Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 118-118)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ } ؛ قرأ الحسنُ : ( عَبْدُكَ ) ، قِيْلَ : معناهُ التبعيضُ ؛ أي إن تُعذِّبَ الذين أقَامُوا على الكفرِ فإنَّهم عبادُك ، { وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ } ؛ للَّذين أسلَمُوا وتابوا ، { فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } ؛ لأنه قالَ : { أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ } [ المائدة : 116 ] ، وما قلتُ لهم ، وفيهم المسلمون والمشركون ، فقوله : { إِن تُعَذِّبْهُمْ } راجعٌ إلى الكافرين ، وقوله : { وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ } راجعٌ إلى المؤمنِين . عن ابنِ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا في معنى هذه الآيةِ : ( وَإنْ تُعَذِّبْهُمْ عَلَى هَذِهِ الْمَقَالَةِ الَّتِي أجْزَمُوهَا فَإنَّهُمْ عِبَادُكَ ، وَإنْ يَتُوبُوا فَتَغْفِرَ لَهُمْ ) . قولهُ : { فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } ، أي المنيعُ في مغفرتِكَ لهم لا يمنعُكَ أحدٌ مما تريدُ ، الحكيمُ في أمرِكَ . فإنْ قيلَ : ظاهرُ الآية يقتضي سؤالَ المغفرةِ للكفَّار ، واللهُ لا يغفِرُ أن يُشركَ به ، فما معنى هذا السؤالِ ؟ قِيْلَ : يحتملُ أنه لم يكن في كتابهِ : إنَّ الله لا يغفرُ أن يُشركَ بهِ ، ويحتملُ أن يكون معناهُ : إنْ تغفِرْ لهم كَذِبَهم الذي قالوا عليَّ . وَقِيْلَ : إنَّ عيسى عَلِمَ أنه منهم مَن آمنَ ، ومنهم من أقامَ على الكفرِ ، فكأنه قالَ : إن تعذِّب الكفارَ منهم فإنَّهم عبادُكَ ، وأنت القادرُ عليهم ، وإنْ تغفِرْ لِمَن تابَ منهم فذلك تفضُّلٌ منكَ ؛ لأنه كان لكَ أن لا تفعلَ ذلك بهم بعد عظيمِ فِريَتِهم عليكَ ، وكان هذا القولُ من عيسَى عليه السلام على وجهِ الخضوع والانقيادِ والاستسلام على معنى أنَّكَ أنتَ المالكُ والقادر على كلِّ شيء ، فلذلك قالَ : { فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } ولو كان قالَ : فإنك أنتَ الغفورُ الرحيم ، لأوْهَمَ الدعاءُ بطلب المغفرة والرحمةِ . ورُوي : أنه لَمَّا نزَلت هذه الآيةُ ، " أحْيَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَتَهُ بهَا ، وَكَانَ بهَا يَقُومُ وَبهَا يَقْعُدُ وَبهَا يَسْجُدُ ، ثُمَّ قَالَ : " أمَّتِي أمَّتِي يَا رَب " ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ فَقَالَ : إنَّ اللهَ تَعَالَى يُقْرِؤُكَ السَّلاَمَ وَيَقُولُ لَكَ : " إنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أمَّتِكَ وَلاَ نَسُوءَكَ " .