Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 18-19)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { حَتَّىٰ إِذَآ أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمْلِ } ؛ أي سَارُوا جميعاً حتَّى إذا وصَلُوا إلى وادٍ كثيرِ النَّمل ، قال كعبٌ : ( هُوَ وَادٍ بالطَّائِفِ ) ، وقال قتادةُ ومقاتل : ( هُوَ بالشَّامِ ) ، { قَالَتْ نَمْلَةٌ } ؛ لأصحابها على وَجْهِ التَّحذيرِ : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ } ؛ أي منَازلَكم ، { لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ } ؛ أي لا يَكْسِرَنَّكُمْ سليمانُ وجنودهُ ، { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } ؛ بذلكَ ؛ أي وهم لا يَعْلَمُونَ بحَطْمِكُمْ ووَطْئِكُمْ ، فطارَتِ الريحُ بكلامِ النَّملةِ ، فأدخلتْهُ في أُذُنِ سُليمانَ عليه السلام ليسمَعَها ، { فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا } ؛ وكان أكثرُ ضَحِكِ الأنبياءِ عَلَيْهِمْ السَّلاَمُ التَّبَسُّمُ . ونُصِبَ قَوْلُهُ تَعَالَى : { ضَاحِكاً } على الحالِ ، وسببُ ضَحِكِهِ مِن قَوْلِها التعجُّبُ ، وذلك أنَّ الإنسانَ إذا رأى ما لا عَهْدَ له بِهِ عَجِبَ وضَحِكَ . قال مقاتلُ : ( ثُمَّ حَمَدَ رَبَّهُ حِيْنَ عَلَّمَهُ مَنْطِقَ الطَّيْرِ ، وَسَمِعَ كَلاَمَ النَّمَْلَةِ ) { وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ } ؛ يقالُ : فلانٌ مُوزَعٌ بكَذا ؛ أي مُولَعٌ بهِ ، وَقِيْلَ : معناهُ : وَفِّقْنِي أنْ أشْكُرَ نِعْمَتَكَ ، { ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ } وَ ، وَفِّقْنِي ، { وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ ٱلصَّالِحِينَ } ؛ في الآخرةِ . فإن قِيْلَ : بَماذا عرفَتِ النملةُ سليمانَ ، وعلى أيِّ سبيلٍ كانت معرفتُها بهِ ؟ قُلْنَا : إنَّها كانت مأمورةً بطاعتهِ ، فلا بدَّ أن تعرفَ مَن أُمِرَتْ بطاعتهِ ، ولا يمنع أنْ تعرفَ الدوابُّ والبهائمُ هذا الضربَ ، كما تعرفُ كثيراً من منافعِها ومضارِّها ، والنملةُ فيها من الفَهْمِ فوقَ هذا ، فإنَّا نشاهدُ صُنْعَهَا في إدخالِ رزْقِهَا وحفظهِ وتعهُّدهِ ، حتى إنَّها تكسرُ ما تجمعهُ من الحبوب نصفَين نصفين لئَلاَّ تَنْبُتَ ، إلاَّ اللُّوَيْزَةَ فإنَّها تكسِرُها أربعَ قِطَعٍ ؛ لأنَّها إذا كسرَتْها نِصفَين تنبتُ ، فالذي هَدَاها إلى هذهِ الأمور هو الذي ألْهَمَهَا معرفةَ سُليمانَ عليه السلام .