Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 26-27)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } إلى قوله { خَالِدُونَ } والمعنى : للذين أحسنوا عبادة الله عز وجل في الدنيا الحسنى وهي الجنة ، ( وزيادة ) ، يعني : النظر إلى وجهه جل ذكره ، روي ذلك ( عن ) عامر بن سعد عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه . وروى صهيب أن رسول الله قال : إذا دخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار نادى منادٍ : يا أهل الجنة إنَّ لكم عند الله موعداً ، يريد أن يُنْجِزَكُمُوهُ ، فيقولون : ما هو ؟ ألم يثقل الله موازيننا ، ويبيّض وجوهنا ، ويدخلنا الجنة ، وينجنا من النار . فَيُكْشَفُ الحجاب ، وينظرون إليه جلَّ ذكره . قال : فوالله ما أعطاهم الله شيئاً أحب إليهم من ذلك ) . وهذا القول قول أبي موسى الأشعري ، وحذيفة ، قاله ابن أبي ليلى ، وغيرهم : ( إن الزيادة ) : النظر إلى وجه الله تعالى ، وذكر كل واحد حديثاً ( مثل ) معنى الحديث المذكور عن النبي عليه السلام . وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : الزيادة غرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة أبواب ، وقاله النخعي . وقال ابن عباس : الحسنى واحدة من الحسنات بواحدة ، والزيادة : التضعيف إلى تمام العشرة على الواحدة . وهو مثل قوله : { وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } [ ق : 35 ] : أي : يزيده من فضله . وقال الحسن : الزيادة هو المجازاة بالحسنة عشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف . وقال مجاهد : الحسنة بحسنة ، وزيادة مغفرة من الله ورضوان . وقيل : الزيادة : ما أعطاهم الله عز وجل في الدنيا لا يحاسبهم به يوم القيامة . وقال ابن سيرين في قوله تعالى : { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } [ السجدة : 17 ] : إنه النظر إلى الله جلَّ ذكره . وعن ابن عباس أيضاً : { أَحْسَنُواْ } قالوا : لا إله إلا الله ، { ٱلْحُسْنَىٰ } : الجنة . ( وروى أبو موسى الأشعري أن النبي عليه السلام قال : إن الله عز وجل يبعث يوم القيامة منادياً ينادي أهل الجنة بصوت يسمع به أولهم وآخرهم : إن الله وعدكم الحسنى وزيادة . فالحسنى الجنة ، والزيادة : النظر إلى وجه الله . وقوله : { وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ } : أي لا تغشى وجوههم كآبة والقتر : الغبار وهو جمع قترة . وقيل : هو الغبار الذي معه سواد ، روي ذلك عن ابن عباس . وقال ابن أبي ليلى : ولا يغشاهم ذلك بعد نظرهم إلى الله سبحانه : فهؤلاء الذين هذه صفتهم هم أصحاب الجنة ، ماكثون فيها أبداً . وقيل : الهاء في " فيها " للحسنى ، وقيل : للزيادة ، وقيل : للحسنى ، والزيادة ، والجنة . ثم قال : { وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا } : ( أي والذين عملوا السيئات في الدنيا جزاؤهم في الآخرة سيئة بمثلها ) أي : عقاب من الله عز وجل على ذلك . وقيل : المعنى : فله جزاء سيئة بمثلها كما قال : { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ } : أي : جزاء حسنة / بحسنة . ثم قال : { وَزِيَادَةٌ } يريد تمام العشر ( ة ) على الواحدة . { وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ } : أي : تغشاهم ، { مَّا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ } أي : من مانع من عقابه . ومن قرأ " قطَعاً " - بفتح الطاء - فهو جمع قِطْعَة . وٱخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدُ لأن المعنى : كأنما غشي وجه ( كل إنسان منهم قطعة ) . ثم جمع ذلك لأنه قد جمع الوجه ، فعلى كل وجه قطعة و " مظلماً " على هذا نصب على الحال من " الليل " ، ولو كان نعتاً للقطع لقال مظلمةٌ . ومن قرأ " قِطْعاً " بإسكان الطاء فهو يجوز أن تكون جمع قطعة أيضاً ، إلا أنه بقي السكون على حاله كما يقال : سِدْرَةٌ ، وسِدْرٌ ، وبُسْرَةٌ وَبُسْرٌ . فيكون " مظلماً " أيضاً على هذا حالاً من الليل . ويجوز أن يكون " قطعاً واحداً " يريد به ظلمة من الليل ، فيكون " مظلماً " نعتاً له ، وإن شئت حالاً من الليل أيضاً . وقيل معناه : بقية من الليل كما قال : { فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ ٱلْلَّيْلِ } [ هود : 81 ، الحجر : 65 ] : أي : ببقية منه ، وهو اسم ما قطع من الليل وفي قراءة أُبَيْ : " كأنما يغشى وجوههم قِطْعٌ من الليل مظلمٌ " . ومعنى ذلك : كأنما ألبست وجوه هؤلاء الذين كسبوا السيئات ذلك . وقوله : { جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا } : الباء زائدة ، و { جَزَآءُ } مبتدأ ، و { بِمِثْلِهَا } : الخبر . وقيل : " الباء " غير زائدة . وفي الكلام معنى الشرط ، والمعنى : فله جزاء السيئة بمثلها . فالباء صلة للجزاء .