Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 27-29)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { فَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا } إلى قوله : { قَوْماً تَجْهَلُونَ } : المعنى : أنهم قالوا له : ما نراك إلا آدمياً مثلنا في الخلق . فأنكروا أن يرسل الله عز وجل ، بشراً إلى الخلق ، ثم قالوا : { وَمَا نَرَاكَ ٱتَّبَعَكَ إِلاَّ ٱلَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا } أي : السفلة ، دون الأكابر . وقيل : هم الفقراء ، وقيل : هم الخسيسو الصناعات . وروي في الحديث أنهم كانوا حاكة ، وحجامين . ولا يقال رجل أرذل ، ولا امرأة رذلاء حتى تدخل الألف واللام ، أو يضاف . وقوله : { بَادِيَ ٱلرَّأْيِ } مَنْ همزه جعله من الابتداء ، أي : اتبعوك ابتداء ، ولو فكروا لم يتبعوك . ومن لم يهمز ، جاز أن يكون على تخفيف الهمزة ، وجاز أن يكون من بَدَا يَبْدو : إذا ظهر ، أي : اتبعوك في ظاهر الرأي ، وباطنهم على خلاف ذلك . وقيل : المعنى : اتبعوك في ظاهر الرأي ، ولو تدبروا لم يتبعوك . وقيل : المعنى : اتبعوك في ظاهر الرأي الذي ترى ، وليس تدري باطنهم . ونصبه عند الزجاج على حذف " في " أو على مثل : { وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ } [ الأعراف : 155 ] . وقيل : المعنى : أنه نعت لمصدر محذوف ، والمعنى " اتباعاً ظاهراً " . ثم حكى الله عز وجل ، عنهم قالوا لمن آمن بنوح صلى الله عليه وسلم : { وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ } إذ آمنتم بنوح { بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ } : أي : في دعوتكم أن الله عز وجل ، ابتعث نوحاً رسولاً . وهذا خطاب لنوح ، لأنهم به كذبوا ، فخرج الخطاب له مخرج خطاب الجميع . قال نوح لقومه : { يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيۤ } : أي : على معرفة به ، وعلم . / { وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ } : أي : رزقني التوفيق ، والنبوءة ، والحكمة ، فآمنت ، وأطعت . { فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ } : أي : عميت عليكم الرحمة ، أي : خفيت ، فلم تهتدوا لها . والرحمة عند الفراء : الرسالة . ومن شدد فمعناه : " فَعَمَّها " الله عليكم ، أي : خفاها . وفي قراءة عبد الله ، وأُبَيّ : " فَعَمَّاهَا الله عليكم " وقد أجمع الجميع على التخفيف في " القصص " ، ولا يجوز غيره . ثم قال : { أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ } أي : أنآخِذُكُمْ بالدخول في الإسلام على كره منكم ، فنلزمكم ما لا تريدون . يقول صلى الله عليه وسلم : " لا تَفْعَلْ ذلك ، بل نكل أمرهم إلى الله ، سبحانه " . قال النحاس : { أَنُلْزِمُكُمُوهَا } : أنجبها عليكم . وأنتم لها كارهون . وقيل : معنى { أَنُلْزِمُكُمُوهَا } : هي شهادة أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له . وقيل : الهاء في { أَنُلْزِمُكُمُوهَا } للرحمة . وقيل : للبينة . ثم حكى الله عنه أنه قال : { يٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً } : أي : لا آخذ منكم على نصحي إياكم ، ودعائيَ لكم إلى الإيمان { مَالاً } : ما أجري في ذلك إلا على الله ، هو يجازيني ويثيبني . { وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } : أي : لست أطردهم ، ولا الذين آمنوا بي . وذلك أنهم سألوه أن يطردهم . قال ابن جريج : قالوا : " إن أحببت أن نتبعك فاطردهم . فقال : لا أطردهم ملاقوا ربهم ، فيجازي من طردهم وآذاهم ، ويسألهم عن أعمالهم . ثم قال لهم : { وَلَـٰكِنِّيۤ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ } : أي : تجهلون ما يجب عليكم من حق الله .