Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 15-18)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الزحف الدنوّ قليلاً قليلاً ، وأصله الاندفاع على الإلية . ثم سمي كل ماش في الحرب إلى آخر زاحفاً . والتزاحف التداني والتقارب . تقول زحف إلى العدوّ زحفاً ، وازدحف القوم ، أي مشى بعضهم إلى بعض ، وانتصاب { زحفاً } إما على أنه مصدر لفعل محذوف ، أي تزحفون زحفاً ، أو على أنه حال من المؤمنين ، أي حال كونكم زاحفين إلى الكفار ، أو حال من الذين كفروا ، أي حال كون الكفار زاحفين إليكم ، أو حال من الفريقين ، أي متزاحفين . { فَلاَ تُوَلُّوهُمُ ٱلأدْبَارَ } نهى الله المؤمنين أن ينهزموا عن الكفار إذا لقوهم ، وقد دبّ بعضهم إلى بعض للقتال ، فظاهر هذه الآية العموم لكل المؤمنين في كل زمن ، وعلى كل حال ، إلا حالة التحرّف والتحيز . وقد روي عن عمر ، وابن عمر ، وابن عباس ، وأبي هريرة ، وأبي سعيد ، وأبي نضرة ، وعكرمة ، ونافع ، والحسن ، وقتادة ، وزيد بن أبي حبيب ، والضحاك أن تحريم الفرار من الزحف في هذه الآية مختص بيوم بدر . وأن أهل بدر لم يكن لهم أن ينحازوا ، ولو انحازوا لانحازوا إلى المشركين ، إذ لم يكن في الأرض يومئذ مسلمون غيرهم ، ولا لهم فئة إلا النبي صلى الله عليه وسلم . فأما بعد ذلك فإن بعضهم فئة لبعض . وبه قال أبو حنيفة ، قالوا ويؤيده قوله { وَمَن يُوَلّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ } فإنه إشارة إلى يوم بدر . وقيل إن هذه الآية منسوخة بآية الضعف . وذهب جمهور العلماء إلى أن هذه الآية محكمة عامة غير خاصة ، وأن الفرار من الزحف محرّم ، ويؤيد هذا أن هذه الآية نزلت بعد انقضاء الحرب في يوم بدر . وأجيب عن قول الأوّلين بأن الإشارة في { يَوْمَئِذٍ } إلى يوم بدر بأن الإشارة إلى يوم الزحف كما يفيده السياق ، ولا منافاة بين هذه الآية وآية الضعف . بل هذه الآية مقيدة بها ، فيكون الفرار من الزحف محرماً بشرط ما بينه الله في آية الضعف ، ولا وجه لما ذكروه من أنه لم يكن في الأرض يوم بدر مسلمون غير من حضرها ، فقد كان في المدينة إذ ذاك خلق كثير لم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج ، لأنه صلى الله عليه وسلم ومن خرج معه لم يكونوا يرون في الابتداء أنه سيكون قتال . ويؤيد هذا ورود الأحاديث الصحيحة المصرّحة بأن الفرار من الزحف من جملة الكبائر كما في حديث " اجتنبوا السبع الموبقات " ، وفيه " والتولي يوم الزحف " ونحوه من الأحاديث ، وهذا البحث تطول ذيوله وتتشعب طرقه ، وهو مبين في مواطنه . قال ابن عطية والأدبار جمع دبر ، والعبارة بالدبر في هذه الآية متمكنة في الفصاحة لما في ذلك من الشناعة على الفارّ والذمّ له . قوله { إِلاَّ مُتَحَرّفاً لّقِتَالٍ } التحرف الزوال عن جهة الاستواء . والمراد به هنا التحرّف من جانب إلى جانب في المعركة طلباً لمكائد الحرب ، وخداعاً للعدوّ ، وكمن يوهم أنه منهزم ليتبعه العدوّ ، فيكرّ عليه ويتمكن منه ، ونحو ذلك من مكائد الحرب ، فإن الحرب خدعة . قوله { أَوْ مُتَحَيّزاً إِلَىٰ فِئَةٍ } أي إلى جماعة من المسلمين ، غير الجماعة المقابلة للعدوّ . وانتصاب { متحرّفاً } و { متحيزاً } على الاستثناء من المولين ، أي ومن يولهم دبره إلا رجلاً منهم متحرّفاً أو متحيزاً . ويجوز انتصابهما على الحال ، ويكون حرف الاستثناء لغواً لا عمل له . وجملة { فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مّنَ ٱللَّهِ } جزاء للشرط . والمعنى من ينهزم ويفرّ من الزحف ، فقد رجع بغضب كائن من الله إلاّ المتحرّف والمتحيز . { وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ } أي المكان الذي يأوي إليه هو النار . ففراره أوقعه إلى ما هو أشدّ بلاء مما فرّ منه وأعظم