Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 7-7)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ } ؛ لَم يُرِدْ بالوحي وحيَ الرِّسالة ، وإنَّما أراد الإلْهَامَ كما في قولهِ تعالى { وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَىٰ ٱلنَّحْلِ } [ النحل : 68 ] . ويقالُ : أرَاهَا اللهُ في المنامِ فعرفته بتفسير الرُّؤيا . وقال بعضُهم : أتاها ملائكةٌ خاطَبُوها بهذا الكلامِ . واسمُ أُمِّ موسى نُوخَابدُ بنتُ لاَوي بنِ يعقوبَ . قال وهبُ بن منبه : ( لَمَّا حملَتْ أُمُّ موسَى بموسَى كتَمَتْ أمرَها عن جميعِ النَّاسِ فلم يطَّلِعْ على حَملِها أحدٌ مِن خلقِ الله تعالى ، فلما كانت السَّنةُ التي ولِدَ فيها موسَى بَعَثَ فرعون القوابلَ يُفَتِّشْنَ النساء ، وحَمَلتْ أمُّ موسى ولَم يَنْتَأْ بطنُها ، ولَم يتغيَّر لونُها ، ولَم يظهر لبَنُها ، وكانت القوابلُ لا تتعرضُ لَها ، فلما كانت الليلةُ التي وُلِدَ فيها ولدَتْهُ أُمُّهُ ولا رقيبَ عليها ولا قابلةَ ، لَم يَطَّلِعْ عليه أحدٌ إلاّ أختهُ ) . ثُم أوحَى اللهُ إليها : أنْ أرْضِعِيْهِ ، { فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي ٱليَمِّ } ؛ قال : فكتمَتْهُ ثلاثةَ أشهُرٍ ترضعهُ في حِجرِها لا يبكِي ولا يتحرك ، فلما خافَتْ عليه عمِلَتْ له تَابُوتاً مطبقاً ومهدت له فيه ، ثم ألقتْهُ في البحرِ ليلاً كما أمرَها اللهُ ، فلما أصبحَ فرعونُ جلسَ في مجلسهِ على شاطئِ النِّيلِ ، فبَصُرَ بالتابوتِ ، فقالَ لِمن حولَهُ : ائْتُونِي بهذا التابوتِ ، فأتَوا به ، فلما وُضِعَ بين يديه فتحوهُ ، فوجدوا فيه موسَى ، فلما نَظَرَ إليه فرعونُ إغتاظَ وقالَ : كيف أخطأَ هذا الغلامَ الذبحُ ؟ ! وكان لفرعونَ امرأةٌ يقال لَها آسيَةُ مِن خِيَار النِّساءِ من بنات الأنبياءِ ، وكانت أُمّاً للمسلمينَ ترحَمُهم وتتصدَّقُ عليهم ، فقالت لفرعونَ وهي قاعدةٌ إلى جَنبهِ : هذا الولدُ أكبرُ من ولد سنةٍ وأنتَ إنَّما أمَرتَ أن تذبحَ الولْدَانَ بهذه السَّنةِ ، فدَعْهُ يكون قُرَّةَ عَيْنٍ لِي ولكَ ، لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَى أنْ يَنْفَعَنَا أوْ نَتَّخِذهُ وَلَداً ، فقال فرعونُ لَها : عسَى أن ينفعَكِ ، فأما أنَا فلا أريدُ نفعَهُ . قال وهبُ : ( لو قالَ فرعون كما قالَتِ امرأتهُ : عَسَى أنْ يَنْفَعَنَا ؛ لنفعَهُ اللهُ به ، ولكنه أبَى أن يقولَ للشَّقاءِ الذي كتبَهُ الله عليهِ ، فتركَهُ فرعونُ ولَمْ يَقتُلْهُ ) قَوْلُهُ تَعَالَى : { أَنْ أَرْضِعِيهِ } أي أرْضِعِيهِ ما لَم تَخَافِي عليه الطلبَ ، فإذا خِفْتِ عليه الطلبَ { فَأَلْقِيهِ فِي ٱليَمِّ } أي في البحرِ ، فقالت : يَا رَب ، إنِّي أخافُ عليه حِيتَانَ البحرِ ، فَأُمِرَتْ أنْ تجعلَهُ في تابوتٍ مُقَيَّرٍ ، فذهبت إلى النَّجَّارِ ، فَأَمرَتْهُ أن يصنعَ لَها تابوتاً على قدرهِ ، فعرفَ ذلك فذهبَ إلى الْمُوَكَّلِيْنَ بذبحِ بني إسرائيل لِيُخبرَهم بذلك ، فلما انتهَى إليهم أُعْقِلُ لسانهُ فلم يُطِقِ الكلامَ ، فجعلَ يشيرُ بيدهِ فلم يفهَمُوا ، فقال كبيرُهم : اضْرِبُوهُ ؛ فضربوهُ وأخرَجوهُ ، فلما انتهَى النجَّارُ إلى موضعهِ رَدَّ اللهُ عليه لسانَهُ ، فرجعَ إليهم ليخبرَهم فاعتقَلَ لسانهُ ، فجعلَ يشيرُ إليهم بيدهِ ، فلم يَفْهَمُوهُ فضربوهُ ، ففعلَ ذلك ثلاثَ مرَّاتٍ ، فعرفَ أنه من عندِ الله تعالى ، فَخَرَّ للهِ ساجداً وأسلَمَ ، ثُم صَنَعَ التابوتَ وسَلَّمَهُ إلى أُمِّ موسى فوضعتْهُ فيه وألْقَتْهُ في النِّيلِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِيۤ } ؛ أي لاَ تَخافِي من الغرقِ والْهَلاَكِ ، ولا تَحزَنِي لفراقهِ ، { إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } ؛ إلى فرعونَ وقومهِ .