Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 65-72)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله { وإلى عاد أخاهم هوداً } أي وأرسلنا إلى قوم عاد أخاهم أي واحداً من قبيلتهم أو صاحبهم ، أو سماه أخاً لكونه ابن آدم مثلهم . وعاد من هو ولد سام بن نوح . قيل هو عاد بن عوص بن إرم بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح ، وهود هو ابن عبد الله بن رباح بن الخلود بن عوص بن إرم بن شالخ ابن أرفخشذ بن سام بن نوح . و { هوداً } عطف بيان { قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إلٰه غيره } . قد تقدّم تفسير هذا قريبا . والاستفهام في { أفلا تتقون } للإنكار . وقد تقدّم أيضاً تفسير الملأ ، والسفاهة الخفة والحمق ، وقد تقدّم بيان ذلك في البقرة . نسبوه إلى الخفة والطيش ولم يكتفوا بذلك حتى قالوا { إنا لنظنك من الكاذبين } مؤكدين لظنهم كذبه فيما ادعاه من الرسالة ، ثم أجاب عليهم بنفي السفاهة عنه . واستدرك من ذلك بأنه رسول ربّ العالمين ، وقد تقدّم بيان معنى هذا قريباً ، وكذلك سبق تفسير { أبلغكم رسالات ربي } وتقدّم معنى الناصح . والأمين المعروف بالأمانة . وسبق أيضاً تفسير { أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم } في قصة نوح التي قبل هذه القصة . قوله { واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح } أذكرهم نعمة من نعم الله عليهم ، وهي أنه جعلهم خلفاء من بعد قوم نوح أي ، جعلهم سكان الأرض التي كانوا فيها ، أو جعلهم ملوكاً . و " إذ " منصوب بـ { اذكر } ، وجعل الذكر للوقت . والمراد ما كان فيه من الاستخلاف على الأرض لقصد المبالغة ، لأن الشيء إذا كان وقته مستحقاً للذكر ، فهو مستحق له بالأولى { وزادكم في الخلق بسطة } أي طولاً في الخلق وعظم جسم ، زيادة على ما كان عليه آباؤهم في الأبدان . وقد ورد عن السلف حكايات عن عظم أجرام قوم عاد . قوله { فاذكروا آلاء الله } الآلاء جمع إِلَى ومن جملتها نعمة الاستخلاف في الأرض ، والبسطة في الخلق وغير ذلك مما أنعم به عليهم ، وكرر التذكير لزيادة التقرير ، والآلاء النعم { لعلكم تفلحون } إن تذكرتم ذلك ، لأن الذكر للنعمة سبب باعث على شكرها ، ومن شكر فقد أفلح . قوله { قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده } هذا استنكار منهم لدعائه إلى عبادة الله وحده ، دون معبوداتهم التي جعلوها شركاء لله ، وإنما كان هذا مستنكراً عندهم لأنهم وجدوا آباءهم على خلاف ما دعاهم إليه . { ونذر ما كان يعبد آباؤنا } أي نترك الذي كانوا يعبدونه ، وهذا داخل في جملة ما استنكروه . قوله { فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين } هذا استعجال منهم للعذاب الذي كان هود يعدهم به ، لشدّة تمرّدهم على الله ، ونكوصهم عن طريق الحق ، وبعدهم عن اتباع الصواب ، فأجابهم بقوله { قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب } جعل ما هو متوقع كالواقع ، تنبيهاً على تحقق وقوعه ، كما ذكره أئمة المعاني والبيان . وقيل معنى وقع وجب . والرجس العذاب . وقيل هو هنا الرين على القلب بزيادة الكفر . ثم استنكر عليهم ما وقع منهم من المجادلة ، فقال { أتجادلونني في أسماء } يعني أسماء الأصنام التي كانوا يعبدونها ، جعلها أسماء ، لأن مسمياتها لا حقيقة لها ، بل تسميتها بالآلهة باطلة ، فكأنها معدومة لم توجد ، بل الموجود أسماؤها فقط { سميتموها أنتم وآباؤكم } أي سميتم بها معبوداتكم من جهة أنفسكم أنتم وآباؤكم ، ولا حقيقة لذلك . { وما نزل الله بها من سلطان } أي من حجة تحتجون بها على ما تدّعونه لها من الدعاوي الباطلة ، ثم توعدهم بأشد وعيد فقال { فانتظروا إني معكم من المنتظرين } أي فانتظروا ما طلبتموه من العذاب ، فإني معكم من المنتظرين له ، وهو واقع بكم لا محالة ، ونازل عليكم بلا شك . ثم أخبر الله سبحانه أنه نجى هوداً ومن معه من المؤمنين به من العذاب النازل بمن كفر به ، ولم تقبل رسالته ، وأنه قطع دابر القوم المكذبين ، أي استأصلهم جميعاً . وقد تقدّم تحقيق معناه ، وجملة { وما كانوا مؤمنين } معطوفة على { كذبوا } أي استأصلنا هؤلاء القوم الجامعين بين التكذبين بآياتنا وعدم الإيمان . وقد أخرج ابن المنذر ، عن ابن عباس ، في قوله { وإلى عاد أخاهم هوداً } قال ليس بأخيهم في الدين ، ولكنه أخوهم في النسب لأنه منهم ، فلذلك جعل أخاهم . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن الربيع بن خيثم قال كانت عاد ما بين اليمن إلى الشام مثل الذرّ . وأخرج ابن عساكر عن وهب قال كان الرجل من عاد ستين ذراعاً بذراعهم ، وكان هامة الرجل مثل القبة العظيمة ، وكان عين الرجل لتفرخ فيها السباع ، وكذلك مناخرهم . وأخرج عبد بن حميد ، عن قتادة قال ذكر لنا أنهم كانوا اثني عشر ذراعاً طولاً . وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، عن ابن عباس قال كان الرجل منهم ثمانين باعاً ، وكانت البرّة فيهم ككلية البقرة ، والرمانة الواحدة يقعد في قشرها عشرة نفر . وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عنه { وزادكم في الخلق بسطة } قال شدة . وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وابن أبي حاتم ، عن أبي هريرة ، قال إن كان الرجل من قوم عاد ليتخذ المصراع من الحجارة ، لو اجتمع عليه خمسمائة من هذه الأمة لم يستطيعوا أن يقلوه ، وإن كان أحدهم ليدخل قدمه في الأرض فتدخل فيها . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن ابن عباس ، في قوله { آلاء الله } قال نعم الله ، وفي قوله { رجس } قال سخط . وأخرج ابن عساكر قال لما أرسل الله الريح على عاد ، اعتزل هود ومن معه من المؤمنين في حظيرة ما يصيبهم من الريح إلا ما تلين عليه الجلود وتلتذ به الأنفس ، وإنها لتمر بالعادي فتحمله بين السماء والأرض ، وتدمغه بالحجارة . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن زيد ، في قوله { وقطعنا دابر الذين كذبوا } قال استأصلناهم . وأخرج البخاري في تاريخه ، وابن جرير ، وابن عساكر ، عن عليّ بن أبي طالب ، قال قبر هود بحضرموت في كثيب أحمر عند رأسه سدرة . وأخرج ابن عساكر ، عن عثمان بن أبي العاتكة ، قال قبلة مسجد دمشق قبر هود . وأخرج أبو الشيخ ، عن أبي هريرة ، قال كان عمر هود أربعمائة سنة واثنتين وسبعين سنة .