Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 73, Ayat: 2-4)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { قُمِ ٱلَّيلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِّصْفَهُ أَوِ ٱنقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً } ؛ أي قُمْ للصَّلاةِ ؛ أي صَلِّ أكثرَ الليلِ أو قُمْ نصفَ الليلِ أو انقُصْ من النِّصفِ قليلاً ، أو انقُصْ من النصفِ ، { أَوْ زِدْ عَلَيْهِ } ؛ خيَّرَهُ اللهُ تعالى في قيام الليل في هذه السَّاعات . قال المفسِّرون : معنى قولهِ { نِّصْفَهُ أَوِ ٱنقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً } أي انقُصْ مِن النصفِ إلى الثُّلث أو زدْ على النِّصف إلى الثُّلُثَينِ ، جعل له سِعَةً في قيامِ الليل وخيَّرَهُ في هذه السَّاعات ، قال الحسنُ : ( ( فَرَضَ اللهُ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى أصْحَابهِ وَهُمْ بمَكَّةَ أنْ يَقُومُوا بثُلُثِ اللَّيْلِ وَمَا زَادَ ) ) . سُئِلَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَنْ قِيَامِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَت : ( ( أمَا تَقْرَأُونَ هَذِهِ السُورَةَ { يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ } ؟ قَالُواْ : بَلَى ، قَالَتْ : فَإنَّ اللهَ فَرَضَ قِيَامَ اللَّيْلِ فِي أوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى انْتَفَخَتْ قَدَمَاهُ ، وَأمْسَكَ اللهُ خَاتِمَةَ السُّورَةِ اثْنَى عَشَرَ شَهْراً ، ثُمَّ تَرَكَ التَّخْفِيفَ فِي آخِرِ السُّورَةِ بَعْدَ أنْ قَامَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وَأصْحَابُهُ حَوْلاً ، فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعاً بَعْدَ ذلِكَ ) ) . وَكَانَ قِيَامُهُ فَرْضاً قَبْلَ أن فَرَضَ " اللهُ " الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ، ولا خلافَ بين المسلمين في أنَّ قيامَ الليلِ مندوبٌ إليه مرغَّبٌ فيه ، قال صلى الله عليه وسلم : " أحَبُّ الصَّلاَةِ إلَى اللهِ تَعَالَى صَلاَةُ دَاوُدَ عليه السلام ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ . وَأحَبُّ الصِّيَامِ إلَى اللهِ تَعَالَى صِيَامُ دَاوُدَ ، كَانَ يَصُومُ يَوْماً وَيُفْطِرُ يَوْماً " . ورُوي : ( أنَّ هَذِهِ الآيَاتِ لَمَّا نَزَلَتْ قَامَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وَأصْحَابُهُ ، وَكَانَ الرَّجُلُ مِنَ الصَّحَابَةِ لاَ يَدْري مَتَى ثُلُثُ اللَّيْلِ وَمَتَى النِّصْفُ وَمَتَى الثُّلُثَانِ ، فَكَانَ يَقُومُ حَتَّى يُصْبحَ مَخَافَةَ أنْ لاَ يَحْفَظَ الْقَدْرَ الْوَاجِبَ ، حَتَّى شُقَّ عَلَيْهِمْ ذلِكَ وَانْتَفَخَتْ أقْدَامُهُمْ وَتَغَيَّرَتْ ألْوَانُهُمْ ، فَرَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى وَخَفَّفَ عَنْهُمْ ، وَنُسِخَ بقَوْلِهِ { عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُمْ مَّرْضَىٰ } [ المزمل : 20 ] ، وَكَانَ بَيْنَ أوَّلِ السُّورَةِ وَآخِرِهَا سَنَةٌ ) . وقوله تعالى : { وَرَتِّلِ ٱلْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } ؛ أي بَيِّنْهُ بَياناً واقرَأهُ قراءةً بَيِّنَةً . والتَّرتِيلُ : ترتيبُ الحروفِ على حقِّها في تلاوَتِها بتَبيُّنٍ وتثَبُّتٍ من غيرِ عجَلَةٍ ، وكذلك التَّرَسُّلُ . والمعنى : تفَهَّم معانيَهُ ، وطالِبْ نفسكَ بالقيامِ بأحكامهِ . وأما الْحَدْرُ فهو الإسراعُ في القراءةِ ، وعن ابنِ عمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالِ : ( كَانَتْ قِرَاءَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَرْتِيلاً ) أي تَرَسُّلاً . وقال أبو حمزةَ : ( ( قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ : إنِّي رَجُلٌ فِي قِرَاءَتِي وَكَلاَمِي عَجَلَةٌ ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لَئِنْ أقْرَأ الْبَقَرَةَ وَأُرَتِّلْهَا أحَبَّ إلَيَّ مِنْ أنْ أقْرَأ الْقُرْآنَ كُلَّهُ هَدْرَمَةً ) ) .