Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 19-21)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ } - إلى قوله - { أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } . والمعنى : ومر قوم يسيرون ، من مارة الطريق ، { فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ } : وهو الذي يرد المنهل ( أ ) والمنزل ، وور ( و ) ده إياه ، مصير إليه { فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ } ، أي : أدخلها الجب ، وأرسلها . يقال : أدليت الدلو : إذا أرسلتها في الجب ، ودلوتها إذا أخرجتها ؟ . وفي الكلام حذف ، والمعنى : فدلى دلوه : أي : أخرجها فتعلق بها ( يوسف ) ، فقال المدلـ ( ـي ) : ( يا بشراي هذا غلام ) . فقال السدي : لما رآه قد تعلق ، نادى رجلاً من أصحابه ، يقال له : بشرى : يا بشرى ، هذا غلام . وكذلك قال ابن جبير ، وقتادة . وهو معنى قراءة من قرأ : " يا بشراي " . وقيل المعنى : يا بشار ( تـ ) ـي دعا بشارته . ومن قرأ بغير ياء ، احتمل أن يكون دعا رجلاً اسمه بشرى فلم يضفه إلى نفسه ، فهو في موضع رفع . وقيل : إنه دعا البشرى ، كأنه قال : يا أيتها البشرى . ومعنى نداء البشرى : أنه على تنبيه المخاطبين ، وتوكيد القصة . فكأنه قال : يا قوم أبشروا ، ويجوز أن تكون هذه / القراءة ، يراد بها الإضافة ، ثم حذف ( ت ) الياء . ثم قال تعالى : { وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً } أي : وأسر يوسف الوُرَّادُ بضاعة من التجار . قالوا لهم : هو معنا بضاعة ، استَبْضَعْنَاهُ بعض أهل الماء " التي " إلى مصر . وذلك أن السدي قال : لما رفعه المستدلي ، وأصحابه ، باعو ( ه ) من رجلين . فخاف من التجار أن يعلموا بثمنه . فيقولـ ( ـون ) لهما : أشركانا فيه . فقالوا : هو بضاعة ( معنا ) لأهل الماء . وقال مجاهد : المعنى " أسره التجار بعضهم من بعض " . وعن ابن عباس : أن المعنى : وأسره إخوته ، وأسر يوسف نفسه ( من التجار ) خوفاً أن يقتله إخوته . واختار البيع ، وذلك أن إخوته ذكروه لوارد القوم ، فنادوا الوارد : يا بشرى هذا غلام يباع ، فباعه إخوته . ثم قال تعالى : { وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ } أي : بثمن ذي بخس ، أي : حرام . وقوله : ( وشَرُوْهُ ) : يحتمل أن يكون معناه : وباعوه ، وأن يكون اشتروه ، وهو من الأضداد . قال مجاهد : باعه إخوته حين أخرجه المدلى . وقال قتادة ، وغيره : المعنى : وباعه السيارة من بعض التجار ، بثمن بخس . وقيل : المعنى : فاشتراه السيارة من إخوته بثمن بخس ، وهو اختيار الطبري ، ثم خافوا أن يشركهم فيه أصحابهم ، وقالوا هو بضاعة . معنى : { وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّاهِدِينَ } ، أي : إخوته . وقيل : هم الذين اشتروه ، والأول أحسن ، لأن إِشراءَهُم إياه من التجار يدل على ( آن ) رغبتهم فيه ، وبيع إخوته له بثمن بخس يدل على زهادتهم فيه . ويجوز أن يكون الضمير : الوارد ، أي : وكان الوارد الذي رفعه من الجب فيه من الزاهدين ، والذين اشتروهم الذين اشتروه من الوارد ، وليسوا بزاهدين فيه ، بل اشتروه خوفاً أن يشركهم فيه غيرهم لرغبتهم فيه . والبخس عند ابن عباس ، والضحاك : الحرام . وقيل : هو الظلم ، وهو قول قتادة . وقال مجاهد : هو القليل ، وهو قول عكرمة . والبخس في اللغة النقصان ، فمعناه : [ بـ ] ـثمن مبخوس : أي : منقوص . ومعنى { دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ } : أي : غير موزونة ، ناقصة . وقيل : المعنى : أنها أقل من أربعين ، لأنهم كانوا لا يزنون ما كان أقل من أربعين ، لأ ( ن ) أقل أوزانهم ، وأصغرها الأوقية ، ( وهي ) أربعون درهماً . وقال ابن عباس ، وابن مسعود ، وغيرهما : كانت عشرين درهماً . وقال مجاهد : كانت اثنين وعشرين درهماً ، أخذ كل واحد من إخوة يوسف درهمين ، درهمين ، وهم أحد عشر رجلاً . وقال عكرمة : كانت أربعين . وكان إخوة يوسف فيه من الزاهدين ، لا يعلمون نبوءته وكرامته على الله . ثم قال ( تعالى ) : { وَقَالَ ٱلَّذِي ٱشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي ( مَثْوَاهُ ) } : والذي اشتراه : هو الملك بمصر . اسمه : قطفير وهو العزيز . وكان على خزائن مصر ، وكان الملك المعظم عندهم / يومئذ : الريان بن الوليد ، رجل من العمالقة . وكان اسم امرأة العزيز راعيل ، وكان الملك زوجها لا ولد له ، ولم يكن يأتـ [ ـي ] النساء ، فأراد أن يتبناه . وروي عن ابن مسعود أنه ، قال : أفرس الناس ثلاثـ [ ـة ] : العزيز ، حين قال لامرأته { أَكْرِمِي مَثْوَاهُ } ، وابنة شعيب حين قالت لأبيها : { إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَأْجَرْتَ ٱلْقَوِيُّ ( ٱلأَمِينُ ) } [ القصص : 26 ] ، وأبو بكر الصديق ، رضي الله عنه ، حين ولى عمر ، رضي الله عنه . ثم قال تعالى : { وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلأَرْضِ } : والمعنى وكما خلصناه من القتل من أيدي إخوته ، كذلك مكنا له في الأرض ، فجعلناه على خزائنها . وقيل : المعنى : وكذلك مكنا له في الأرض ، بأن عطفنا قلب الملك عليه حتى تمكن على الخزائن . { وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ } : مكناه ، وهذا تصديق ليعقوب في قوله ليوسف : { وَكَذٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ } : وتأويل الأحاديث عبارة الرؤيا . { وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ } : أي : مستولٍ على أمر يوسف . وقيل : غالب على أمره : أي ( مستول على أمره ) ، يفعل ما يشاء . " فالهاء " [ في ] المعنى الأول ليوسف ، وفي الثاني لله . وقيل : إنها في القول الثاني ليوسف ( أيضاً ) . [ أي ] : غالب على أمر يوسف ، يفعل فيه ما يشاء . { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } : وهم الذين باعوه بثمن بخس ، وزهدوا فيه ، والذين مضوا به إلى مصر وباعوه .