Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 77-80)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيۤءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً } - إلى قوله - { شَدِيدٍ } . والمعنى : ولما جاءت الرسل لوطاً ساءه ذلك ، ولم يعرفهم ، وخاف من قومه . { وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً } : أي : ضاقت نفسه بهم لما يعلم من فسق قومه . فالضمير في " بهم " في الموضعين للرسل . قال قتادة : قالت الرسل : لا تهلكهم حتى يشهد عليهم لوط ، قال : فأتوه ، وهو في أرض ( له ) ، يعمل فيها ، فقالوا له : إنا متضيفوك الليلة . فانطلق بهم ، فلما مشى ، قال : أما بلغكم أمرهم ؟ قالوا : وما أمرهم ؟ قال : أشهد بالله إنها لشر قرية بالأرض عملاً ، يقول ذلك أربع مرات . وروي أنهم لقوه ، وهو يحطب ، فسلموا / عليه ، فرد عليهم السلام ، ثم حمل حزمته ، ودعاهم إلى ضيافته . فلما دخل بهم المدينة ، مر بقوم فقالوا : هذا مع لوط حاجتنا ، قوموا بنا إليهم . فقال لوط : أشهد أنكم قوم سوء ، ثم مر بآخرين ، فقالوا بمثل ذلك ، فشهد لوط عليهم بمثل ذلك ، ثم مر بآخرين . فقالوا بمثل ذلك ، فشهد عليهم لوط مثل ذلك . فقال جبريل لإسرافيل ، وميكائيل ، عليهم السلام : هذه ثلاث مرات شهد بها نبيهم عليهم . وقال السدي : خرجت الملائكة من عند إبراهيم ، عليهم السلام ، نحو قرية لوط ، فأتوها نصف النهار ، فلما بلغوا نهر سَدُوم ، لقوا بنت لوط تستقي من الماء لأهلها ، فقالوا لها : يا جارية هل من منزل ؟ قالت : نعم ، مكانكم حتى آتيكم . فرقت عليهم من قومها ، فأتت أباها ، فقالت : يا أبتاه : إن أدرك فتْيَاناً على باب المدينة ، ما رأيت وجوه قوم هي أحسن منهم ، لئلا يأخذهم قومك فيفضحوهم وقد كان قومه نهوه أن يضيف رجلاً ، وقالوا : خل عنا نضيف الرجال ، فجاء بهم لوط ، ولم يعلم أحد إلا أهل بيت لوط ، فخرجت امرأته ، فأخبرت قومها ، وقالت : إن في بيت لوط رجالاً ما رأيت قط مثلهم . { وَجَآءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ } : أي : يسرعون ، وقيل : يسعون ، وقيل : يهرولون ، فقال لهم لوط : { هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ } : أي : شديد شره ، عظيم بَلاَؤُهُ . { وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ } : أي : من قبل مجيئهم إلى لوط ، كانوا يأتون الرجال في أدبارهم " ، فراودُوه في أضيافه ، فقال : { هَـٰؤُلاۤءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ } ، أي : هؤلاء النساء هن أحل لكم ، يريد نساءهم ، والنبي أبٌ لأمته . وقد قرئ : " وأزواجه أمهاتهم ، وهو أب لهم " قرأه ابن مسعود . قال عكرمة : إنما قال لهم هذا لينصرفوا ، ولم يعرض بأحد . وقيل : عرض التزويج عليهم من بناته إن أسْلموا . وقيل : كان في ملتهم جائز أن يتزوج الكافر المسلمة . وقوله : { أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ } : أي : يعرف الحق ، فيأمر به . قالوا له : { لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ } : أي : ليس هن لنا أزواجاً . { وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ } : أي : أضيافك إياهم نريد ، قال لهم لوط ، عليه السلام ، { لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً } أي : أنصاراً ينصرونني عليكم . { أَوْ آوِيۤ إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ } : أي : أنضم إلى عشيرة مانعة ، تحول بينكم ، وبين أضيافي . والجواب محذوف ، والمعنى : لقاتلتكم ، ولحلت بينكم وبينهم . وقال ابن جريج : " بلغنا أنه لم يبعث نبي من بعد لوط ، إلا في ثروة من قومه " . وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " رحمة الله على لوط ، إنه كان ليأوي إلى ركن شديد " وقيل : إن لوطاًَ لما قال ذلك وجدت عليه الملائكة ، وقالوا : إن ركنك لشديد .