Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 15-17)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَدَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ } ؛ أي دخلَ مُوسَى مدينةَ فرعون وهي مدينةٌ يقالُ لَها منف ، وكانت مِن مِصْرَ على فَرْسَخَيْنِ . وقولهُ تعالى : { عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا } ، قال ابنُ عبَّاس : ( فِي وَقْتِ الظَّهِيْرَةِ عِنْدَ الْمَقِيْلِ وَقَدْ خَلَتِ الطُّرُقُ ) . وَقِيْلَ : دخلَها بين المغرب والعِشَاء ، وَقِيْلَ : دخلَها يومَ عيدِهم وكانوا مشغولِين عن موضعِ مدينَتِهم باللَّهْوِ واللَّعب ، { فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَـٰذَا مِن شِيعَتِهِ } ؛ أي مِن بَنِي إسرائيلَ ، { وَهَـٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ } ؛ أي من القِبْطِ ، وكان القبطيُّ يُسَخِّرُ الإسرائيليَّ ليحمِلَ له حَطَباً إلى مَطبَخِ فرعون ، والإسرائيليُّ يَأْبَى ذلكَ ، { فَٱسْتَغَاثَهُ ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِ } ؛ أي اسْتَنْصَرَهُ الإسرائيليُّ ، { عَلَى ٱلَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ } ، على القِبْطِيِّ ، { فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ } ؛ أي ضَرَبَهُ بجمعِ كفِّهِ في صدرهِ ، { فَقَضَىٰ عَلَيْهِ } ؛ أي قَتَلَهُ فوقعَ القبطيُّ مَيِّتاً . وكلُّ شيءٍ فَرَغْتَ منهُ وأتْمَمْتَهُ فقد قَضَيْتَ عليهِ وقَضَيْتَهُ ، والوَكْزُ : الضَّرْبُ بجمعِ الكَفِّ . وكان مُوسَى عليه السلام قد أُوْتِيَ بَسْطَةً في الْخَلْقِ وشدَّةَ القوةِ والبطش ، وكان مِن نِيَّةِ موسى أنه لا يريدُ قَتْلَهُ ولَم يتعمَّدْ هَلاكَهُ ، بل قَال له أوَّلاً : خَلِّ سَبيْلَهُ ، فقال : إنَّما أريدهُ ليحمِلَ الحطبَ إلى مطبخِ فرعونَ ، { فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ } أي قَتَلَهُ وفَرَغَ من أمرهِ ، والوَكْزُ واللَّكْزُ وَالْهَز بمعنى واحدٍ وهو الدَّفْعُ ، ويقالُ : وَكَزَهُ بعَصَاهُ . فَلَمَّا قَتَلَهُ موسَى عليه السلام نَدِمَ على قتلهِ وقالَ : لَمْ أدْر بهذا ، ثُم دفعَهُ في الرَّمْلِ ، { قَالَ هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ } ؛ لأنِّي كنتُ لا أريدُ قَتْلَهُ ، ولكن هَيَّجَ الشيطانُ حَرْبي حتى ضربتهُ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ } ؛ أي عَدُوٌّ لبَنِي آدمَ مُضِلٌّ له مُبيْنٌ عداوتَهُ لَهم . ثُم استغفرَ مُوسَى رَبَّهُ فـ { قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي } ؛ بقَتْلِ القبطيِّ قَبْلَ وُرودِ الأمرِ والإذنِ لِي فيهِ ، { فَٱغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } قَوْلُهُ تَعَالَى : { قَالَ رَبِّ بِمَآ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِّلْمُجْرِمِينَ } ؛ أي بما أنعمتَ عليَّ بالمغفرةِ والحِلْمِ والعلمِ فلن أكونَ عَوْناً للكافرينَ ، وهذا يدلُّ على أنَّ الإسرائيليَّ الذي أعانَهُ موسى كان كَافِراً .