Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 41-42)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما أمر الله سبحانه بالقتال بقوله { وَقَـٰتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ } الأنفال 38 وكانت المقاتلة مظنة حصول الغنيمة ، ذكر حكم الغنيمة . والغنيمة قد قدّمنا أن أصلها إصابة الغنم من العدوّ ، ثم استعملت في كل ما يصاب منهم ، وقد تستعمل في كل ما ينال بسعي . ومنه قول الشاعر @ وقد طوّفت في الآفاق حتى رضيت من الغنيمة بالإياب @@ ومنه قول الآخر @ ومطعم الغنم يوم الغنم مطعمه أنى توجه والمحروم محروم @@ وأما معنى الغنيمة في الشرع ، فحكى القرطبي الاتفاق على أن المراد بقوله تعالى { وَٱعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مّن شَىْء } مال الكفار إذا ظفر بهم المسلمون على وجه الغلبة والقهر . قال ولا تقتضي اللغة هذا التخصيص ، ولكن عرف الشرع قيد اللفظ بهذا النوع . وقد ادّعى ابن عبد البر الإجماع على أن هذه الآية بعد قوله { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأنفَالِ } الأنفال 1 وأن أربعة أخماس الغنيمة مقسومة على الغانمين ، وأن قوله { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنفَالِ } نزلت حين تشاجر أهل بدر في غنائم بدر على ما تقدّم أوّل السورة . وقيل إنها أعني قوله { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنفَالِ } محكمة غير منسوخة ، وأن الغنيمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وليست مقسومة بين الغانمين ، وكذلك لمن بعده من الأئمة ، حكاه الماوردي عن كثير من المالكية . قالوا وللإمام أن يخرجها عنهم ، واحتجوا بفتح مكة وقصة حنين وكان أبو عبيدة يقول افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنوة ومنّ على أهلها فردّها عليهم ولم يقسمها ولم يجعلها فيئاً . وقد حكى الإجماع جماعة من أهل العلم على أن أربعة أخماس الغنيمة للغانمين . وممن حكى ذلك ابن المنذر ، وابن عبد البر ، والداودي ، والمازري ، والقاضي عياض ، وابن العربي ، والأحاديث الواردة في قسمة الغنيمة بين الغانمين ، وكيفيتها كثيرة جداً . قال القرطبي ولم يقل أحد فيما أعلم أن قوله تعالى { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأنفَالِ } الآية ناسخ لقوله { وَٱعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مّن شَىْء } الآية ، بل قال الجمهور إن قوله { وَٱعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مّن شَىْء } ناسخ ، وهم الذين لا يجوز عليهم التحريف ولا التبديل لكتاب الله . وأما قصة فتح مكة فلا حجة فيها لاختلاف العلماء في فتحها ، قال وأما قصة حنين فقد عوّض الأنصار لما قالوا تعطى الغنائم قريشاً وتتركنا ، وسيوفنا تقطر من دمائهم نفسه ، فقال لهم " أما ترضون أن يرجع الناس بالدنيا وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيوتكم " كما في مسلم وغيره . وليس لغيره أن يقول هذا القول ، بل ذلك خاص به . قوله { أَنَّمَا غَنِمْتُم مّن شَىْء } يشمل كل شيء يصدق عليه اسم الغنيمة . و { مِن شَىْء } بيان لـ " ما " الموصولة ، وقد خصّص الإجماع من عموم الآية الأسارى ، فإن الخيرة فيها إلى الإمام بلا خلاف . وكذلك سلب المقتول إذا نادى به الإمام . وقيل كذلك الأرض المغنومة . وردّ بأنه لا إجماع على الأرض . قوله { فَأَنَّ للَّهِ خُمْسَه } قرأ النخعي " فإَِنَّ للَّهِ " بكسر إن . وقرأ الباقون بفتحها على { أن } أنّ وما بعدها مبتدأ وخبره محذوف ، والتقدير فحق أو فواجب أن لله خمسه . وقد اختلف العلماء في كيفية قسمة الخمس على أقوال ستة الأوّل قالت طائفة يقسم الخمس على ستة فيجعل السدس للكعبة ، وهو الذي لله ، والثاني لرسول الله ، والثالث ، لذوي القربى ، والرابع لليتامى ، والخامس للمساكين ، والسادس لابن السبيل . والقول الثاني قاله أبو