Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 66-68)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا } - إلى قوله - { لِّثَمُودَ } : والمعنى : ولما جاء عذابنا نجينا صالحاً منه . { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا } : أي : بنعمة ، { وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ } : أي : نجيناهم من هوان ذلك اليوم ، وذلته . ومن خفض { يَوْمِئِذٍ } ، أضاف إليه حرفاً واحداً بالإعراب ، ومن نصب بناه مع " إذ " لإضافته إلى غير متمكن وهو إذ . قال المبرد : من خفض قال : سير عليه يومئذ فرفع ، ومن فتح فتح مع سير ، وغيره لأنه مبني . { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلْقَوِيُّ } أي : في بطشه إذا بطش " . { ٱلْعَزِيزُ } أي : الذي لا يغلبه شيء . وروى عمرو بن خارجة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " كانت ثمود قوم صالح ، أطال الله أعمارهم حتى جعل أحدهم يبني المسكن من المدر ، فينهدم لطول حياته ، فلما رأوا ذلك اتخذوا من الجبال بيوتاً ، فنحتوها ، وجوَّفُوها وكانوا في سعة من عيشهم فقالوا : يا صالح ! ادعُ لنا ربك يخرج لنا آية تعلم أنك رسول الله . فدعا صالح ربه ، فأخرج لهم الناقة ، فكان شِرْبُها يوماً ، وشربهم يوماً معلوماً . فإذا كان يومُ شِرْبِها ، خلوا عنها ، وعن الماء وحلبوها لبناً ملءَ كل إناءٍ ، ووعاء ، وسقاء ، فأوحى الله ، جلّ ذكره ، إلى صالح : أن قومك سيعقرون الناقة ، فقال لهم صالح ذلك ، فقالوا : ما كنا لنفعل ذلك ، فقال لهم : إلا تعقروها أنتم يوشك أن يولد فيكم مولود يعقرها . قالوا : ما علامة ذلك المولود ؟ قال : فإنه غلام أشقر ، أزرق ، أصهب ، أحمر . وكان في المدينة شيخان عزيزان منيعان ، ( وكان ) لأحدهما ابن يرغب له عن المناكح ، وللآخر ابنة لا يجد لها كفؤاً . فجمع بينهما مجلس ، فزوّج أحدهما ابنته لابن الآخر ، فولد بينهما ذلك المولود . وكان في المدينة ثمانية رهطٍ ، يفسدون في الأرض ، ولا يصلحون ، فقال صالح لقومه : اختاروا ثماني نسوة ، قوابل من القرية ، واجعلوا معهن شُرَطاً ، فكانوا يطوفون بالقربة ، فإذا وجدوا امرأة تَلِدُ ، نظروا صفة ولدها إن كان ذكراً . فلما رأيْنَ ذلك المولود صرخن ، وقلن : هذا الذي يريد رسول الله صالح . فأراده الشرط ، فحال جداه بينهم وبينه ، وقالا : لو أن صالحاً أراد هذا قتلناه . فكان شر مولود ، فشب في سرعة ، واجتمع الثمانية الذين يفسدون في الأرض ، وفيهم الشيخان ، فاستعملوا على أنفسهم ( الغلام ) لمنزلته ، وشرفه . وكانوا تسعة ، وكان صالح لا ينام معهم في القرية . كان ينام في مسجد له خارج القرية . فإذا أصبح أتاهم ، فوعظهم ، وذكرهم " . وروى ابن جريج أن صالحاً أمر بقتل الولدان ، فقتل أبناء ثمانية رهط . وكان لهم صاحبٌ ترك ابنه فكبر . فقال الثمانية : لو أنا لم نقتل أبناءنا لكانوا مثل هذا الغلام . فائتمروا التسعة بينهم بقتل صالح . وقالوا : نخرج مسافرين ، والناس يروننا علانية ، ثم نرجع في وقت كذا من ليلة كذا ، فنقتله في مُصَلاَّه ، والناس يحسبون أننا مسافرون ، فأقبلوا حتى دخلوا تحت صخرة يرصدونه . فأرسل الله ، جلّ ذكره ، عليهم ، الصخرة