Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 114-116)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ ٱلَّيْلِ } - إلى قوله - { وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ } . وقال أبو جعفر : " وزُلُفاً " بضم اللام . وقرأ ابن مُحيصن بإسكان اللام فمن فتح اللام ، فهو جمع واحده زلفة ، وزلف ، ومن ضم اللام فواحدةٌ " زليف " كقريب ، وقرب . وقيل : هو واحد مثل الحلم ، والحلم . وقرأ مجاهد : " وزلفى " مثل " فعلى " . والزلف : الساعات ، واحدها زلفة . ومن هذا سميت المزدلفة ، لأنها منزل بعد عرفة . وقيل : سميت ( بذلك ) لازْدِلافِ آدم من عرفة إلى حوَّاء ، وهي بها . ومن أسكن اللام خففها من " زلفى " بالضم . ويعني بالزلف : الساعات القريبة من الليل . ومعنى الآية : { وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ } ، يعني : الغداة ، والعشي ، فالغداة الصبح ، والعشاء عند مجاهد هي صلاة الظهر . ورُوي عنه : الظهر والعصر ، وقيل : عنى بها صلاة المغرب ، وهو قول الحسن ، وابن زيد . وروي عن منصور ، عن مجاهد أنه قال : { طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ } صلاة الفجر ، والظهر ، { وَزُلَفاً مِّنَ ٱلَّيْلِ } : المغرب والعشاء . وقال الضحاك : عنها بها صلاة العصر . وقال مجاهد : وزلفاً من الليل : أي : ساعات من الليل : صلاة العتمة . وروي عن الحسن : أنها صلاة المغرب ، والعتمة . والاختيار عند الطبري ، وغيره أن تكون صلاة المغرب ، لأنها طرف ، تصلى بعد غروب الشمس ، كما صلاة الصبح طرف ، تصلى قبل طلوع الشمس : فكلاهما طرف . وقوله تعالى : { إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَاتِ } . ( روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن ، إذا اجتنبت الكبائر " " وقال أبو عثمان النهدي : كنت مع سلمان تحت شجرة ، فأخذ غصناً منها ، فهزَّه حتى تساقط ورقه ، ثم ضحك ، فقلت : ما أضحكك ؟ قال : إني كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يوماً تحت شجرة ، فأخذ غصناً منها ، فهزَّه حتى تساقط ورقه ، ثم ضحك . فقلت : ما أضحكك يا رسول الله ؟ فقال : أضحكني أن العبد المسلم إذا توضأ وضوءه للصلاة ، ثم صلى الصلوات الخمس ، تساقطت عنه ذنوبه كما تساقطت هذه الورق ، ثم تلى هذه الآية { أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ } - إلى آخرها " . وروي عن مجاهد ، عن ابن عمر ، أنه قال : " ما من مسلم يتوضأ ، فيحسن الوضوء ، إلا تناثرت عنه خطاياه ، كما تتناثر ورق الشجرة اليابسة . ثم تكون صلاته نافلة ( له ) " ثم قرا ابن عمر : { أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ } الآية قال ابن عباس وغيره : هي الصلوات الخمس . وقال مجاهد : هو قولنا : سبحان الله / ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر . وقيل : المعنى : أن التوبة تذهب الصغائر . { ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ } : أي : النهي عن الركون إلى الذين ظلموا ، وإقامة الصلاة تذكرة لقوم يذكّرون ، وعد الله عز وجل ، وثوابه ، وعقابه ، سبحانه . " وروي أن هذه الآية نزلت في رجل أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ! إني وجدت امرأة في بستان فقبلتها والتزمتها ، ونلْت منها كل شيء إلا الجماع ، فافعل بي ما شئت . فأنزل الله { أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ } - إلى قوله - { لِلذَّاكِرِينَ } . فقال معاذ بن جبل : يا رسول الله ! أخاصٌّ له أم عام للناس ؟ ( فقال : بل للناس كافة ) " . وقال أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، " أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له : إني أصبت حداً ، فأقمه عليّ . فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم ، عنه . وحضرت الصلاة ، فصلى : فقال : يا رسول الله ! إني أصبت حداً ، فأقم علي كتاب الله . فقال : أصليت معي ؟ قال : نعم . قال : قد غفر الله لك " . وقيل : المعنى : أن الصلوات الخمس ، يكفرن ما بينهن من الذنوب ، إذا اجتنبت الكبائر . ثم قال تعالى لنبيه عليه السلام : { وَٱصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } : أي : " اصبر يا محمد على ما تلقى من مشركي قومك من الأذى " . فالله لا يضيع ثواب من صبر في الله عز وجل . ثم قال تعالى : { فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ } أي : فهلاَّ كان من القرون الذين خصصنا خبرهم في هذه السورة ، أولو بقية في الفهم ، والعقل ، فيعتبرون مواعظ الله عز وجل ، ويتدبرون حججه ، جلت عظمته فينتهون عن الفساد . وفي الكلام معنى التعجب . وقوله : { إِلاَّ قَلِيلاً } قليل هو استثناء ليس من الأول . قال ابن زيد : هم الذين نجوا حين نزل العذاب ، يعني : قوم يونس عليه السلام ، ومن نجا مع الرسل . { ٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } أي : من دنياهم وبطرهم . والمعنى : اتبعوا ما أبطَرَهُمْ فيه ربهم من نعيم دنياهم ، إيثاراً على الآخرة ، وما ينجيهم من عذاب الله . وقال مجاهد : اتبعوا مهلكهم وتَجَبُّرَهُم ، وتركوا الحق ، واستكبروا عن أمر الله . والمترف في كلام العرب ( المُنَعَّمُ في الدنيا ) الذي قد غُذِّي باللذات . { وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ } : أي : مكتسبين الكفر . { مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ } : وقف وقد أجاز أبو حاتم الوقف على الأرض ، ورُدَّ ذلك عليه ، لأن بعده استثناء .