العالية والربيع إنها تقسم الغنيمة على خمسة ، فيعزل منها سهم واحد ويقسم أربعة على الغانمين ، ثم يضرب يده في السهم الذي عزله ، فما قبضه من شيء جعله للكعبة ، ثم يقسم بقية السهم الذي عزله على خمسة للرسول ومن بعده الآية . القول الثالث روي عن زين العابدين علي بن الحسين أنه قال إن الخمس لنا ، فقيل له إن الله يقول { وَٱلْيَتَـٰمَىٰ وَٱلْمَسَـٰكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } فقال يتامانا ومساكيننا وأبناء سبيلنا . القول الرابع قول الشافعي إن الخمس يقسم على خمسة ، وإن سهم الله وسهم رسوله واحد يصرف في مصالح المؤمنين ، والأربعة الأخماس على الأربعة الأصناف المذكورة في الآية . القول الخامس قول أبي حنيفة إنه يقسم الخمس على ثلاثة اليتامى ، والمساكين ، وابن السبيل ، وقد ارتفع حكم قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بموته ، كما ارتفع حكم سهمه ، قال ويبدأ من الخمس بإصلاح القناطر وبناء المساجد وأرزاق القضاة والجند . وروي نحو هذا عن الشافعي . القول السادس قول مالك إنه موكول إلى نظر الإمام واجتهاده ، فيأخذ منه بغير تقدير ، ويعطى منه الغزاة باجتهاد ، ويصرف الباقي في مصالح المسلمين . قال القرطبي ، وبه قال الخلفاء الأربعة وبه عملوا ، وعليه يدل قوله صلى الله عليه وسلم " مالي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس ، والخمس مردود عليكم " ، فإنه لم يقسمه أخماساً ولا أثلاثاً ، وإنما ذكر ما في الآية من ذكره على وجه التنبيه عليهم ، لأنهم من أهم من يدفع إليه . قال الزجاج محتجاً لهذا القول قال الله تعالى { يَسْـئَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مّنْ خَيْرٍ فَلِلْوٰلِدَيْنِ وَٱلأقْرَبِينَ وَٱلْيَتَـٰمَىٰ وَٱلْمَسَـٰكِينَ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } البقرة 215 وجائز بإجماع أن ينفق في غير هذه الأصناف إذا رأى ذلك . قوله { وَلِذِى ٱلْقُرْبَىٰ } قيل إعادة اللام في ذي القربى دون من بعدهم ، لدفع توهم اشتراكهم في سهم النبي صلى الله عليه وسلم . وقد اختلف العلماء في القربى على أقوال الأول أنهم قريش كلها ، روي ذلك عن بعض السلف ، واستدلّ بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما صعد الصفا جعل يهتف ببطون قريش كلها قائلاً " يا بني فلان يا بني فلان " وقال الشافعي ، وأحمد ، وأبو ثور ، ومجاهد ، وقتادة ، وابن جريج ، ومسلم ابن خالد هم بنو هاشم وبنو المطلب لقوله صلى الله عليه وسلم " إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد " ، وشبك بين أصابعهوهو في الصحيح . وقيل هم بنو هاشم خاصة ، وبه قال مالك ، والثوري ، والأوزاعي ، وغيرهم ، وهو مروي عن علي بن الحسين ، ومجاهد . قوله { إِن كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِٱللَّه } قال الزجاج عن فرقة إن المعنى فاعلموا أن الله مولاكم إن كنتم آمنتم بالله . وقالت فرقة أخرى إن { إِن } متعلقة بقوله { وَٱعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم } قال ابن عطية وهذا هو الصحيح لأن قوله { وَٱعْلَمُواْ } يتضمن الأمر بالانقياد والتسليم لأمر الله في الغنائم ، فعلق { إن } بقوله { وَٱعْلَمُواْ } على هذا المعنى ، أي إن كنتم مؤمنين بالله فانقادوا وسلموا لأمر الله في الغنائم ، فيما أعلمكم به من حال قسمة الغنيمة . وقال في الكشاف إنه متعلق بمحذوف يدلّ عليه { وَٱعْلَمُواْ } بمعنى إن كنتم آمنتم بالله فاعلموا أنّ الخمس من الغنيمة يجب التقرب به ، فاقطعوا عنه أطماعكم ، واقتنعوا بالأخماس الأربعة ، وليس المراد بالعلم المجرّد ، ولكن العلم المضمن بالعمل والطاعة لأمر الله ، لأن العلم المجرد يستوي فيه المؤمن والكافر . انتهى . قوله { وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا } معطوف على الاسم الجليل أي إن كنتم آمنتم بالله وبما أنزلنا . و { يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ } يوم بدر ، لأنه فرق بين أهل الحق وأهل الباطل . و { الجمعان } الفريقان من المسلمين والكافرين { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَيْء قَدِيرٌ } ومن قدرته العظيمة نصر الفريق الأقلّ على الفريق الأكثر . قوله { إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ ٱلدُّنْيَا وَهُم بِٱلْعُدْوَةِ ٱلْقُصْوَىٰ } قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، ويعقوب ، بكسر العين في العدوة في الموضعين . وقرأ الباقون بالضم فيهما . و " إِذْ " بدل من يوم الفرقان ، ويجوز أن يكون العامل محذوفاً ، أي واذكروا إذ أنتم . والعدوة جانب الوادي . والدنيا تأنيث الأدنى ، والقصوى تأنيث الأقصى ، من دنا يدنو ، وقصا يقصو ، ويقال القصيا ، والأصل الواو . وهي لغة أهل الحجاز ، والعدوة الدنيا كانت مما يلي المدينة ، والقصوى كانت مما يلي مكة . والمعنى وقت نزولكم بالجانب الأدنى من الوادي إلى جهة المدينة ، وعدوّكم بالجانب الأقصى منه مما يلي مكة . وجملة { وَٱلرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ } في محل نصب على الحال ، وانتصاب { أَسْفَلَ } على الظرف ، ومحله الرفع على الخبرية ، أي والحال أنّ الركب في مكان أسفل من المكان الذي أنتم فيه . وأجاز الأخفش والكسائي والفراء رفع أسفل على معنى أشدّ سفلاً منكم ، والركب جمع راكب ، ولا تقول العرب ركب إلا للجماعة الراكبي الإبل ، ولا يقال لمن كان على فرس وغيرها ركب . وكذا قال ابن فارس ، وحكاه ابن السكيت عن أكثر أهل اللغة . والمراد بالركب ها هنا ركب أبي سفيان ، وهي المراد بالعير ، فإنهم كانوا في موضع أسفل منهم مما يلي ساحل البحر . قيل وفائدة ذكر هذه الحالة التي كانوا عليها من كونهم بالعدوة الدنيا وعدوّهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منهم الدلالة على قوّة شأن العدوّ وشوكته . وذلك لأن العدوة القصوى التي أناخ بها المشركون كان فيها الماء ، وكانت أرضاً لا يابس بها . وأما العدوة الدنيا فكانت رخوة تسوخ فيها الأقدام ولا ماء بها . وكانت العير وراء ظهر العدوّ مع كثرة عددهم ، فامتنّ الله على المسلمين بنصرتهم عليهم والحال هذه . قوله { وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي ٱلْمِيعَـٰدِ } أي لو تواعدتم أنتم والمشركون من أهل مكة على أن تلتقوا في هذا الموضع للقتال لخالف بعضكم بعضاً . فثبطكم قلتكم وكثرتهم عن الوفاء بالموعد ، وثبطهم ما في قلوبهم من المهابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم { وَلَـٰكِنِ } جمع الله بينكم في هذا الموطن { لّيَقْضِيَ ٱللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً } أي حقيقاً بأن يفعل من نصر أوليائه وخذلان أعدائه وإعزاز دينه وإذلال الكفر ، فأخرج المسلمين لأخذ العير وغنيمتها عند أنفسهم ، وأخرج الكافرين للمدافعة عنها . ولم يكن في حساب الطائفتين أن يقع هذا الاتفاق على هذه الصفة ، واللام في { لّيَقْضِيَ } متعلقة بمحذوف ، والتقدير جمعهم ليقضي . وجملة { لّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيّنَةٍ ويَحيا مَنْ حَىَّ } بدل من الجملة التي قبلها ، أي ليموت من يموت عن بينة ويعيش عن بينة لئلا يبقى لأحد على الله حجة . وقيل الهلاك والحياة مستعاران للكفر والإسلام ، أي ليصدر إسلام من أسلم عن وضوح بينة ، ويقين بأنه دين الحق ، ويصدر كفر من كفر عن وضوح بينة لا عن مخالجة شبهة . قرأ نافع ، وخلف ، وسهل ، ويعقوب ، والبزي وأبو بكر { مِنْ حيي } بياءين على الأصل وقرأ الباقون بياء واحدة على الإدغام ، وهي اختيار أبي عبيد لأنها كذلك وقعت في المصحف { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ } أي سميع بكفر الكافرين عليم به ، وسميع بإيمان المؤمنين عليم به . وقد أخرج ابن إسحاق ، وابن أبي حاتم ، عن