Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 20-23)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أمر الله سبحانه المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله ، ونهاهم عن التولي عن رسوله ، فالضمير في { عَنْهُ } عائد إلى الرسول ، لأن طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي من طاعة الله ، و { مَّنْ يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ٱللَّهَ } النساء 80 ويحتمل أن يكون هذا الضمير راجعاً إلى الله وإلى رسوله ، كما في قوله { وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ } التوبة 62 وقيل الضمير راجع إلى الأمر الذي دلّ عليه { أطيعوا } ، وأصل تولوا تتولوا ، فطرحت إحدى التاءين ، هذا تفسير الآية على ظاهر الخطاب للمؤمنين ، وبه قال الجمهور . وقيل إنه خطاب للمنافقين ، والمعنى يا أيها الذين آمنوا بألسنتهم فقط . قال ابن عطية وهذا وإن كان محتملاً على بعد فهو ضعيف جدّاً ، لأن الله وصف من خاطبه في هذه الآية بالإيمان وهو التصديق . والمنافقون لا يتصفون من التصديق بشيء ، وأبعد من هذا من قال الخطاب لبني إسرائيل ، فإنه أجنبيّ من الآية . وجملة { وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ } في محل نصب على الحال ، والمعنى وأنتم تسمعون ما يتلى عليكم من الحجج والبراهين وتصدقون بها ولستم كالصمّ البكم { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ قَالُواْ سَمِعْنَا } وهم المشركون أو المنافقون أو اليهود أو الجميع من هؤلاء ، فإنهم يسمعون بآذانهم من غير فهم ولا عمل ، فهم كالذي لم يسمع أصلاً لأنه لم ينتفع بما سمعه . ثم أخبر سبحانه { إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابّ } أي ما دبّ على الأرض { عَندَ ٱللَّهِ } أي في حكمه { ٱلصُّمُّ ٱلْبُكْمُ } أي الذين لا يسمعون ولا ينطقون ، وصفوا بذلك مع كونهم ممن يسمع وينطق ، لعدم انتفاعهم بالسمع والنطق { ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ } ما فيه النفع لهم فيأتونه ، وما فيه الضرر عليهم فيجتنبونه ، فهم شرّ الدوابّ عند الله ، لأنها تميز بعض تمييز ، وتفرق بين ما ينفعها ويضرّها . { وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمْ } أي في هؤلاء الصمّ البكم { خَيْرًا لأسْمَعَهُمْ } سماعاً ينتفعون به ، ويتعقلون عنده الحجج والبراهين . قال الزجاج { لاسْمَعَهُمْ } جواب كل ما سألوا عنه . وقيل { لأسْمَعَهُمْ } كلام الموتى الذين طلبوا إحياءهم ، لأنهم طلبوا إحياء قصيّ بن كلاب وغيره ليشهدوا بنبوّة محمد صلى الله عليه وسلم { وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ } لأنه قد سبق في علمه أنهم لا يؤمنون . وجملة { وَهُم مُّعْرِضُونَ } في محل نصب على الحال . وقد أخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد ، في قوله { وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } قال عاصون . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن عليّ بن أبي طالب ، في قوله { إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابّ عِندَ ٱللَّهِ } الآية قال إن هذه الآية نزلت في فلان وأصحاب له . وأخرج الفريابي ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن ابن عباس ، في قوله { إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابّ عِندَ ٱللَّهِ } قال هم نفر من قريش من بني عبد الدار . وأخرج ابن أبي حاتم ، عنه ، في قوله { ٱلصُّمُّ ٱلْبُكْمُ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ } قال لا يتبعون الحق . وأخرج ابن المنذر ، عن ابن جريج ، قال نزلت هذه الآية في النضر بن الحارث وقومه ، ولعله المكنى عنه " بفلان " فيما تقدّم من قول عليّ رضي الله عنه . وأخرج ابن إسحاق ، وابن أبي حاتم ، عن عروة بن الزبير ، في قوله { وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأسْمَعَهُمْ } أي لأنفذ لهم قولهم الذي قالوا بألسنتهم ، ولكنّ القلوب خالفت ذلك منهم . وأخرج أبو الشيخ ، عن عكرمة ، في الآية قال قالوا نحن صمّ عما يدعونا إليه محمد لا نسمعه ، بكم لا نجيبه فيه بتصديق ، قتلوا جميعاً بأحد ، وكانوا أصحاب اللواء يوم أحد .