Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 30-32)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي ٱلْمَدِينَةِ ٱمْرَأَةُ ٱلْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ } إلى قوله : { ٱلصَّاغِرِينَ } : المعنى : وتحدث نسوة بمصر بخبر امرأة العزيز ، ولم ينكتم أمرهما ، وقلن : امرأة العزيز تراود عبدها . والعرب تسمي المملوك فتى . { قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً } : أي قد بلغ حبه إلى شغاف قلبها ، حتى غلب عليه . والشفاف : غلاف القلب . وقيل : حجابه وقيل : الشغاف : حبة القلب ، وسويداؤه . وقرأ أبو رجاء ، والأعرج ، وقتادة : " شعفها " بالعين ، غير معجمة : أي : قد ذهب بها كل مذهب ، لأن شغاف الجبال أعاليها . وقال الشعبي : الشفاف : حب ، والشغف : جنون . { إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } أي : في خطأ ظاهر ، { إِذْ رَاوَدتُّنَّ } [ يوسف : 51 ] غلامها عن نفسه . فلما سمعت امرأة العزيز بقول النسوة ، وما مَكَرْن ذلك أنهن فيما روي ، فعلن ذلك لتريهن يوسف . فقلن ما قلن مكراً بها ، فلذلك سمي قولهن مكراً . وقيل : إنها كانت أطلعتَهُنَّ على ذلك ، واستكتمتهن ، فأفشين ذلك ، ومكرن بها . فلما سمعت بما فعلن ، أرادت أن تُوقِعهن فيما وقعت هي فيه : { أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئاً } : أي : أعدت لهن مجلساً ، أو مما يتكئن عليه من النمارق . وهو يفتعل من " وكأت " . والأصل فيه : " مؤتكاً " ، ففعل به ما فعل " بمتزر " من الوزر . وقد نطق به بالتاء / مع غير تاء الإفتعال . قالوا : " تك الرجل متكئاً " . وقال ابن جبير : متكئاً : طعاماً وشراباً . وقال السدي : ما يتكئن عليه . وقال ابن عباس : مجلساً . وقرأ الحسن : " متكى " بإسكان التاء من غير همز ، على وزن " فعلـ ( ـى ) وهو المجلس والطعام . وقال الضحاك : المتك : الزُّمَاوَرْد ، وقيل هو الأترنج ، روي ذلك عن ابن عباس . وحكى القتيبي أنه يقال : " اتكأنا عند فلان ، أي : أكلنا عنده " قوله : { وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّيناً } : يدل على أنه طعام يقطع بالسكاكين . فكأنه في التقدير : وأعتدت لهنَّ طعاماً متكئاً ، ثم حذف مثل { وَسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ ٱلَّتِي كُنَّا فِيهَا } [ يوسف : 82 ] . والسكين : يُذَكر ، ويؤنث عند الكسائي ، والفراء ، ولا يعرف الأصمعي إلا التذكير . { وَقَالَتِ ٱخْرُجْ عَلَيْهِنَّ } أي : قالت ليوسف : أخرج ، فخرج ( عليهن ) { فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ } : أي عظم وجل في أعينهن ، وكَبُر ، وعظم ، وبُهْتنَ . وقيل : { أَكْبَرْنَهُ } : حضن الحيض البين . " فالهاء " على القول الأول ليوسف ، وعلى القول الثاني للحيض ، كناية على المصدر . وأكبر [ ن ] ، بمعنى حضن ، مروي عن ابن عباس ، والضحاك . وعن مجاهد أن المعنى : فلما رأينه أعظمنه فحضن . وقوله : { وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ } بالحز بالسكاكين . قال السدي : جعلن يحززن في أيديهن ، وهن يحسبن أنهن يقطعن الأترج ، ما يعقلن مما طرأ عليهن من جماله ، وهيأته . وقال قتادة ، ومجاهد : " تقطعن أيديهن حتى ألقينها " . قال عكرمة : قطعن أيديهن : أي : أكمامهن . " وروي أن يوسف ، وأمه أعطيا ثلث الحسن " وعن النبي صلى الله عليه وسلم ، " أنهما أعطيا ثلث الحُسن " وقوله : { وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ } : أي : معاذ الله . وحاشا يكون بمعنى التنزيه ، وبمعنى الاستثناء ، وهي هنا للتنزيه . { مَا هَـٰذَا بَشَراً } : استَعظَمْنَ أمره ، إذ لم يرين من البشر مثله . { إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ } : أي : من الملائكة . قالت لهن : { فَذٰلِكُنَّ ٱلَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ } : أي : فهذا الذي حلّ بكن في تقطيع أيديكنَّ الذي لمتنني في حبه . وقال الطبري : ذلك بمعنى هذا . ثم قالت : { وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ } إقراراً منها أن ما قيل حقٌّ ، { فَٱسَتَعْصَمَ } : قال قتادة : استعصى ، وقال ابن عباس : امتنع . { وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَآ آمُرُهُ ( لَيُسْجَنَنَّ ) } : أي : إن لم يطاوعني على ما أدعوه إليه { لَيُسْجَنَنَّ } { وَلَيَكُوناً مِّن ٱلصَّاغِرِينَ } : أي : من المهانين ، المذلين بالحبس ، والسجن . وكأن في الكلام تقديماً ، وتأخيراً ، لأن تهديدها له بالسجن والهوان . أي : إن لم يساعدها إنما كان قبل تخريق القميص ، وقبل معرفة زوجها بما ( جرى ) لها معه ، والله أعلم بذلك . فهذا الذي يدل عليه معنى النص : إذ بوقوف زوجها على القصة ، انقطع ما بينهما ، وطالبته بالعقوبة فسُجِن .