فَرَضَخَتْهم / ، فأخبر الله أهل القرية بموتهم ، فقالوا : تَنَادَوْنَ : أي : عباد الله ! ما رضي صالح بِأن جعلهم قتلوا أولادهم حتى قتلهم . فأجمع أهل القرية على عقر الناقة أجمعون إلا رجلاً منهم . وقال عمر وابن خارجة : أراد المولود مع الثمانية قتل صالح ، فمشوا حتى أتَوا سِرباً على طريق صالح ، فاختفى فيه ثمانية ، وبقي هو ، وقالوا : إذا خرج علينا قتلناه ، وأتينا أهله ، فبيتناهم ، فأمر الله عز وجل ، الأرض ، فاستوت عليهم ، فاجتمعوا ومشَوْا إلى الناقة ، وهي على حوضها قائمة . فقال الشقي لأحدهم : إيتِهَا فاعقرها ، فأتاها فتعاظمه ذلك ، فرجع ثم بعث آخر ، فَعَظُم عليه عقرها ، فرجع ثم آخر ، فرجع ، حتى رجع الجميع ، ولم يعقروا . فمشى هو إليها ، وتطاول ، فضرب عُرْقُوبَيْها ، فوقعت تركض . وأتى رجل منهم صالحاً ، فقال : أدرك الناقة ، فقد عقرت . فأقبل ، وخرج وهم يتلقونه ، ويعتذرون إليه . يا نبي الله ! إنما عقرها فلان ، إنه لا ذنب لنا . قال : انظروا هل تدركون فصيلها ، فإن أدركتموه فعسى الله أن يدفع عنكم العذاب . فخرجوا يطلبونه ، فلما رأى الفصيل أمه تضطرب أتى جبلاً يقال له : القارة قصيراً . فصعد عليه ، وذهبوا ليأخذوه . فأوحى الله عز وجل ، إلى الجبل ، فطال في السماء ، حتى ما تناله الطير ، قال : ودخل صالح القرية ، فلما رآه الفصيل بكى حتى سالت دموعه ، ثم استقبل صالحاً ، فَرَغَا رغوةً ، ثم رغا أخرى ، ثم رغا أخرى . فقال صالحُ لقومه : لكل رغوة أجل يوم : تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ، وآية العذاب أن اليوم الأول تصبح وجُوهُكم مصفرة ، واليوم الثاني محمرة ، واليوم الثالث مسودة . فلما أصبحوا إذا وجوهُهُم كأنها طليت بالخلوق ، كلهم كذلك . فلما أمسوا صاحوا بأجمعهم : ألا إنه قد مضى يوم من الأجل وحضركم العذاب . فلما أصبحوا اليوم الثاني ، إذا وجوههم محمرة ، كأنها خضبت بالدماء ، فصاحوا وضجوا ، وبكوا ، وعرفوا أنه العذاب . فلما أمسوا صاحوا بأجمعهم : ألا إنه قد مضى يومان من الأجل ، وحضركم العذاب . فلما أصبحوا اليوم الثالث إذا وجوههم مسودة ، كأنها طليت بالقار . فصاحوا : ألا قد حضركم العذاب , فتكفنوا بالأنطاع ، وتحنطوا بالصبر ، ثم ألقوا أنفسهم بالأرض ، ينظرون من أين يأتيهم العذاب ، من فوق ( رؤوسهم ) ، أو من أسفل . فلما أصبحوا في اليوم الرابع أتتهم صيحة من السماء فيها صوت كل صاعقة ، وصوت كل شيء له صوت في الأرض ، فتقطعت قلوبهم في صدورهم ، فأصبحوا جاثمين . أي : خامدين في ديارهم . والدار محلة القوم ، والموضع الذي / فيه نزلهم في معسكرهم ومجتمعهم ، والديار : الدور التي سكنها كل واحد منهم . " ولما مر النبي صلى الله عليه وسلم ، ( في ) غزوة تبوك بوادي ثمود ، أمر أصحابه أن يسرعوا لئلا ينزلوا به ، ولا يشربوا من مائه . وأخبرهم أنه واد ملعون " { كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ } : أي : لم يعيشوا . قال الأصمعي : المغاني : المنازل ، ويقال : غَنَيْتُ بالمكان : إذا أقمت به . فالمعنى كأن لم يَغْنَوْا بها في سرور ، وغبطة . { أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّثَمُودَ } : ألا أبعدهم الله لنزول العذاب بهم .