Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 60, Ayat: 6-7)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ } ؛ معناهُ : لقد كان لكم في إبراهيمَ والَّذين معَهُ قدوةٌ صالحة فيما يرجعُ إلى رجاءِ ثواب الله وحُسنِ الْمُنْقَلَب في اليومِ الآخرِ . وهذا يقتضي وجوبَ الاقتداء بهم في أفعالِهم ، وأما الأُولى فنُهوا الاقتداءَ بهم في باب العداوة للهِ في أمر الدين . قَوْلُهُ تَعَالَى : { لِّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ } بدلٌ من قولهِ { لَكُمْ فِيهِمْ } وهذا كقولهِ تعالى { وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً } [ آل عمران : 97 ] . ومعنى { يَرْجُو ٱللَّهَ } أي يخافُ اللهَ ويخافُ الآخرةَ ، { وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } ؛ أي مَن يُعرِضُ عن الإيمانِ ويُوالِي الكفارَ فإنَّ اللهَ هو الغنيُّ عن خلقهِ ، الحميدُ إلى أوليائهِ وأهلِ طاعته . قال مقاتلُ : ( فَلَمَّا أمَرَ اللهُ الْمُسْلِمِينَ بعَدَاوَةِ الْكُفَّار أظْهَرُواْ لَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَرَاءَةَ امْتِثَالاً لأَمْرِ اللهِ تَعَالَى ) فأنزلَ اللهُ : { عَسَى ٱللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم } ؛ أي كونوا على رجاءٍ وطمعٍ في أن يجعلَ اللهُ بينكم وبين الذين عادَيتم من المشركين ، { مَّوَدَّةً } ؛ يعني من كفار مكَّة . ففعلَ اللهُ ذلكَ بأن أسلمَ كثيرٌ منهم بعدَ الفتحِ ، منهم أبو سُفيان بن حربٍ ؛ وأبو سُفيان بن الحارث ؛ والحارثُ بنُ هشام ؛ وسُهيل بن عمرٍو ؛ وحَكمُ بن حِزام ، وكانوا مِن رُؤساء الكفَّار والمعادِين لأهلِ الإسلامِ ، فصارُوا لهم أولياءً وإخوَاناً ، فخَالَطُوهم وناكَحُوهم ، وتزوَّجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أُمَّ حبيبةَ بنتِ أبي سُفيان بن حرب ، فَلانَ لهم أبو سفيان ، فهذه المودَّةُ التي جعلَها اللهُ تعالى بينَهم ، { وَٱللَّهُ قَدِيرٌ } ؛ على أن يجعلَ بينكم المودَّة ، { وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ؛ بهم بعد ما تَابُوا وأسلَمُوا .