الآية بيان القدر والامتنان ، وذلك فيما يقرب تناوله أكثر . قوله { وَجَنَّـٰتٍ مّنْ أَعْنَـٰبٍ } قرأ محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، والأعمش ، وعاصم في قراءته الصحيحة عنه برفع " جنات " ، وقرأ الباقون بالنصب . وأنكر القراءة الأولى أبو عبيدة ، وأبو حاتم ، حتى قال أبو حاتم هي محال ، لأن الجنات لا تكون من النخل . قال النحاس ليس تأويل الرفع على هذا ، ولكنه رفع بالابتداء ، والخبر محذوف ، أي ولهم جنات كما قرأ جماعة من القراء { وَحُورٌ عِينٌ } الواقعة 22 وقد أجاز مثل هذا سيبويه والكسائي والفراء ، وأما على النصب فقيل هو معطوف على { نَبَاتَ كُلّ شَىْء } أي وأخرجنا به جنات كائنة من أعناب ، أو النصب بفعل يقدّر متأخراً أي وجنات من أعناب أخرجناها ، وهكذا القول في انتصاب الزيتون والرمان . وقيل هما منصوبان على الاختصاص لكونهما عزيزين ، و { مُشْتَبِهاً } منتصب على الحال ، أي كل واحد منهما يشبه بعضه بعضاً في بعض أوصافه ، ولا يشبه بعضه بعضاً في البعض الآخر ، وقيل إن أحدهما يشبه الآخر في الورق باعتبار اشتماله على جميع الغصن وباعتبار حجمه ، ولا يشبه أحدهما الآخر في الطعم ، وقيل خصّ الزيتون والرمان لقرب منابتهما من العرب كما في قول الله سبحانه { أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى ٱلإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ } الغاشية 17 ، ثم أمرهم سبحانه بأن ينظروا نظر اعتبار إلى ثمره إذا أثمر ، وإلى ينعه إذا أينع . والثمر في اللغة جنى الشجر . واليانع الناضج الذي قد أدرك وحان قطافه . قال ابن الأنباري الينع جمع يانع ، كركب وراكب . وقال الفراء أينع احمرّ . قرأ حمزة والكسائي « ثمره » بضم الثاء والميم ، وقرأ الباقون بفتحها ، إلا الأعمش فإنه قرأ " ثمره " بضم الثاء ، وسكون الميم تخفيفاً . وقرأ محمد بن السميفع ، وابن محيصن ، وابن أبي إسحاق « وينعه » بضم الياء التحتية . قال الفراء هي لغة بعض أهل نجد . وقرأ الباقون بفتحها ، والإشارة بقوله { إِنَّ فِى ذٰلِكُمْ } إلى ما تقدّم ذكره مجملاً ومفصلاً { لآيَـٰتٍ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } بالله استدلالاً بما يشاهدونه من عجائب مخلوقاته التي قصها عليهم . وقد أخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس ، في قوله تعالى { إِنَّ ٱللَّهَ فَالِقُ ٱلْحَبّ وَٱلنَّوَىٰ } يقول خلق الحب والنوى . وأخرج عبد الرزاق ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن قتادة قال يفلق الحبّ والنوى عن النبات . وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد قال الشقان اللذان فيهما . وأخرج سعيد بن منصور ، وابن المنذر ، عن أبي مالك نحوه . وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عنه في قوله { يُخْرِجُ ٱلْحَىَّ مِنَ ٱلْمَيّتِ } قال النخلة من النواة والسنبلة من الحبة { وَمُخْرِجُ ٱلْمَيّتِ مِنَ ٱلْحَىّ } قال النواة من النخلة والحبة من السنبلة . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن مجاهد { يُخْرِجُ ٱلْحَىَّ مِنَ ٱلْمَيّتِ وَمُخْرِجُ ٱلْمَيّتِ مِنَ ٱلْحَىّ } قال الناس الأحياء من النطف ، والنطفة ميتة تخرج من الناس الأحياء ، ومن الأنعام والنبات كذلك أيضاً . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قال { فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } أي فكيف تكذبون . وأخرج أيضاً عن الحسن قال أنى تصرفون . وأخرج أيضاً عن ابن عباس في { فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ } قال خلق الليل والنهار . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عنه قال يعني بالإصباح ضوء الشمس بالنهار ، وضوء القمر بالليل . وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن مجاهد في { فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ } قال إضاءة الفجر . وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن قتادة في قوله { فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ } قال فالق الصبح . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله { وَجَاعِلُ ٱلْلَّيْلَ سَكَنا } قال سكن فيه كل طير ودابة . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله { وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ حُسْبَاناً } يعني عدد الأيام والشهور والسنين . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس ، في قوله { وَهُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِى ظُلُمَـٰتِ ٱلْبَرّ وَٱلْبَحْرِ } قال يضلّ الرجل ، وهو في الظلمة والجور عن الطريق . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، والخطيب في كتاب النجوم ، عن عمر بن الخطاب قال تعلموا من النجوم ما تهتدون به في برّكم وبحركم ، ثم أمسكوا ، فإنها والله ما خلقت إلا زينة للسماء ورجوماً للشياطين ، وعلامات يهتدى بها . وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن قتادة نحوه . وأخرج ابن مردويه ، والخطيب ، عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " تعلموا من النجوم ما تهتدون به في ظلمات البرّ والبحر ثم انتهوا " وقد ورد في استحباب مراعاة الشمس والقمر لذكر الله سبحانه لا لغير ذلك أحاديث ، منها عند الحاكم وصححه ، عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أحبّ عباد الله إلى الله الذين يراعون الشمس والقمر لذكر الله " وأخرج ابن شاهين والطبراني ، والحاكم ، والخطيب ، عن عبد الله بن أبي أوفى قال قال رسول الله ، فذكر نحوه . وأخرج أحمد في الزهد ، والخطيب ، عن أبي الدرداء نحوه . وأخرج الخطيب في كتاب النجوم ، عن أبي هريرة نحو حديثه الأوّل مرفوعاً . وأخرج الحاكم في تاريخه ، والديلمي بسند ضعيف ، عن أبي هريرة أيضاً قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثلاثة يظلهم الله في ظله يوم لا ظلّ إلا ظله التاجر الأمين ، والإمام المقتصد ، وراعي الشمس بالنهار " وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن سلمان الفارسي قال « سبعة في ظلّ الله يوم لا ظلّ إلا ظله ، فذكر منهم الرجل الذي يراعي الشمس لمواقيت الصلاة » . فهذه الأحاديث مقيدة بكون المراعاة لذكر الله ، والصلاة ، لا لغير ذلك . وقد جعل الله انقضاء وقت صلاة الفجر طلوع الشمس ، وأوّل صلاة الظهر زوالها ، ووقت العصر ما دامت الشمس بيضاء نقية ، ووقت المغرب غروب الشمس ، وورد في صلاة العشاء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصليها لوقت مغيب القمر ليلة ثالث الشهر ، وبها يعرف أوائل الشهور وأوساطها وأواخرها . فمن راعى الشمس والقمر بهذه الأمور فهو الذي أراده ، ومن راعاها لغير ذلك فهو غير مراد بما ورد . وهكذا النجوم ، وورد النهي عن النظر فيها كما أخرجه ابن مردويه ، والخطيب ، عن عليّ قال نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النظر في النجوم . وأخرج ابن مردويه ، والمرهبي ، والخطيب ، عن أبي هريرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النظر في النجوم . وأخرج الخطيب ، عن عائشة مرفوعاً مثله . وأخرج الطبراني ، وأبو نعيم في الحلية ، والخطيب ، عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا ذكر أصحابي فأمسكوا ، وإذا ذكر القدر فأمسكوا ، وإذا ذكرت النجوم فأمسكوا " وأخرج ابن أبي شيبة ، وأبو داود ، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال قال النبي صلى الله عليه وسلم " من اقتبس علماً من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد " فهذه الأحاديث محمولة على النظر فيها لما عدا الاهتداء والتفكر والاعتبار . وما ورد في جواز النظر في النجوم فهو مقيد بالاهتداء والتفكر والاعتبار كما يدلّ عليه حديث ابن عمر السابق ، وعليه يحمل ما روي عن عكرمة فيما أخرجه الخطيب عنه أنه سأل رجلاً عن حساب النجوم ، فجعل الرجل يتحرّج أن يخبره ، فقال عكرمة سمعت ابن عباس يقول علم عجز الناس عنه ووددت أني علمته . وقد أخرج أبو داود ، والخطيب ، عن سمرة بن جندب ، أنه خطب فذكر حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " أما بعد ، فإن ناساً يزعمون أن كسوف هذه الشمس وكسوف هذا القمر وزوال هذه النجوم عن مواضعها لموت رجال عظماء من أهل الأرض ، وإنهم قد كذبوا ، ولكنها آيات من آيات الله يعتبر بها عباده لينظر ما يحدث لهم من توبة " وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما في كسوف الشمس والقمر عن النبي صلى الله عليه وسلم " إنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، ولكن يخوّف الله بهما عباده " وأخرج ابن مردويه ، عن أبي أمامة مرفوعاً " إن الله نصب آدم بين يديه ، ثم ضرب كتفه اليسرى فخرجت ذريته من صلبه حتى ملئوا الأرض " فهذا الحديث هو معنى ما في الآية ، { وَهُوَ ٱلَّذِى أَنشَأَكُم مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ } . وأخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والحاكم وصححه من طرق عن ابن عباس في قوله { فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ } قال المستقر ما كان في الرحم ، والمستودع ما استودع في أصلاب الرجال والدواب . وفي لفظ المستقر ما في الرحم ، وعلى ظهر الأرض وبطنها مما هو حيّ ومما قد مات . وفي لفظ المستقرّ ما كان في الأرض ، والمستودع ما كان في الصلب . وأخرج عبد الرزاق ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن ابن مسعود في الآية قال مستقرّها في الدنيا ومستودعها في الآخرة . وأخرج سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وأبو الشيخ ، عن ابن مسعود قال المستقرّ الرحم ، والمستودع المكان الذي يموت فيه . وأخرج أبو الشيخ عن الحسن وقتادة في الآية قالا مستقرّ في القبر ، ومستودع في الدنيا ، أوشك أن يلحق بصاحبه . وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن السديّ في قوله { نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً } قال هذا السنبل . وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن البراء بن عازب { قِنْوٰنٌ دَانِيَةٌ } قال قريبة وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس { قِنْوٰنٌ دَانِيَةٌ } قال قصار النخل اللاصقة عذوقها بالأرض . وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عنه قنوان الكبائس ، والدانية المنصوبة . وأخرج ابن أبي حاتم ، عنه أيضاً في { قِنْوٰنٌ دَانِيَةٌ } قال تهدل العذوق من الطلع . وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن قتادة ، في قوله { مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَـٰبِهٍ } قال متشابهاً ورقه مختلفاً ثمره . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن محمد بن كعب القرظي ، في قوله { ٱنْظُرُواْ إِلِىٰ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ } قال رطبه وعنبه . وأخرج أبو عبيد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن البراء { وَيَنْعِهِ } قال نضجه .