Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 20-20)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَتَفَقَّدَ ٱلطَّيْرَ } ؛ أي طَلَبَهَا وبحثَ عنها ، والطَّيْرُ اسمٌ جامع للجِنْسِ ، وكانت الطيرُ تَصْحَبُ سليمانَ في سفرهِ ، تُظِلُّهُ بأجنِحَتها . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَقَالَ مَالِيَ لاَ أَرَى ٱلْهُدْهُدَ } ؛ أي قال : مَا الْهُدْهُدُ لا أراهُ أعْيُناً ؛ أي لَحِظْتُهُ فلم تَرَهُ بين الطيرِ ، { أَمْ كَانَ مِنَ ٱلْغَآئِبِينَ } . واختلَفُوا في سبب تفقُّدهِ عن حالِ الْهُدْهُدِ . قال ابنُ عبَّاس : ( كَانَ الْهُدْهُدُ يَرَى الْمَاءَ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ كَمَا تَرَاهُ مِنَ الزُّجَاجِ . وَكَانَ سُلَيْمَانُ إذا احْتَاجَ إلَى الْمَاءِ فِي مَسِيْرِهِ ، أمَرَ الْهُدْهُدَ حَتَّى يَنْظُرَ إلَى أقْرَب مَوْضِعٍ مِنَ الْمَاءِ ، فَاحْتَاجَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ إلَى الْمَاءِ ، فَلِذلِكَ تَعَرَّفَ عَنْ حَالِ الْهُدْهُدِ ) . قال عكرمةُ : قُلْتُ : يَا ابْنَ عَبَّاس ؛ كَيْفَ يَرَى الْهُدْهُدُ الْمَاءَ وَإنَّ صَيَّادَتَنَا يَأْخْذُونَهُ بالْفَخِّ فَلاَ يَرَى الْخَيْطَ وَالشَّبَكَةَ ؟ ! قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : ( مَا ألْقَى هَذِهِ الْكَلِمَةَ عَلَى لِسَانِكَ إلاَّ الشَّيْطَانُ ، أمَا تَعْلَمُ أنَّهُ إذا جَاءَ الْقَدَرُ ذهَبَ الْبَصَرُ ) . وعن سعيدِ بن جُبير : ( أنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ تَفَقُّدِ سُلَيْمَانَ الْهُدْهُدَ ، فَقَالَ : لأَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ مَسَافَةَ الْمَاءِ . وَأنَّ الصَّبيَّ يَضَعُ لَهُ الْفَخَّ فَيُغَطِّي عَلَيْهِ بشَيْءٍ مِنَ التُّرَاب فَيَجِيْءُ فَيَقَعُ فِيْهِ ، فَقَالَ : وَيْحَكَ ! أمَا عَلِمْتَ أنَّ الْقَدَرَ يَحُولُ دُونَ الْبَصَرِ ) . ورُوي أنه قالَ : ( إذا نَزَلَ القضاءُ والقَدَرُ ذهَبَ اللُّبُّ وعَمِيَ البصرُ ) . وقال وهبُ : ( كَانَ سَبَبُ تَفَقُّدِهِ لَهُ لإخْلاَلِهِ بالنَّوْبَةِ ، كَمَا يَتَعَرَّفُ الْوَالِي عَنْ رَعِيَّتِهِ ) ، ويقالُ : كانتِ الطيرُ تُظِلُّهُ من الشَّمسِ ، كانت تقفُ في الهواءِ مصطَّفةً موصولةَ الأجنحةِ ومتقاربةً ، فلما أخْلَى الهدهدُ بمكانهِ بَانَ ذلك لوقوعِ الشَّمسِ عليه ، فلذلكَ تعرَّفَ عن حالهِ .