Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 9-10)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ } إلى قوله { ٱلْعَالَمِينَ } . المعنى : إن الذين صدقوا الله ورسوله ، وعملوا بطاعة الله { يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ } أي : يرشدهم بإيمانهم إلى الجنة . وقال قتادة : بلغنا أن النبي عليه السلام ، قال : " إن المؤمن إذا خرج من قبره صور له عمله في صورة حسنة يقول له : من أنت ؟ فوالله إني لأراك امرأ صدق . فيقول ( له ) : أنا عملك ، فيكون له نوراً وقائداً إلى الجنة . والكافر بضد ذلك في الصورة ينطلق به عمله حتى يدخله النار " . وقيل : المعنى يهديهم ربهم لدينه بإيمانهم به . أي : من أجل تصديقهم هَدَاهم . قوله : { تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } . أي : في بساتين قد نعّم الله فيها أهل / طاعته . ومعنى { مِن تَحْتِهِمُ } : من دونهم وبين أيديهم ، وليس هو أنها تجري ( من ) تحت ما هم عليه جلوس من أرض ونحوها . وهذا كما تقول : بلد كذا تحت بلد كذا . أي : بجوارها وبين أيديها . لا أنها تحتها : إحداهما فوق الأخرى . ومثل هذا قوله تعالى : { قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً } [ مريم : 24 ] . ومعلوم أن السري ليس تحتها ، إذ كان السري : الجدول ، وإنما معناه : أنه جعله دونها ، أي : بين يديها . ومن هذا ما حكى الله ( عز وجل ) لنا من قول فرعون : { وَهَـٰذِهِ ٱلأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِيۤ } [ الزخرف : 51 ] ومعلوم أن نيل مصر لم يكن تحته يجري ، وهو عليه ، وإنما كان ( يجري ) بجواره ، وبين يديه ودونه . ثم قال تعالى إخباراً عن أهل الجنة { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ } . حكى سيبويه : الدعوى بمعنى الدعاء . فالمعنى دعاؤهم في الجنة : سبحانك اللهم . قال ابن جريج : وإذا مر بهم الطير يشتهونه قالوا : سبحانك اللهم فيأتيهم الملك بما يشتهون فيسلم عليهم ، فيردون عليه ( السلام ) فذلك قوله : { وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } . فإذا أكلوا حمدوا الله ربهم ، فذلك قوله تعالى : { وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } . والتحية : البقاء . ومنه قوله : " التحيات لله " ، والتحية أيضاً : الملك ، والتحية هي استقبال الرجل بالمُحَيَّا : وهو الوجه بما يسره من الكلام . وقيل : التحية في هذا بمعنى الحياة ، أي : يُحيي بعضهم بعضاً . إنهم يحيون ولا يموتون ، ويسلمون من كل شيء يحذرون . والسلام بمعنى السلامة . وقيل : { تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } أي : تحيه بعضهم لبعض فيها سلام . أي : " سلمت وأمنت مما ابتلي به أهل النار " . وقيل : المعنى إن الله ( عز وجل ) يحييهم بالسلام إكراماً منه ( لهم ) . وقال سفيان : إذا أرادوا الشيء قالوا : سبحانك اللهم ، فيأتيهم ما دعو ( ا ) به : ومعنى { سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ } : تنزيهاً لك يا ألله مما أضاف إليك أهل الشرك من الكذب . ( وسئل النبي صلى الله عليه وسلم ، عن : سبحان الله ، فقال : مفسراً تنزيهاً ( لله ) عن السوء ) . وقال علي بن أبي طالب عليه السلام : هي كلمة رضيها الله ( عز وجل ) لنفسه . فسبحان الله : كلمة ينزه بها ( الله عن كل ) فعْل مذموم أو متهم . ( أللهم ) : وقف و ( سلام ) : وقف . ومذهب سيبويه في { أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ } أنها مخففة من الثقيلة ، والمعنى : أنه الحمد لله رب العالمين ) . وأجاز المبرد أن يعملها - وهي مخففة - عملها مشددة . والرفع أقيس ، لأنه قد زال منها شبه الفعل باللفظ لما خففت ، ومن أعملها شبهها بالفعل الذي قد حذف منه وأعمل . نحو : " لم يكُ " . وقرأ بلال بن أبي بُرْدَةَ : " أنَّ الحمدَ " بالتشديد ، ونصب " الحمد " .