Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 48, Ayat: 19-19)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا } ؛ معناهُ : ومغانِمَ كثيرةً يأخذُونَها من أموالِ يهود خيبرَ ، وكانت خيبرُ ذات عقارٍ وأموالٍ ، { وَكَان ٱللَّهُ عَزِيزاً } ؛ أي غَالباً ، { حَكِيماً } ؛ في أمرهِ ، حكَمَ لهم بالغنيمةِ ، ولأهلِ خيبرَ بالسَّبي والهزيمةِ . وعن أنسٍ رضي الله عنه : " وأنَا رَدِيفَ أبي طَلْحَةَ يَوْمَ أتَيْنَا إلَى خَيْبَرَ ، فَصَبَّحَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أخَذُواْ مَسَاحِيهِمْ وَفُؤُوسَهُمْ وَغَدَوا عَلَى حُرُوثِهِمْ ، فَلَمَّا رَأوْنَا ألْقَواْ ما بأَيْدِيهِمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " اللهُ أكْبَرُ ، خَرِبَتْ خيْبَرُ ، إنَّا إذا نَزَلْنَا بسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذرينَ " " . وعن عبدِاللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أبيِهِ قَالَ : " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى خَيْبَرَ ، سَرَيْنَا لَيْلاً وَعَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ مَعَنَا وَكَانَ شَاعِراً ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : ألاَ تُسْمِعُنَا يَا عَامِرُ ، فَنَزَلَ يَحْدُوا بالْقَوْمِ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ : " @ اللَّهُمَّ لَوْلاَ أنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا هُمُ الَّذِينَ بَغَواْ عَلَيْنَا وَنَحْنُ مِنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَيْنَا فَاغْفِرْ بفَضْلِكَ مَا أتَيْنَا وَثَبتِ الأَقْدَامَ إنْ لاَقَيْنَا وَألْقِيَنَّ السَّكِينَةَ عَلَيْنَا @@ " قَالَ صلى الله عليه وسلم : " مَنْ هَذا ؟ " قَالُوا : عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ ، قَالَ : " قَدْ غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ يَا عَامِرُ " فَقَالَ رَجُلٌ : لَوْ أمْتَعْتَنَا بهِ يَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ) . وإنما قالَ ذلكَ ؛ لأنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ما استغفرَ لرجُلٍ قطُّ إلاَّ استُشهِدَ . قالَ : ( فَلَمَّا قَدِمْنَا خَيْبَرَ وَتَصَافَّ الْقَوْمُ ، خَرَجَ يَهُودِيٌّ فَخَرَجَ إلَيْهِ عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ وَهُوَ يَقُولُ : " @ قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أنِّي عَامِرُ شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُغَامِرُ @@ " وَاخْتَلَفَا بضَرْبَتَيْنِ ، فَوَقَعَ سَيْفُ الْيَهُودِيِّ فِي تِرْسِ عَامِرٍ ، وََوَقَعَ سَيْفُ عَامِرٍ عَلَى رُكْبَةِ نَفْسِهِ وَسَاقِهِ فَمَاتَ مِنْهَا . قَالَ سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ : فَمَرَرْتُ عَلَى نَفَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَهُمْ يَقُولُونَ : بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ ، فَأَتَيْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وَأنَا أبْكِي فَأَخْبَرْتُهُ بذلِكَ ، فَقَالَ : " كَذبَ مَنْ قَالَ ذلِكَ ، بَلْ لَهُ أجْرُهُ مَرَّتَيْنِ " . ثُمَّ عَادَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيّاً رضي الله عنه وَكَانَ حِيْنَئِذٍ أرْمَدَ قَدْ عَصَبَ عَيْنَهُ بشِِقِّ بُرْدٍ ، قَالَ سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ : فَجِئْتُ بهِ أقُودُهُ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " مَا لَكَ يَا عَلِيُّ ؟ " قَالَ : رَمَدْتُ يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : " أُدْنُ مِنِّي " فَدَنَا مِنْهُ ، فَتَفَلَ فِي عَيْنَيْهِ فَبَرِئَ مِنْ سَاعَتِهِ ، وَمَا وُجِعَتْ عَيْنَاهُ بَعْدَ ذلِكَ أبَداً حَتَّى مَضَى سَبيلُهُ . ثُمَّ أعْطَاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الرَّايَةَ فَهَدَى بهَا وَعَلَيْهِ حُلَّةُ أُرْجُوَانٍ حَمْرَاءُ ، فَأَتَى مَدِينَةَ خَيْبَرَ ، فَخَرَجَ مَرْحَبُ صَاحِبُ الْحِصْنِ وَعَلَيْهِ مِغْفَرٌ وَحَجَرٌ قَدْ ثَقَبَهُ مِثْلَ الْبَيْضَةِ عَلَى رَأسِهِ وَهُوَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ : " @ قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أنِّي مَرْحَبُ شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ أطْْعَنُ أحْيَاناً وَحِينَا أضْرِبُ إذا الْحُرُوبُ أقْبَلَتْ نَلْتَهِبُ كَانَ حِمَايَا مَانِعاً لاَ يَقْرَبُ @@ " فَبَرَزَ إلَيْهِ عَلِيٌّ رضي الله عنه ، وَقَالَ : " @ أنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهُ كَلَيْثِ غَابَاتٍ شَدِيدٍ قَسْوَرَهْ أكِيلُكُمْ بالسَّيْفِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ @@ " فَاخْتَلَفَا بضَرْبَتَيْنِ ، فَبَدَرَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه بالضَّرْبَةِ فَقَدَّ الْحَجَرَ وَالْمِغْفَرَ وَفَلَقَ رَأسَهُ فَوَقَعَ مَيِّتاً ، وَكَانَ الْفَتْحُ عَلَى يَدَيْهِ ) . ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ مَرْحَبَ أخُوهُ يَاسِرُ وَهُوَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ : " @ قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أنِّي يَاسِرَهْ شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُعَاقِرَهْ إذا اللُّيُوثُ أقْبَلَتْ مُبَادِرَهْ إنَّ سِلاَحِي فِيْهِ مَوْتٌ حَاضِرَهْ @@ " فَخَرَجَ إلَيْهِ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ رضي الله عنه وَهُوَ يَقُولُ : " @ قَدْ عَلِمْتَ أنِّي زُبَارُ قَوْمٍ لِقَوْمٍ غَيْرُ نَاكِثٍ فَرَّار ابْنُ حُمَاةِ الْمَجَدِ وابْنُ الأَخْيَار يَاسِرُ لاَ يَغْرُرْكَ جَمْعُ الْكُفَّار فَجَمْعُهُمْ مِثْلُ السَّرَاب جَار @@ " فَقَالَتْ أُمُّهُ صَفِيَّةُ بنْتُ عَبْدِالْمُطَّلِب : أيُقْتَلُ ابْنِي يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : " ابْنُكِ يَقْتُلُهُ " . ثُمَّ الْتَقَيَا فَقَتَلَهُ زُبَيْرٌ . ثُمَّ لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَفْتَحُ الْحُصُونَ حِصْناً حِصْناً ، وَيَحُوزُ الأَمْوَالَ ، فَلَمَّا أمْسَى النَّاسُ أوْقَدَ نِيرَاناً كَثِيراً ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " عَلَى أيِّ شَيْءٍ تُوقِدُونَ ؟ " قَالُوا : عَلَى لَحْمِ الْحُمُرِ الإِنْسِيِّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " أهْرِقُوهَا وَاكْسِرُوا الْقُدُورَ " فَقَالُوا : نُهدِيكَ الْقُدُورَ وَنَغْسِلُهَا ، فَقَالَ : " هِيَ أوْ ذاكَ " . ثُمَّ أتِيَ رَسُولُ اللهِ بصَفِيَّةَ بنْتِ حَييِّ بْنِ أخْطَبَ وَبأُخْرَى مَعَهَا ، أتَى بهِمَا بلاَلٌ رضي الله عنه ، فَلَمَّا رَأتِ الْمَرْأةُ الَّتِي مَعَ صَفِيَّةَ الْقَتْلَى مِنَ الْيَهُودِ صَرَخَتْ وَصَكَّتْ وَجْهََهَا وَحَسَتِ التُّرَابَ عَلَى رَأسِهَا ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " إعْزِلُوا عَنِّي هَذِهِ الشَّيْطَانَةَ " وَأمَرَ بصَفِيَّةَ فَأُجْلِسَتْ خَلْفَهُ وَألْقَى عَلَيْهَا ردَاءَهُ ، فَعَرَفَ الْمُسْلِمُونَ أنَّ رَسُولَ اللهِ أصْفَاهَا لِنَفْسِهِ . وَكَانَتْ قَدْ رَأتْ فِي مَنَامٍ وَهِيَ عَرُوسُ كِنَانَةَ بْنَ رَبيعٍ أنَّ قَمَراً وَقَعَ فِي حِجْرِهَا ، فَقَصَّتْ رُؤْيَاهَا عَلَى زَوْجِهَا فَلَطَمَ وَجْهَهَا لَطْمَةً اخْضَرَّتْ عَيْنَاهَا مِنْهَا ، وَقَالَ : إنَّكِ تَتَمَنِّينَ مَلِكَ الْحِجَاز مُحَمَّداً . فَلَمَّا رَأى رَسُولُ اللهِ خُضْرَةَ عَيْنِهَا سَأَلَهَا عَنْ ذلِكَ ، فَأَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ ، فَأُوتِيَ مِنْ زَوْجِهَا كِنَانَةَ بْنِ الرَّبيعِ كَانَ عِنْدَهُ كَنْزُ بَنِي النَّضِيرِ ، فَسَأَلَهُ إيَّاهُ فَجَحَدَهُ أنْ يَكُونَ عَالِماً بمَكَانِهِ . فَجَاءَ يَهُودِيٌّ فَقَالَ : فَإنِّي قَدْ رَأيْتُ كِنَانَةَ يَطُوفُ بهَذِهِ الْخِرْبَةِ كُلَّ غَدَاةٍ ، فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لِكِنَانَةَ : " أرَأيْتَ إنْ وَجَدْنَاهُ عِنْدَكَ أأقْتُلُكَ ؟ " قَالَ : نَعَمْ ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالْخِرْبَةِ فَحُفِرَتْ ، فَأُخْرِجَ مِنْهَا بَعْضُ كَنْزِهِمْ ، ثُمَّ سَأَلَهُ مَا بَقِيَ فَأَبَى أنْ يُؤَدِّيَهُ ، فَأَمَرَ بهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَضُرِبَ عُنُقُهُ " .