Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 58, Ayat: 12-13)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ } ؛ وذلك أنَّ الأغنياءَ كانوا يَسْتَخْلُونَ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم فيُشاورُونَهُ بما يريدون ويُلِحُّونَ عليه بالحاجاتِ والمسائل ، ويشغَلُون بذلك أوقاتَهُ التي كانت مستغرقةً بالعبادةِ والإبلاغِ إلى الأُمة ، وكان الفقراءُ لا يتمكَّنون من النبيِّ صلى الله عليه وسلم كتمكُّنِ الأغنياءِ منه . فأَمرَ اللهُ الناسَ بتقديمِ الصَّدقةِ على نجوَاهُم مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم إعْظَاماً له وتَوقِيراً لمقامِ مُناجاتهِ ، ونَفعاً للفُقراءِ بتلك الصَّدقة ، وبيَّن أنَّ ذلك خيرٌ لهم من الكفِّ عن الصدقةِ وأصلحُ لقُلوبهم وقلوب الفقراء ، ورخَّصَ مَن لم يجد ما يتصدَّقُ به أن يُكلِّمَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بما شاءَ من غيرِ صدقةٍ ، وهو قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . فلمَّا عَلِمَ اللهُ ضيقَ صدر كثيرٍ منهم من ذلك الوجوب نَسَخَ اللهُ ذلك الحكمَ بقوله : { ءَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ } ؛ معناهُ : أبَخِلتُمْ يا أهلَ الميسرةِ ، وثَقُلَ عليكم تقديمُ الصَّدقةِ ، بين نجوَاكم مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، { فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُواْ وَتَابَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ } ؛ وخفَّفَ اللهُ عنكم بإسقاطِ تلك الصَّدقةِ ، { فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } ؛ أي دَاومُوا عليها ، يعني الصَّلاةَ المفروضةَ ، { وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ } ؛ المفروضةَ ، { وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ } ؛ في الفرائضِ ، { وَرَسُولَهُ } ؛ في السُّنن ، { وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } من الخيرِ والشرِّ . وعن عليٍّ رضي الله عنه قال : ( إنَّ فِي كِتَاب اللهِ آيَةٌ مَا عَمِلَ بهَا أحَدٌ قَبْلِي ، وَلاَ يَعْمَلُ بهَا أحَدٌ بَعْدِي وَهِيَ آيَةُ النَّجْوَى ، كَانَ لِي مِثْقَالٌ فَبعْتُهُ بعَشْرَةِ دَرَاهِمَ ، فَكُلَّمَا أرَدْتُ أنْ أُنَاجِيَ رَسُولَ اللهِ قَدَّمْتُ دِرْهَماً ، فَقَدَّمْتُ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ بَيْنَ يَدَي نَجْوَايَ ، ثُمَّ نُسِخَتْ ) . قال مجاهدُ : ( نُهُوا عَنْ مُنَاجَاةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَتَصَدَّقُواْ ، فَلَمْ يُنَاجِهِ إلاَّ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ ، قَدَّمَ دِينَاراً فَتَصَدَّقَ بهِ ، فَنَزَلَتِ الرُّخْصَةُ ) .