Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 43-44)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
" إذ " منصوب بفعل مقدّر ، أي اذكر أو هو بدل ثان من يوم الفرقان . والمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم رآهم في منامه قليلاً ، فقصّ ذلك على أصحابه ، فكان ذلك سبباً لثباتهم . ولو رآهم في منامه كثيراً ، لفشلوا وجبنوا عن قتالهم وتنازعوا في الأمر ، هل يلاقونهم أم لا ؟ { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ سَلَّمَ } أي سلمهم وعصمهم من الفشل والتنازع ، فقللهم في عين رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام . وقيل عني بالمنام محل النوم ، وهو العين ، أي في موضع منامك وهو عينك ، روي ذلك عن الحسن . قال الزجاج هذا مذهب حسن ، ولكنّ الأوّل أسوغ في العربية لقوله { وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ ٱلْتَقَيْتُمْ فِى أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلّلُكُمْ فِى أَعْيُنِهِمْ } فدلّ بهذا على أن هذه رؤية الالتقاء ، وأن تلك رؤية النوم . قوله { وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ } الظرف منصوب بمضمر معطوف على الأوّل ، أي واذكروا وقت إراءتكم إياهم حال كونهم قليلاً ، حتى قال القائل من المسلمين لآخر أتراهم سبعين ؟ قال هم نحو المائة . وقلل المسلمين في أعين المشركين حتى قال قائلهم إنما هم أكلة جزور ، وكان هذا قبل القتال ، فلما شرعوا فيه كثر الله المسلمين في أعين المشركين ، كما قال في آل عمران { يَرَوْنَهُمْ مّثْلَيْهِمْ رَأْىَ ٱلْعَيْنِ } آل عمران 13 ، ووجه تقليل المسلمين في أعين المشركين هو أنهم إذا رأوهم قليلاً أقدموا على القتال غير خائفين ، ثم يرونهم كثيراً فيفشلون ، وتكون الدائرة عليهم ، ويحلّ بهم عذاب الله وسوط عقابه . واللام في { لّيَقْضِيَ ٱللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً } متعلقة بمحذوف كما سبق مثله قريباً . وإنما كرره لاختلاف المعلل به { وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } كلها يفعل فيها ما يريد ويقضي في شأنها ما يشاء . وقد أخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد ، في قوله { إِذْ يُرِيكَهُمُ ٱللَّهُ فِى مَنَامِكَ قَلِيلاً } قال أراه الله إياهم في منامه قليلاً ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بذلك فكان ذلك تثبيتاً لهم . وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن قتادة ، في قوله { وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ } يقول لجبنتم { وَلَتَنَـٰزَعْتُمْ فِى ٱلأمْرِ } قال لاختلفتم . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس ، في قوله { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ سَلَّمَ } أي أتمّ ، وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عنه { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ سَلَّمَ } يقول سلم لهم أمرهم حتى أظهرهم على عدوّهم . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن ابن مسعود ، في قوله { وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ } الآية قال لقد قلوا في أعيننا يوم بدر حتى قلت لرجل إلى جنبي تراهم سبعين ؟ قال لا بل هم مائة ، حتى أخذنا رجلاً منهم ، فسألناه قال كنا ألفاً . وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن عكرمة ، في الآية قال حضض بعضهم على بعض . قال ابن كثير إسناده صحيح . وأخرج ابن إسحاق عن عباد بن عبد الله بن الزبير في قوله { لّيَقْضِيَ ٱللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً } أي ليلقي بينهم الحرب للنقمة ممن أراد الانتقام منه ، والإنعام على من أراد النعمة عليه من أهل ولايته .