Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 2-2)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَسِيحُواْ فِي ٱلأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ } ؛ أي سِيرُوا في الأرضِ على الْمَهْلِ وأقْبلُوا وأدبرُوا في الأرضِ إلى أن يمضيَ أربعةٌ . وَقِيْلَ : هو على الخطاب ؛ أي قُل لَهم سِيرُوا في الأرضِ مُقبلِينَ ومُدبرِينَ آمِنِينَ غَيرَ خائفِين من قَتْلٍ ولا أسْرٍ ولا نَهْبٍ . ويقالُ : إن قولَهُ : { فَسِيحُواْ فِي ٱلأَرْضِ } بيانُ أن هذا السَّيْحَ المذكورَ في أوَّل هذه السورةِ إنَّما هو بعدَ أربعةِ أشهرُ ، فإنَّ عهدَ الكفَّار باقٍ إلى آخرِ هذه المدَّة . قال الحسنُ : ( أمَرَ اللهُ نَبيَّهُ صلى الله عليه وسلم أنْ يَنْظُرَ فِي عُهُودِ الْكُفَّارِ ، فَيُقِرَّ مَنْ كاَنَ عَهْدُهُ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ عَلَى عَهْدِهِ أنْ يَمْضِي ، وَيَحِطَّ مَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ أكْثَرَ مِنْ أرْبَعَةِ أشْهُرٍ ، وَيَرْفَعَ عَهْدَ مَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ قَبْلَ أرْبَعَةِ أشْهُرٍ فَيَجْعَلَهُ أرْبَعَةَ أشْهُرْ ) . واختلَفُوا في هذهِ الأربعة أشهُر ، قال بعضُهم : من عشرين ذِي القِعدَةِ إلى عِشرين من رَبيع الأوَّل . ورُوي في الخبرِ : أنَّ مكَّة فُتحت في سنةِ ثَمانٍ من الهجرة ، ووَلَّى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عتَّابَ بن أُسَيدٍ الوقوفَ بالناسِ في الموسمِ ، واجتمعَ في تلك السَّنة في الوقوفِ المسلِمُون والمشركون . " فلمَّا كانت سنةُ تسعٍ ولَّى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أبَا بكرٍ وبعثَ معه عشرَ آياتٍ من أوَّلِ براءةً أو تسعِ آياتٍ ، وأمرَهُ أن يقرَأها على أهلِ مكَّة ، وينبذَ إلى كلِّ ذِي عهدٍ عهدَهُ كما وصفَ اللهُ تعَالَى ، فلمَّا خرجَ أبوُ بكرٍ رضي الله عنه منها إلى مكَّة ، نزلَ جبريلُ عليه السلام فَقَالَ : للنبيِّ صلى الله عليه وسلم : " لاَ يُبَلِّغُ عَنْكَ إلاَّ رَجُلٌ مِنْ أهْلِ بَيْتِكَ " فدَعَا عَلِيّاً رضي الله عنه وأمَرَهُ بالذهاب إلَى مكَّةَ ، وقال : " كُنْ أنْتَ الَّذِي يَقْرَأ هَذِهِ الآيَاتِ عَلَى أهْلِ مَكَّةَ ، وَمُرْ أبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بالنَّاس " . فسارَ حتى لَحِقَ أبا بكرٍ رضي الله عنه في الطريقِ ، فأخبرَهُ بذلك فمَضَيَا ، وكان أبُو بكرٍ على الموسِمِ " . فلمَّا كان يومُ النحرِ واجتمعَ المشركونَ ، قام عليٌّ رضي الله عنه عند جمرةِ العَقَبَةِ وقالَ : ( يَا أيُّهَا النَّاسُ ؛ إنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَيْكُمْ ) فَقَالُواْ : بمَ ذَا ؟ فقرأ عليهم ( بَرَاءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ … ) إلى آخرِ الآياتِ التي نزلَتْ . وكان الحجُّ في السنَّة التي قرأ عليٌّ رضي الله عنه فيها هذه السُّورةَ في العاشرِ من ذي القعدَةِ ، ثم صارَ الحجُ في السَّنة الثانيةِ في ذي الحجَّة ، وكان السببُ في تقديمِ الحجِّ في سَنَةِ العهدِ ما كان يفعلهُ بنو كِنَانَةَ في النَّسِيءُ وهو التأخيرُ . وذهبَ بعضُ المفسِّرين إلى أنَّ الأربعةَ الأشهر المذكورة في هذهِ الآيةِ هي : شوَّال وذُو القعدة وذو الحجَّة والمحرَّم . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي ٱللَّهِ } ؛ أي غيرَ فائِتِين عن اللهِ بعدَ الأربعةِ الأشهر ، فإنَّكم إنْ أجَّلتُم هذه الأشهرَ فلن تفُوتُوا اللهَ تعالى . وقولهُ تعالى : { وَأَنَّ ٱللَّهَ مُخْزِي ٱلْكَافِرِينَ } ؛ أي معذِّبَ الكافرين في الدُّنيا بالقتل في الآخرةِ بالنار . والإخْزَاءُ : هو الإِذلاَلُ على وجههِ الأدْوَنِ .