Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 44-47)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَقِيلَ يٰأَرْضُ ٱبْلَعِي مَآءَكِ } إلى قوله { أَكُن مِّنَ ٱلْخَاسِرِينَ } . المعنى : يا أرض اشربي ما عليك من الماء . { وَيٰسَمَآءُ أَقْلِعِي } : لا تمطري . { وَغِيضَ ٱلْمَآءُ } : أي : نَقُص جعل الله عز وجل ، في الأرض والسماء تمييزاً ، وقيل : هو مجاز . { وَقُضِيَ ٱلأَمْرُ } : أي : بهلاكهم ، { وَٱسْتَوَتْ عَلَى ٱلْجُودِيِّ } : أي : استقرت السفينة على الجودي ، وهو جبل بناحية الموصل ، أو الجزيرة . { وَقِيلَ بُعْداً } : أي : وقال الله بعداً . وقيل : المعنى : وقال نوح ومن معه { بُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } : أي : أبعدهم الله من رحمته . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : ركب نوح السفينة في أول يوم من رجب ، فصام هو ومن معه ، وجرت السفينة ستة أشهر . فانتهى ذلك إلى المحرم ، فأرست على الجودي يوم عاشوراء ، فصام نوح وأمر جميع من معه من الوحش ، فصاموا شكراً لله عز وجل . وروي أن السفينة مرت بالبيت ، فطافت به أسبوعاً . وفي الجودي لغتان . تشديد الياء ، وتخفيفها . فمن شدد جمعه على جوادي ، ومن خفف جمع على جوادٍ ، مثل جوارٍ . ( على الجودي ) : وقف عند أبي حاتم ، وليس كذلك ، لأن ( وقيل ) : عطف على واستوت . ثم قال تعالى : { وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبْنِي مِنْ أَهْلِي } : أي : إنك وعدتني أن تنجيَ أهلي ، وابني منهم . { وَإِنَّ وَعْدَكَ ٱلْحَقُّ } : أي : الذي لا خلف فيه ، { وَأَنتَ أَحْكَمُ ٱلْحَاكِمِينَ } أي : فاحكم لي ( بأن تفي ) بما وعدتني . قال الله له : { يٰنُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } : أي : ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم . وقال الحسن : لم يكن ابنه ، وكان يحلف أنه ما كان ابنه . فمعنى : { لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } : أي : ليس بابن لك ، إنما هو ابن امرأته وقال عكرمة ، وغيره : هو ابنه ، ولكن كان على غير دينه ، وإنما وعده الله عز وجل ، أن ينجيَ أهله المؤمنين به . فمعنى { لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } : ليس من أهل دينك . ثم قال تعالى : { إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ } : أي : إن سؤالك يا نوح إياي أن أنجي مشركاً عملٌ منك غير صالح . وقيل : المعنى : إن الذي سألت أن أنجيه ، ذو عمل غير صالح . وقيل : المعنى : إن عمله غير صالح . وعن ابن مسعود / أنه قرأ " إنه عمل غير صالح أن تَسْألني ما ليس لك به علم " { فَلاَ تَسْئَلْنِ } ، فتكون الهاء للمجهول ، وخبر " عمل " محذوف دل عليه { فَلاَ تَسْئَلْنِ } . ومن قرأ : " عمل غير صالح " ، فكذلك قرأ الكسائي . وفيه : حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه كذلك قرأ . ومعناه : ظاهر ، كأنه قال : إنه كافر ، والمعنى : إن ابنك كافر ، عمل عملاً غير صالح ، مثل { وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً } [ المؤمنون : 51 ، سبأ : 11 ] ، ومثل { وَعَمِلَ صَالِحاً } [ البقرة : 62 ، سبأ : 37 ] . ثم قال تعالى : { إِنِّيۤ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ } هذا تنبيه لنوح ، صلى الله عليه وسلم ، لئلا يسأل عما طوي عنه علمه . وقال ابن زيد : المعنى : إني أعظك أن تبلغ الجهالة بك ، أن تظن أني لا أفي بوعد وعدتك ، حتى تسألني ما ليس لك به علم . فاستقال نوح من سؤاله ، واستعاذ من ذلك . وقال : { رَبِّ إِنِّيۤ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِيۤ أَكُن مِّنَ ٱلْخَاسِرِينَ } : فاستغفر من زلته في مسألته ، وهذا " يدل على أن الأنبياء ( صلوات الله عليهم ) ، يذنبون " . ومعنى : { مِّنَ ٱلْخَاسِرِينَ } : أي : الذين خسروا رحمتك يوم القيامة . والمعنى : إني أسألك أن توفقني وتلطف بي ، حتى لا أسألك ( ما ليس لي به علم ) .