عقوبة . والمأوى ما يأوى إليه الإنسان { وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } ما صار إليه من عذاب النار . وقد اشتملت هذه الآية على هذا الوعيد الشديد لمن يفرّ عن الزحف ، وفي ذلك دلالة على أنه من الكبائر الموبقة . قوله { فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ } الفاء جواب شرط مقدّر ، أي إذا عرفتم ما قصه الله عليكم من إمداده لكم بالملائكة ، وإيقاع الرعب في قلوبهم ، فلم تقتلوهم ولكنّ الله قتلهم بما يسره لكم من الأسباب الموجبة للنصر . قوله { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ } اختلف المفسرون في هذا الرمى على أقوال فروي عن مالك أن المراد به ما كان منه صلى الله عليه وسلم في يوم حنين ، فإنه رمى المشركين بقبضة من حصباء الوادي ، فأصابت كل واحد منهم . وقيل المراد به الرمية التي رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيّ بن خلف بالحربة في عنقه ، فانهزم ومات منها . وقيل المراد به السهم الذي رمى به رسول الله صلى الله عليه وسلم في حصن خيبر ، فسار في الهوى حتى أصاب ابن أبي الحقيق ، وهو على فراشه . وهذه الأقوال ضعيفة ، فإن الآية نزلت عقب وقعة بدر . وأيضاً المشهور في كتب السير والحديث في قتل ابن أبي الحقيق أنه وقع على صورة غير هذه الصورة . والصحيح كما قال ابن إسحاق وغيره ، أن المراد بالرمي المذكور في هذه الآية هو ما كان منه صلى الله عليه وسلم في يوم بدر ، فإنه أخذ قبضة من تراب فرمى بها في وجوه المشركين ، فأصابت كل واحد منهم ودخلت في عينيه ومنخريه وأنفه . قال ثعلب المعنى { وَمَا رَمَيْتَ } الفزع والرعب في قلوبهم { إِذْ رَمَيْتَ } بالحصباء فانهزموا { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ } أي أعانك وأظفرك ، والعرب تقول رمى الله لك ، أي أعانك وأظفرك وصنع لك . وقد حكى مثل هذا أبو عبيدة في كتاب المجاز . وقال محمد بن يزيد المبرد المعنى { وَمَا رَمَيْتَ } بقوّتك { إِذْ رَمَيْتَ } ولكنك بقوّة الله رميت . وقيل المعنى إن تلك الرمية بالقبضة من التراب التي رميتها لم ترمها أنت على الحقيقة ، لأنك لو رميتها ما بلغ أثرها إلا ما يبلغه رمي البشر ، ولكنها كانت رمية الله ، حيث أثرت ذلك الأثر العظيم ، فأثبت الرمية لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأن صورتها وجدت منه ، ونفاها عنه ، لأن أثرها الذي لا يطيقه البشر فعل الله عزّ وجلّ ، فكأن الله فاعل الرمية على الحقيقة ، وكأنها لم توجد من رسول الله صلى الله عليه وسلم أصلاً ، هكذا في الكشاف . قوله { وَلِيُبْلِىَ ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَنًا } البلاء ها هنا النعمة . والمعنى ولينعم على المؤمنين إنعاماً جميلاً . واللام متعلقة بمحذوف ، أي وللإنعام عليهم بنعمه الجميلة فعل ذلك لا لغيره ، أو الواو عاطفة لما بعدها على علة مقدرة قبلها ، أي ولكن الله رمى ، ليمحق الكافرين ، وليبلي المؤمنين منه بلاءً حسناً . { وإِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } لدعائهم ، عليم بأحوالهم . والإشارة بقوله { ذلكم } إلى البلاء الحسن ، وهو في محل رفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف ، أي الغرض { ذٰلِكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ ٱلْكَـٰفِرِينَ } أي إن الغرض منه سبحانه بما وقع مما حكته الآيات السابقة ، إبلاء المؤمنين وتوهين كيد الكافرين . وقيل المشار إليه القتل والرمي . وقد قرىء بتشديد الهاء وتخفيفها مع التنوين ، وقرأ الحسن بتخفيف الهاء مع الإضافة ، والكيد المكر . وقد تقدّم بيانه . وقد أخرج البخاري في تاريخه ، والنسائي ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن نافع ، أنه سأل ابن عمر قال إنا قوم لا نثبت عند قتال عدوّنا ، ولا ندري من الفئة أمامنا أو عسكرنا ؟ فقال لي الفئة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت إن الله يقول { إِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ ٱلأَدْبَارَ } قال إنما نزلت هذه الآية في أهل بدر ، لا قبلها ولا بعدها . وأخرج عبد بن حميد ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والنحاس في ناسخه ، وأبو الشيخ ، والحاكم ، وابن مردويه ، عن أبي سعيد الخدري ، في قوله { وَمَن يُوَلّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ } الآية قال إنها كانت لأهل بدر خاصة . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن عمر بن الخطاب قال لا تغرنكم هذه الآية فإنما كانت يوم بدر ، وأنا فئة لكل مسلم . وأخرج أبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن ابن عباس ، في الآية قال نزلت في أهل بدر خاصة ما كان لهم أن ينهزموا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتركوه . وقد روي اختصاص هذه الآية بأهل بدر عن جماعة من التابعين ومن بعدهم ، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك . وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن سعيد بن جبير ، في قوله { إِلاَّ مُتَحَرّفاً لّقِتَالٍ } يعني مستطرداً يريد الكرّة على المشركين { أَوْ مُتَحَيّزاً إِلَىٰ فِئَةٍ } يعني أو ينجاز إلى أصحابه من غير هزيمة { فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مّنَ ٱللَّهِ } يقول استوجبوا سخطاً من الله { وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } فهذا يوم بدر خاصة ، كان شديداً على المسلمين يومئذ ، ليقطع دابر الكافرين وهو أول قتال قاتل المشركين من أهل مكة . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن الضحاك قال المتحرّف المتقدّم من أصحابه أن يرى عورة من العدوّ فيصيبها . والمتحيز الفارّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكذلك من فرّ اليوم إلى أميره وأصحابه . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وأبو الشيخ ، عن عطاء بن أبي رباح ، في قوله { وَمَن يُوَلّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ } قال هذه الآية منسوخة بالآية التي في الأنفال { ٱلئَـٰنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمْ } الآية الأنفال 66 . وأخرج سعيد بن منصور ، وابن سعد ، وابن أبي شيبة ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، والبخاري في الأدب المفرد ، واللفظ له ، وأبو داود ، والترمذي وحسنه ، وابن ماجه ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والنحاس ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، والبيهقي في شعب الإيمان ، عن ابن عمر قال كنا في غزاة فحاص الناس حيصة ، قلنا كيف نلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد فررنا من الزحف ، وبؤنا بالغضب ؟ فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل صلاة الفجر ، فخرج فقال " من القوم ؟ " فقالنا نحن الفرّارون ، فقال " لا ، بل أنتم العكارون " فقبلنا يده فقال " أنا فئتكم وأنا فئة المسلمين ، ثم قرأ { إِلاَّ مُتَحَرّفاً لّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيّزاً إِلَىٰ فِئَةٍ } " . وقد روي في تحريم الفرار من الزحف ، وأنه من الكبائر أحاديث ، وورد عن جماعة من الصحابة أنه من الكبائر ، كما أخرجه ابن جرير ، عن ابن عباس . وأخرجه ابن أبي شيبة ، عن ابن عمر . وأخرجه ابن أبي شيبة ، وابن أبي حاتم ، عن علي بن أبي طالب . وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد ، في قوله { فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ } قال لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حين قال هذا قتلت وهذا قتلت { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ } قال لمحمد صلى الله عليه وسلم حين حصب الكفار . وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن قتادة ، في قوله { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ } قال رماهم يوم بدر بالحصباء . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه ، عن حكيم بن حزام قال لما كان يوم بدر سمعنا صوتاً من السماء إلى الأرض كأنه صوت حصاة وقعت في طست ، ورمى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك الحصباء وقال " شاهت الوجوه " ، فانهزمنا ، فذلك قوله تعالى { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ } الآية . وأخرج أبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن جابر ، قال سمعت صوت حصيات وقعن من السماء يوم بدر ، كأنهنّ وقعن في طست ، فلما اصطفّ الناس أخذهنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فرمى بهنّ في وجوه المشركين ، فانهزموا . فذلك قوله { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ } . وأخرج الطبراني ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه عن ابن عباس ، في قوله { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ } قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليّ " ناولني قبضة من حصباء " ، فناوله فرمى بها في وجوه القوم ، فما بقي أحد من القوم إلا امتلأت عيناه من الحصباء ، فنزلت هذه الآية { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ } . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن سعيد بن المسيب ، قال لما كان يوم أحد أخذ أبيّ بن خلف يركض فرسه حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واعترض رجال من المسلمين لأبيّ بن خلف ليقتلوه ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " استأخروا " ، فاستأخروا فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حربته في يده ، فرمى بها أبيّ بن خلف ، وكسر ضلعاً من أضلاعه ، فرجع أبيّ بن خلف إلى أصحابه ثقيلاً ، فاحتملوه حين ولوا قافلين ، فطفقوا يقولون لا بأس ، فقال أبيّ حين قالوا له ذلك والله لو كانت بالناس لقتلتهم ، ألم يقل إني أقتلك إن شاء الله ، فانطلق به أصحابه ينعشونه حتى مات ببعض الطريق ، فدفنوه . قال ابن المسيب وفي ذلك أنزل الله { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ } . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن سعيد بن المسيب ، والزهري نحوه ، وإسناده صحيح إليهما ، وقد أخرجه الحاكم في المستدرك . قال ابن كثير وهذا القول عن هذين الإمامين غريب جدّاً ، ولعلهما أرادا أن الآية تتناولهما بعمومها ، وهكذا قال فيما قاله عبد الرحمن بن جبير كما سيأتي . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن عبد الرحمن بن جبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج يؤم ابن أبي الحقيق دعا بقوس فرمى بها الحصن ، فأقبل السهم حتى قتل ابن أبي الحقيق في فراشه ، فأنزل الله { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ } . وأخرج ابن إسحاق ، وابن أبي حاتم ، عن عروة بن الزبير ، في قوله { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ } أي لم يكن ذلك برميتك لولا الذي جعل الله من نصرك وما ألقى في صدور عدوّك حتى هزمهم { وَلِيُبْلِىَ ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَنًا } أي ليعرف المؤمنين من نعمته عليهم في إظهارهم على عدوّهم مع كثرة عدوّهم وقلة عددهم ليعرفوا بذلك حقه ، ويشكروا بذلك نعمته .