عباد بن عبد الله بن الزبير قال ثم وضع مقاسم الفيء ، فقال { وَٱعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مّن شَىْء } بعد الذي كان مضى من بدر { فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ } إلى آخر الآية . وأخرج عبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والحاكم ، عن قيس بن مسلم الجدلي قال سألت الحسن بن محمد بن عليّ بن أبي طالب ابن الحنفية عن قول الله { وَٱعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مّن شَىْء فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ } قال هذا مفتاح كلام ، لله الدنيا والآخرة { وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى ٱلْقُرْبَىٰ } فاختلفوا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين السهمين . قال قائل منهم سهم ذي القربى لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال قائل منهم سهم ذي القربى لقرابة الخليفة . وقال قائل منهم سهم النبي صلى الله عليه وسلم للخليفة من بعده . واجتمع رأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يجعلوا هذين السهمين في الخيل والعدّة في سبيل الله ، فكان ذلك في خلافة أبي بكر وعمر . وأخرج ابن جرير ، والطبراني ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية فغنموا خمس الغنيمة فضرب ذلك في خمسه ، ثم قرأ { وَٱعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم } الآية ، قال قوله { فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ } مفتاح كلام ، لله ما في السموات وما في الأرض ، فجعل الله سهم الله والرسول واحداً { وَلِذِى ٱلْقُرْبَىٰ } فجعل هذين السهمين قوّة في الخيل والسلاح ، وجعل سهم اليتامى والمساكين وابن السبيل لا يعطيه غيرهم ، وجعل الأربعة الأسهم الباقية للفرس سهماً ولراكبه سهماً ، وللراجل سهماً . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عنه ، قال كانت الغنيمة تقسم على خمسة أخماس فأربعة منها بين من قاتل عليها ، وخمس واحد يقسم على أربعة أخماس . فربع لله وللرسول ولذي القربى ، يعني قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما كان لله وللرسول فهو لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يأخذ النبي من الخمس شيئاً ، والربع الثاني لليتامى ، والربع الثالث للمساكين ، والربع الرابع لابن السبيل ، وهو الضيف الفقير الذي ينزل بالمسلمين . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن أبي العالية ، في قوله { وَٱعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مّن شَىْء } الآية قال كان يجاء بالغنيمة فتوضع ، فيقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على خمسة أسهم ، فيعزل سهماً منها ، ويقسم أربعة أسهم بين الناس ، يعني لمن شهد الوقعة ، ثم يضرب بيده في جميع السهم الذي عزله ، فما قبض عليه من شيء جعله للكعبة ، فهو الذي سمى الله لا تجعلوا لله نصيباً ، فإن لله الدنيا والآخرة ثم يعمد إلى بقية السهم فيقسمه على خمسة أسهم سهم للنبي صلى الله عليه وسلم ، وسهم لذي القربى وسهم لليتامى ، وسهم للمساكين ، وسهم لابن السبيل . وأخرج ابن المنذر ، عن ابن عباس ، قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يجعل سهم الله في السلاح والكراع وفي سبيل الله وفي كسوة الكعبة وطيبها وما تحتاج إليه الكعبة ، ويجعل سهم الرسول في الكراع والسلاح ونفقة أهله ، وسهم ذي القربى لقرابته ، يضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم مع سهمهم مع الناس ، ولليتامى والمساكين وابن السبيل ثلاثة أسهم يضعها رسول الله فيمن شاء حيث شاء ، ليس لبني عبد المطلب في هذه الثلاثة الأسهم ولرسول الله صلى الله عليه وسلم سهم مع سهام الناس . وأخرج ابن أبي حاتم عن حسين المعلم قال سألت عبد الله بن بريدة عن قوله { فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ } فقال الذي لله لنبيه ، والذي للرسول لأزواجه . وأخرج الشافعي ، وعبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، ومسلم ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي في سننه ، عن ابن عباس ، أن نجدة كتب إليه يسأله عن ذوي القربى الذين ذكر الله ، فكتب إليه إنا كنا نرى أناهم فأبى ذلك علينا قومنا ، وقالوا قريش كلها ذوو قربى ، وزيادة قوله وقالوا قريش كلها تفرّد بها أبو معشر . وفيه ضعف . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، من وجه آخر عن ابن عباس أن نجدة الحروري أرسل إليه يسأله عن سهم ذي القربى ، ويقول لمن تراه ؟ فقال ابن عباس هو لقربى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسمه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد كان عمر عرض علينا من ذلك عرضاً رأيناه دون حقنا فرددناه عليهم وأبينا أن نقبله ، وكان عرض عليهم أن يعين ناكحهم وأن يقضي عن غارمهم ، وأن يعطي فقيرهم ، وأبى أن يزيدهم على ذلك . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قال رغبت لكم عن غسالة الأيدي ، لأن لكم في خمس الخمس ما يكفيكم أو يغنيكم . رواه ابن أبي حاتم عن إبراهيم بن مهدي المصيصي حدّثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن حنش عن عكرمة عنه مرفوعاً . قال ابن كثير هذا حديث حسن الإسناد ، وإبراهيم بن مهدي هذا وثقه أبو حاتم . وقال يحيـى بن معين يأتي بمناكير . أخرج ابن إسحاق ، وابن أبي حاتم ، عن الزهري وعبد الله بن أبي بكر ، عن جبير بن مطعم أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قسم سهم ذوي القربى من خيبر على بني هاشم وبني المطلب . قال فمشيت أنا وعثمان بن عفان حتى دخلنا عليه ، فقلنا يا رسول الله هؤلاء إخوانك من بني هاشم لا ننكر فضلهم لمكانك منهم ، أرأيت إخواننا من بني المطلب أعطيتهم دوننا ، فإنما نحن وهم بمنزلة واحدة في النسب ؟ فقال " إنهم لم يفارقونا في الجاهلية والإسلام " وقد أخرجه مسلم في صحيحه . وأخرج ابن مرديه ، عن زيد بن أرقم قال آل محمد الذين أعطوا الخمس آل عليّ ، وآل العباس ، وآل جعفر ، وآل عقيل . وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عباس قال كان للنبي صلى الله عليه وسلم شيء واحد من المغنم يصطفيه لنفسه ، إما خادم وإما فرس ، ثم يصيب بعد ذلك من الخمس . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن مردويه ، عن عليّ قال قلت يا رسول الله ألا وليتني ما خصنا الله به من الخمس ؟ فولانيه . وأخرج الحاكم وصححه عنه قال ولاني رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس الخمس فوضعته مواضعه حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر وعمر . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن ابن عباس ، في قوله { يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ } قال هو يوم بدر ، وبدر ما بين مكة والمدينة . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل ، عن ابن عباس ، في قوله { يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ } قال هو يوم بدر فرق الله فيه بين الحق والباطل . وأخرج ابن مردويه ، عن عليّ بن أبي طالب ، قال كانت ليلة الفرقان ليلة التقى الجمعان في صبيحتها ليلة الجمعة لسبع عشرة مضت من رمضان . وأخرجه عنه ابن جرير أيضاً . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن ابن عباس ، في قوله { إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ ٱلدُّنْيَا } قال العدوة الدنيا شاطىء الوادي { وَٱلرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ } . قال أبو سفيان . وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال العدوة الدنيا شفير الوادي الأدنى ، والعدوة القصوى شفير الوادي الأقصى .