Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 23-24)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الخطاب للمؤمنين كافة ، وهو حكم باق إلى يوم القيامة يدل على قطع الولاية بين المؤمنين والكافرين ، وقالت طائفة من أهل العلم إنها نزلت في الحضّ على الهجرة ورفض بلاد الكفر ، فيكون الخطاب لمن كان من المؤمنين بمكة وغيرها من بلاد العرب ، نهوا بأن يوالوا الآباء والإخوة ، فيكونون لهم تبعاً في سكنى البلاد الكفر إن استحبوا أي أحبوا ، كما يقال استجاب بمعنى أجاب ، وهو في الأصل طلب المحبة ، وقد تقدّم تحقيق المقام في سورة المائدة في قوله تعالى { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ أَوْلِيَاء } المائدة 51 ثم حكم على من يتولى من استحب الكفر على الإيمان من الآباء والإخوان بالظلم . فدلّ ذلك على أن تولي من كان كذلك من أعظم الذنوب وأشدّها ، ثم أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يقول لهم { إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ } إلى آخره ، والعشيرة الجماعة التي ترجع إلى عقد واحد ، وعشيرة الرجل قرابته الأدنون ، وهم الذين يعاشرونه ، وهي اسم جمع . وقرأ أبو بكر وحماد " عشيراتكم " بالجمع . قال الأخفش لا تكاد العرب تجمع عشيرة على عشيرات . وإنما يجمعونها على عشائر . وقرأ الحسن " عشائركم " . وقرأ الباقون { عشيرتكم } والاقتراف الاكتساب ، وأصله اقتطاع الشيء من مكانه ، والتركيب يدور على الدنو . والكاسب يدني الشيء من نفسه ويدخله تحت ملكه ، والتجارة الأمتعة التي يشترونها ليربحوا فيها ، والكساد عدم النفاق لفوات وقت بيعها بالهجرة ومفارقة الأوطان . ومن غرائب التفسير ما روي عن ابن المبارك أنه قال إن المراد بالتجارة في هذه الآية البنات والأخوات ، إذا كسدن في البيت لا يجدن لهنّ خاطباً ، واستشهد لذلك بقول الشاعر @ كسدن من الفقر في قومهن وقد زادهنّ مقامي كسادا @@ وهذا البيت وإن كان فيه إطلاق الكساد على عدم وجود الخاطب لهنّ فليس فيه جواز إطلاق اسم التجارة عليهنّ . والمراد بالمساكن التي يرضونها المنازل التي تعجبهم وتميل إليها أنفسهم ، ويرون الإقامة فيها أحبّ إليهم من المهاجرة إلى الله ورسوله ، و { أحبّ } خبر { كان } أي كانت هذه الأشياء المذكورة في الآية أحبّ إليكم من الله ورسوله ومن الجهاد في سبيل الله { فَتَرَبَّصُواْ } أي انتظروا { حَتَّىٰ يَأْتِىَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِ } فيكم ، وما تقتضيه مشيئته من عقوبتكم ، وقيل المراد بأمر الله سبحانه القتال . وقيل فتح مكة وفيه بعد ، فقد روى أن هذه السورة نزلت بعد الفتح . وفي هذا وعيد شديد ، ويؤكده إبهام الأمر وعدم التصريح به ، لتذهب أنفسهم كل مذهب وتتردّد بين أنواع العقوبات ، { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلْفَـٰسِقِينَ } أي الخارجين عن طاعته ، النافرين عن امتثال أوامره ونواهيه . وقد أخرج ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد ، قال أمروا بالهجرة فقال العباس بن عبد المطلب أنا أسقي الحاج . وقال طلحة أخو بني عبد الدار أنا أحجب الكعبة فلا نهاجر ، فأنزلت { لاَ تَتَّخِذُواْ ءابَاءكُمْ وَإِخْوٰنَكُمْ } الآية . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن مقاتل ، في هذه الآية قال هي الهجرة . وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن قتادة { ٱقْتَرَفْتُمُوهَا } قال أصبتموها . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد ، في قوله { حَتَّىٰ يَأْتِىَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِ } قال بالفتح في أمره بالهجرة ، هذا كل قبل فتح مكة . وأخرج البيهقي من حديث عبد الله بن شوذب قال جعل أبو أبي عبيدة بن الجراح ينعت له الآلهة يوم بدر ، وجعل أبو عبيدة يحيد عنه ، فلما أكثر الجراح قصده ابنه أبو عبيدة فقتله ، فأنزل الله { لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } المجادلة 22 الآية ، وهي تؤكد معنى هذه الآية ، وقد تقدم بيان حكم الهجرة في سورة النساء .