Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 19-19)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الاستفتاح طلب النصر ، وقد اختلف في المخاطبين بالآية من هم ؟ فقيل إنها خطاب للكفار تهكماً بهم ، والمعنى إن تستنصروا الله على محمد فقد جاءكم النصر . وقد كانوا عند خروجهم من مكة سألوا الله أن ينصر أحق الطائفتين بالنصر ، فتهكم الله بهم ، وسمى ما حلّ بهم من الهلاك نصراً . ومعنى بقية الآية على هذا القول { وَإِن تَنتَهُواْ } عما كنتم عليه من الكفر والعداوة لرسول الله { فَهُوَ } أي الانتهاء { خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ } إلى ما كنتم عليه من الكفر والعداوة { نَعُدُّ } بتسليط المؤمنين عليكم ، ونصرهم كما سلطناهم ونصرناهم في يوم بدر { وَلَن تُغْنِىَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ } أي جماعتكم { شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ } أي لا تغني عنكم في حال من الأحوال ، ولو في حال كثرتها ، ثم قال { وَأَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } ومن كان الله معه ، فهو المنصور ، ومن كان الله عليه ، فهو المخذول . قرىء بكسر " إن " وفتحها ، فالكسر على الاستئناف ، والفتح على تقدير ولأن الله مع المؤمنين فعل ذلك . وقيل إن الآية خطاب للمؤمنين ، والمعنى إن تستنصروا الله فقد جاءكم النصر في يوم بدر ، وإن تنتهوا عن مثل ما فعلتموه من أخذ الغنائم ، وفداء الأسرى قبل الإذن لكم بذلك ، فهو خير لكم ، وإن تعودوا إلى مثل ذلك نعد إلى توبيخكم ، كما في قوله { لَّوْلاَ كِتَـٰبٌ مّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ } الأنفال 68 الآية ، ولا يخفى أنه يأبي هذا القول معنى { وَلَن تُغْنِىَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً } ويأباه أيضاً { وَأَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } وتوجيه ذلك لا يمكن إلا بتكلف وتعسف . وقيل إن الخطاب في { إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ ٱلْفَتْحُ } للمؤمنين ، وما بعده للكافرين ، ولا يخفى ما في هذا من تفكيك النظم وعود الضمائر الجارية في الكلام على نمط واحد إلى طائفتين مختلفتين . وقد أخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، وابن منده ، والحاكم وصححه ، والبهيقي في الدلائل ، عن ابن شهاب ، عن عبد الله بن ثعلبة بن صغير ، أن أبا جهل قال حين التقى القوم اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا نعرف ، فأحنه الغداة ، فكان ذلك استفتاحاً منه فنزلت { إِن تَسْتَفْتِحُواْ } الآية . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن عطية ، قال قال أبو جهل يوم بدر اللهم انصر أهدى الفئتين ، وأفضل الفئتين ، وخير الفئتين ، فنزلت الآية . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس { إِن تَسْتَفْتِحُواْ } يعني المشركين ، أي إن تستنصروا فقد جاءكم المدد . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن مجاهد { إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ ٱلْفَتْحُ } قال كفار قريش في قولهم ربنا افتح بيننا وبين محمد وأصحابه . ففتح بينهم يوم بدر . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن عكرمة ، في قوله { إِن تَسْتَفْتِحُواْ } قال إن تستقضوا فقد جاءكم القضاء في يوم بدر . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن السندي ، في قوله { وَإِن تَنتَهُواْ } قال عن قتال محمد صلى الله عليه وسلم ، { وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ } قال إن تستفتحوا الثانية أفتح لمحمد { وَأَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } قال مع محمد وأصحابه . وأخرج عبد بن حميد ، عن قتادة { وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ } يقول نعد لكم بالأسر والقتل .