Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 31, Ayat: 15-15)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا } ؛ أي أجْهَدَا عليكَ لتُشرَكَ بي جَهلاً بغيرِ علمٍ فَلاَ تُطِعْهُمَا ، فإنَّ حقَّهما وإنْ عَظُمَ فليس بأعظمَ من حقِّي . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَصَاحِبْهُمَا فِي ٱلدُّنْيَا مَعْرُوفاً } ؛ قال صلى الله عليه وسلم : " حُسْنُ الْمُصَاحَبَةِ أنْ تُطْعِمْهُمَا إذَا جَاعَا ، وَتَكْسُوهُمَا إذَا عَرِيَا ، وَعَاشِرْهُمَا عِشْرَةً جَمِيْلَةً " { وَٱتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ } ؛ أي واتَّبع طريقَ مَن رجعَ إلَيَّ ؛ أي مَنْ سَلَكَ طريقَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وأصحابهِ . والمعنى : واتَّبعِ دِينَ من أقبل إلى طَاعَتِي وهو النبيُّ صلى الله عليه وسلم . وقال عطاءُ عن ابنِ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ : ( يَعْنِي أبَا بَكْرٍ الصِّدِّيْقَ رضي الله عنه أنَّهُ حِيْنَ أتَاهُ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَسَعْدُ بْنُ أبي وَقَّاصٍ وَسَعِيْدُ بْنُ زَيْدٍ وَعُثْمَانُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ فَقَالُواْ : يَا أبَا بَكْرٍ آمَنْتَ وَصَدَّقْتَ مُحَمَّداً ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَأَتَواْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَآمَنُواْ بهِ وَصَدَّقُواْ ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى يَقُولُ لِسَعْدٍ : ( وَاتَّبعْ سَبيْلَ مَنْ أنَابَ إلَيَّ ) يَعْنِي أبَا بَكْرٍ الصِّدِّيْقَ رضي الله عنه ) . ويستدلُّ مِن قولهِ تعالى { وَصَاحِبْهُمَا فِي ٱلدُّنْيَا مَعْرُوفاً } على أنَّ الابنَ لا يستحقُّ القَوَدَ على أبيهِ ، ولا يُحَدُّ الأبُ بقَذفَةِ الابنِ ، ولا يحبسُ الأبُ بدَينِ الابنِ ، لأن في إيجاب القَوَدِ والحدِّ والحبسِ له عليه ما يُنافِي مُصَاحبتَهما . وعن أبي يوسفَ : ( أنَّ الْقَاضِي يَأْمُرُ الأبَ بقَضَاءِ دَيْنِ الابْنِ ، فَإنْ تَمَرَّدَ حَبَسَهُ لاسْتِخْفَافِ أمْرِهِ ) وقال محمَّدُ بن الحسنِ : ( يُحْبَسُ الأَبُ فِي نَفَقَةِ الابْنِ الصَّغِيْرِ ، وَلاَ يُحْبَسُ بالدِّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ ؛ لأنَّهُ لَوْ لَمْ يُحْبَسْ فِي نَفَقَةِ الصَّغِيْرِ لَتَضَرَّرَ الْوَلَدُ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ } ؛ أي مرجِعُكم ومرجعُ آبائِكم ، { فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } ؛ من الخيرِ والشرِّ . وقد تضمَّنت هذه الآيةُ النَّهيَ عن صُحبة الكفَّار والفُسَّاقِ ، والترغيبَ في صُحبةِ الصالِحين لقولهِ تعالى { وَٱتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ } .