Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 5-6)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَإِنِّي خِفْتُ ٱلْمَوَالِيَ مِن وَرَآءِى } ؛ أي خِفْتُ العصبةَ وبَنِي العمِّ أن يرِثُوا عِلمي دون مَن كان مِن نَسْلِي ، ويقالُ : خِفْتُهُمْ على الدِّين من ورائي ؛ لأنَّهم كانوا من أشرار بني إسرائيل . قرأ يحيى بن يعمر : ( خَفَّتِ ) بفتحِ الخاء وتشديدِ الفاء ، و ( الْمَوَالِيْ ) بسكون الياء ، يعني ذهَبَتِ الموالِي . وقلتُ : وَقَوْلُهُ تَعَالَى : { مِن وَرَآءِى } أي بعدَ موتِي . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَكَانَتِ ٱمْرَأَتِي عَاقِراً } ؛ أي عَقِيماً من الولدِ ، والرجلُ العَاقِرُ : الذي لا يولَدُ لهُ . وامرأتهُ هي أختُ أُمِّ مرَيم بنت عمرانَ بن ماثان . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً } ؛ أي أعطِني مِن عندك ولداً ، { يَرِثُنِي } ؛ يَرِثُ نبوَّتِي ومكاني { وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ } ؛ العلمَ والنبوَّةَ ، أرادَ بذلك يعقوبَ بنِ ماثان وهم أخوالُ يَحيى ، وبنو ماثان كانوا رؤساءَ بني إسرائيل ، وليسَ يعقوبُ هذا أبو يوسفَ . قرأ أبو عمرو والكسائي : ( يَرِثُنِي وَيَرِثْ ) بالجزمِ فيهما على جواب الدُّعاء ، وقرأ الباقون برفعهما على الحالِ والصِّفة . وَقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَلِيّاً } أي وَالِياً . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً } ؛ أي وَفِّقْهُ للعملِ حتى يصيرَ مِمَّن ترضاهُ . وقال أبو صالِح : ( مَعْنَاهُ : وَاجْعَلْهُ رَب نَبيّاً كَمَا جَعَلْتَ أبَاهُ ) . وَقِيْلَ : إجْعَلْهُ صالِحاً تقيّاً بَرّاً مرْضِيّاً . وذهبَ بعضُ المفسِّرين أنَّ معنى قَوْلُهُ تَعَالَى { يَرِثُنِي } أي يرِثُ مالِي ، إلاّ أنَّ حملَ الآية على ميراثِ العلم أولَى ؛ لأن الأنبياءَ كانوا لا يَشُحُّونَ بالمالِ ، ولا يتنافسونَ على مصيرِ المال بعد موتِهم إلى مستحقِّهِ ؛ ولأنه قال ( وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) ولَم يُرِدْ بذلكَ المالَ ، ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ : " إنَّا - مَعْشَرَ الأنْبيَاءِ - لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةً " وإنَّما دعاءُ زكريا بالولدِ لِيَلِيَ أمورَ الدِّين بعدَهُ ؛ لخوفهِ من بَنِي أعمامهِ أن يبدِّلوا دِيْنَهُ بعدَ وفاته ، وخافَ أن يستولُوا على علومهِ وكُتُبهِ فيحرِّفُونَها ، ويواكلونَ الناس بها ، ويفسدون دِيْنَهُ ، ويصدُّون الناسَ عنه .