Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 46-49)
Tafsir: an-Nahr al-mādd min al-baḥr al-muḥīṭ
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَوْ أَرَادُواْ ٱلْخُرُوجَ } الآية ، قال ابن عباس : عدة من الماء والزاد والراحلة ، لأن سفرهم بعيد وفي زمان حر شديد . وفي تركهم العدة دليل على أنهم أرادوا التخلف . { وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنبِعَاثَهُمْ } الآية ، قال الزمخشري : فإِن قلت : كيف موقع حرف الاستدراك ؟ قلت : لما كان قوله : ولو أرادوا الخروج ، معطياً معنى نفي خروجهم واستعدادهم للغزو ، قيل : ولكن كره الله انبعاثهم ، كأنه قيل : ما خرجوا ولكنهم تثبطوا عن الخروج لكراهة انبعاثهم ، كما تقول : ما أحسن إليّ زيد ولكن أساء إليّ . " انتهى " . وليست الآية نظيرة هذه المثال لأن المثال واقع فيه لكن بين ضدين ، والآية لكن واقع فيها بين متفقين من جهة المعنى . والانبعاث : الانطلاق والنهوض . قال ابن عباس : فثبطهم كسلهم وفتّر نيّاتهم . { لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً } الآية ، لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب عسكره على ثنية الوداع وضرب عبد الله بن أبيّ عسكره أسفل منها ولم يكن باقل العسكرين ، فلما سار تخلف عنه عبد الله فيمن تخلف فنزلت . والخبال قال ابن عباس : الفساد ومراعاة إخماد الكلمة . وتقدم شرح الخبال في آل عمران . وهذا الاستثناء متصل وهو مفرغ إذ المفعول الثاني لزاد لم يذكر . وقد كان في هذه الغزوة منافقون كثير ولهم لا شك خبال ، فلو خرج هؤلاء لتألبوا فزاد الخبال . { ولأَوْضَعُواْ } الإِيضاع : الاسراع قال الشاعر : @ أرانا موضعين لأمر غيب ونسحر بالطعام والشراب @@ ومفعول أوضعوا محذوف تقديره ولا وضعوا ركائبهم بينكم ، لأن الراكب أسرع من الماشي . والخلال : جمع خلل وهو الفرجة بين الشيئين ، وجلسنا خلال البيوت وخلال الدور أي بينها . ويبغون حال ، أي باغين . والفتنة هي الكفر . { وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ } قال الزمخشري : أي نمامون يسمعون حديثكم فينقلونه إليهم ، أو فيكم قوم يسمعون للمنافقين ويطيعونهم . " انتهى " . فاللام في القول الأول : للتعليل ، وفي الثاني : التقوية التعدية ، كقوله تعالى : { فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ } [ هود : 107 ] . والقول الأول قاله سفيان بن عيينة والحسن ومجاهد وابن زيد قالوا : معناه جواسيس يستمعون الاخبار وينقلونها إليهم . ورجحة الطبري . والقول الثاني قول الجمهور قالوا : معناه وفيكم مطيعون سماعون . { لَقَدِ ٱبْتَغَوُاْ ٱلْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ } الآية ، تقدم ذكر السبب في نزول هذه الآية والتي قبلها من قصة رجوع عبد الله بن أبيّ بأصحابه في هذه الغزاة حقر شأنهم في هذه الآية ، وأخبر أنهم قد يماسعوا على الإِسلام فأبطل الله سعيهم . قال ابن عباس : بَغَوْالك الغوائل . وقال ابن جريج : وقف اثنا عشر رجلاً من المنافقين على الثنية ليلة العقبة كي يفتكوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعنى من قبل ، أي من قبل هذه الغزوة ، وذلك ما كان من حالهم وقت هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجوعهم عنه في أُحد وغيرها ، وتقليب الأمور هو تدبيرها ظهر البطن والنظر في نواحيها وأقسامها والسعي بكل حيلة . { حَتَّىٰ جَآءَ ٱلْحَقُّ } أي القرآن وشريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولفظة جاء مشعرة بأنه كان قد ذهب . { وَظَهَرَ أَمْرُ ٱللَّهِ } وصفه بالظهور لأنه كان كالمستور ، أي غلب وعلا دين الله تعالى . { وَهُمْ كَارِهُونَ } أي لمجيء الحق وظهور دين الله . { وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّي } الآية ، " نزلت في الجد بن قيس ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أمر بالغزو إلى بلاد الروم حرّض الناس فقال للجد بن قيس المنافق : هل لك العام في جلاد بني الأصفر . وقال له وللناس : اغزوا تغنموا بنات الأصفر . فقال الجد : إئذن لي في التخلف ولا تفتني بذكر بنات الأصفر فقد علم قومي أني لا أتمالك عن النساء إذا رأيتهن " ومعنى ولا تفتني بالنساء هذا قول ابن عباس ، والفتنة التي سقطوا فيها هي فتنة التخلف وظهور كفرهم ونفاقهم . ولفظة سقطوا تنبىء عن تمكن وقوعهم فيها .