Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 17-17)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَحُشِرَ لِسْلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْس وَٱلطَّيْرِ } ؛ أي جُمِعَ له من كلِّ جهةٍ جماعةٌ من الجنِّ والإنس والطَّيرِ . والْحَشْرُ : جمعُ الْخَلْقِ من موضعٍ إلى موضع ، ومنهُ الْمَحْشَرُ لِعَرَصَاتِ يَوْمَ القيامةِ . قال ابنُ عبَّاس : ( كَانَ مُعَسْكَرُ سُلَيْمَانَ مِائَةُ فَرْسَخٍ ، خَمْسَةٌ وَعُشْرُونَ فَرْسَخاً لِلإنْسِ ، وَخَمْسَةٌ وَعُشْرُونَ فَرْسَخاً لِلجِنِّ ، وَخَمْسَةٌ وَعُشْرُونَ فرْسَخاً لِلسِّبَاعِ ، وَخَمْسَةٌ وَعُشْرُونَ فرْسَخاً لِلطَّيْرِ ) . ووجهُ تسخيرِ الطَّير له أنَّ الله زادَ في عقُولِها حتى كانت تفهمُ ما يقالُ ويراد منها ، وتقبلُ الأدَبَ وتخافُ وتحذر ، وكان لسليمانَ عليه السلام ألفُ بيتٍ من قَوَاريْرَ على الخشب ، فيها ثَلاثُمائة صريحة ، وسَبْعُمائة سَرِيَّةٍ ، فيأمرُ الرِّيحَ العاصفَ فترفعه ، ويأمرُ الرَّحا فتسيرُ به ، فأوحَى اللهُ وهو يسيرُ بين السَّماء والأرضِ : أنِّي قَدْ زدْتُ فِي مُلْكِكَ أنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ أحَدٌ مِنَ الْخَلاَئِقِ إلاَّ جَاءَتْ بهِ الرِّيْحُ فَأَخْبَرَتْكَ بهِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَهُمْ يُوزَعُونَ } ؛ قال قتادةُ : ( كَانَ عَلَى كُلِّ صِنْفٍ مِنْ جُنُودِهِ وَزْعَة تَرِدُ أُوْلاَهُمْ عَلَى آخِرِهِمْ لِيَجْتَمِعُواْ وَيَتَلاَحَقُواْ ) وهو من الوَزْعِ الذي هو الكَفُّ ، يقالُ : وَزَعْتُهُ أزَعُهُ وَزْعاً ، والشَّيْبُ وَازعٌ ؛ أي مانعٌ . قال الليثُ : ( وَالْوَازعُ فِي الْحَرْب الْمُوَكَّلُ بالصُّفُوفِ يَزَعُ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْهُمْ ) . ومعنى الآيةِ : { فَهُمْ يُوزَعُونَ } أي كان يُحْبَسُ أوَّلُهم على آخرِهم ليتلاَحقُوا ، وكانوا يجتمعونَ ويتفرَّقون ويقومون في مسِيرِهم على مراتِبهم . وَالإيْزَاعُ هو المنعُ من الذهاب ، والوَازعُ هو القَيِّمُ بأَمْرِ الْجَيْشِ ، ومن ذلكَ قولُ الحسنِ : ( لاَ بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ وَزْعَةٍ ) أي مِن سُلْطَانٍ يَكُفُّهُمْ ، ويقالُ : لا بدَّ للسُّلطانِ من وَزْعَةٍ ؛ أي مَن يَمْنَعُ الناسَ عنهُ . وأصلُ الوَزْعِ الكَفُّ والْمَنْعُ ، ومنهُ الحديثُ : " إنَّ اللهَ لَيَزَعُ بالسُّلْطَانِ أكْثَرَ مِمَّا يَزَعُ بالْقُرْآنِ " .