Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 101-102)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله { تِلْكَ ٱلْقُرَىٰ } أي التي أهلكناها ، وهي قرى قوم نوح وهود وصالح ولوط وشعيب ، المتقدّم ذكرها . { نَقُصُّ عَلَيْكَ } أي نتلو عليك { مِنْ أَنبَائِهَا } أي من أخبارها . وهذه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين . و { نقصّ } إما في محل نصب على أنه حال ، و { تِلْكَ ٱلْقُرَىٰ } مبتدأ وخبر ، أو يكون في محل رفع على أنه الخبر ، و { ٱلْقُرَىٰ } صفة { لتلك } ، و { من } في { مِنْ أَنبَائِهَا } للتبعيض ، أي نقصّ عليك بعض أنبائها ، واللام في { وَلَقَد جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيّنَـٰتِ } جواب القسم . والمعنى أن من أخبارهم أنها جاءتهم رسل الله ببيناته ، كما سبق بيانه في قصص الأنبياء المذكورين قبل هذا { فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ } عند مجيء الرسل { بِمَا كَذَّبُواْ } به { مِن قَبْلُ } مجيئهم ، أو فما كانوا ليؤمنوا بما جاءتهم به الرسل ، في حال من الأحوال ، ولا في وقت من الأوقات بما كذبوا به قبل مجيئهم ، بل هم مستمرون على الكفر ، متشبثون بأذيال الطغيان دائماً ، ولم ينجع فيهم مجيء الرسل ، ولا ظهر له أثر ، بل حالهم عند مجيئهم كحالهم قبله . وقيل المعنى فما كانوا ليؤمنوا بعد هلاكهم بما كذبوا به لو أحييناهم كقوله { وَلَوْ رُدُّواْ لَعَـٰدُواْ } الأنعام 28 وقيل سألوا المعجزات ، فلما رأوها لم يؤمنوا بما كذبوا به من قبل رؤيتها ، والأوّل أولى ، ومعنى تكذيبهم قبل مجيء الرسل أنهم كانوا في الجاهلية يكذبون بكل ما سمعوا به من إرسال الرسل ، وإنزال الكتب . قوله { كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلْكَـٰفِرِينَ } أي مثل ذلك الطبع الشديد يطبع الله على قلوب الكافرين ، فلا ينجع فيهم بعد ذلك وعظ ولا تذكير ولا ترغيب ولا ترهيب . قوله { وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مّنْ عَهْدٍ } الضمير يرجع إلى أهل القرى المذكورين سابقاً ، أي ما وجدنا لأكثر أهل هذه القرى من عهد ، أي عهد يحافظون عليه ويتمسكون به ، بل دأبهم نقض العهود في كل حال . وقيل الضمير يرجع إلى الناس على العموم ، أي ما وجدنا لأكثر الناس من عهد . وقيل المراد بالعهد هو المأخوذ عليهم في عالم الذرّ . وقيل الضمير يرجع إلى الكفار على العموم من غير تقييد بأهل القرى ، أي الأكثر منهم لا عهد ولا وفاء . والقليل منهم قد يفي بعهده ويحافظ عليه ، و " إن " في { وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَـٰسِقِينَ } هي المخففة من الثقيلة ، وضمير الشأن محذوف ، أي أن الشأن وجدنا أكثرهم لفاسقين ، أو هي النافية . واللام في { لَفَـٰسِقِينَ } بمعنى إلا ، أي إلا فاسقين خارجين عن الطاعة خروجاً شديداً . وقد أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن أبيّ بن كعب ، في قوله { فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ } قال كان في علم الله يوم أقروا له بالميثاق من يكذب به ممن يصدّق به . وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد ، في قوله { فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ } قال مثل قوله { وَلَوْ رُدُّواْ لَعَـٰدُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ } الأنعام 28 . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن الحسن ، في قوله { وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مّنْ عَهْدٍ } قال الوفاء . وأخرج ابن أبي حاتم ، في الآية قال هو ذاك العهد يوم أخذ الميثاق . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، نحوه . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس ، في قوله { وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَـٰسِقِينَ } قال ذاك أن الله إنما أهلك القرى ، لأنهم لم يكونوا حفظوا ما وصاهم به .