Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 38-40)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للكفار هذا المعنى . وسواء قاله بهذه العبارة أو غيرها . قال ابن عطية ولو كان كما قال الكسائي إنه في مصحف عبد الله بن مسعود " قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن تَنتَهُواْ " يعني بالتاء المثناة من فوق ، لما تأدّت الرسالة إلا بتلك الألفاظ بعينها . وقال في الكشاف أي قل لأجلهم هذا القول ، وهو { إِن يَنتَهُواْ } ولو كان بمعنى خاطبهم ، لقيل إن تنتهوا يغفر لكم ، وهي قراءة ابن مسعود ، ونحوه { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ } الأحقاف 11 خاطبوا به غيرهم لأجلهم ليسمعوه ، أي إن ينتهوا عما هم عليه من عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتاله بالدخول في الإسلام { يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ } لهم من العداوة . انتهى . وقيل معناه إن ينتهوا عن الكفر ، قال ابن عطية والحامل على ذلك جواب الشرط بـ { يغفر لهم ما قد سلف } ، ومغفرة ما قد سلف لا تكون إلا لمنته عن الكفر . وفي هذه الآية دليل على أن الإسلام يجبّ ما قبله . { وَإِن يَعُودُواْ } إلى القتال والعداوة أو إلى الكفر الذي هم عليه ، ويكون العود بمعنى الاستمرار { فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ ٱلأوَّلِينِ } هذه العبارة مشتملة على الوعيد ، والتهديد والتمثيل بمن هلك من الأمم في سالف الدهر بعذاب الله ، أي قد مضت سنة الله فيمن فعل مثل فعل هؤلاء من الأوّلين من الأمم أن يصيبه بعذاب ، فليتوقعوا مثل ذلك . { وَقَـٰتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ } أي كفر . وقد تقدّم تفسير هذا في البقرة مستوفى { فَإِنِ انْتَهَوْاْ } عما ذكر { فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } لا يخفى عليه ما وقع منهم من الانتهاء { وَإِن تَوَلَّوْاْ } عما أمروا به من الانتهاء { فَٱعْلَمُواْ } أيها المؤمنون { أَنَّ ٱللَّهَ مَوْلاَكُمْ } أي ناصركم عليهم { نِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ } فمن والاه فاز ومن نصره غلب . وقد أخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد ، في قوله { فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ ٱلأَوَّلِينِ } قال في قريش وغيرها يوم بدر ، والأمم قبل ذلك . وأخرج أحمد ، ومسلم ، عن عمرو بن العاص ، قال لما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت ابسط يدك فلأبايعك ، فبسط يمينه فقبضت يدي ، قال " مالك ؟ " قلت أردت أن أشترط ، قال " تشترط ماذا ؟ " قلت أن تستغفر لي ، قال " أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله ، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها ، وأن الحجّ يهدم ما كان قبله " وقد ثبت في الصحيح من حديث ابن مسعود ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " الإسلام يجبّ ما قبله ، والتوبة تجبّ ما قبلها " وقد فسر كثير من السلف قوله تعالى { فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ ٱلأَوَّلِينِ } بما مضى في الأمم المتقدّمة من عذاب من قاتل الأنبياء ، وصمم على الكفر . وقال السديّ ومحمد بن إسحاق المراد بالآية يوم بدر . وفسر جمهور السلف الفتنة المذكورة هنا بالكفر . وقال محمد بن إسحاق بلغني عن الزهري عن عروة ابن الزبير ، وغيره من علمائنا { حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ } حتى لا يفتن مسلم عن دينه .