Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 84-86)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَٰأَسَفَىٰ عَلَى يُوسُفَ } - إلى قوله - { مَا لاَ تَعْلَمُونَ } . والمعنى : وأعرض يعقوب عن بنيه ، وقال : يا حزناً على يوسف . والأسف شدة الحزن . ثم حكى الله تعالى ذكر [ ه ] لنا أن / عَيْنَيْ يعقوب ابيضتا من الحزن ، ( فـ ) ـهو كظيم : أي : مكظوم ، أي مَمْلُوءٌ من الحزن ، ممسك عليه ، لا يبثه . قال ابن زيد : الكظيم الذي أسكته الحزن . وقال مجاهد : كظم الحزن : إذا أمسكه عليه ، لا يبثه . وقال عطاء : كظـ ( يـ ) ـم : مكروب . وقال السدي : كظيم من الغيظ . والكاظم في اللغة : الذي حزن لا يشكو حزنه وقال الحسن : وجد يعقوب على يوسف وُجْدَ سبعين ثَكْلَى وما ساء ظنه بالله ساعة قط ، من ليل ، ولا نهار . ( وروى الحسن عن النبي ) صلى الله عليه وسلم : " وإنما اشتد حزن يعقوب ( على يوسف ) لأنه علم بحياته ، وخاف على دينه " . وقيل : إنما حَزِنَ ( نَدَ ) ماً على تسليمه لإخوته ، وهو صبي ، والحزن ليس بمحظور . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذ مات ولده إبراهيم : تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول ما يسخط الرب " . وقال له أولاده : { تَاللهِ تَفْتَؤُاْ تَذْكُرُ يُوسُفَ } أي : لا تزال تذكره . ولا تفتر من حبه . { حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضاً } : أي ، ذا جهد ، وهو المريض البالـ ( ـي ) . وقال قتادة : حرضاً هَرِماً . وقال ابن زيد : الحرض الذي قد رد إلى أرذل العمر ، حتى لا يعقل . وقال الفراء : الحرض : الفاسد الجسم ، والعقل . ( و ) قال أبو عبيدة : الحرض : الذ [ ي ] أذابه الحزن . { أَوْ تَكُونَ مِنَ ٱلْهَالِكِينَ } : أي : من الموتى . قال يعقوب لهم جواباً لقولهم : { إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّي } أي : همي وحزني : وحقيقة البث في اللغة : هو ما يرد على الإنسان من الأشياء المهلكة ، التي لا يمكنه إخفاؤها ، وسميت المعصية بثاً مجازاً ، وهو من بثثته ، أي فرقته . وروي أن يعقوب كبر حتى سقط حاجباه على وجنتيه ، فكان يرفعهما بخرقة . فقال ( له ) رجلٌ : ما بلغ بك ما أرى ؟ فقال : طول الزمان ، وكثرة الأحزان . فأوحى الله عز وجل إليه : يا يعقوب تشكوني قال : خطيئة ، فاغفرها ، فغفرها الله عز وجل له . فما كان إذا سئل إلا قوله { إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى ٱللَّهِ } - الآية وقوله : { وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } : قال قتادة : " ذكر لنا أن يعقوب لم ينزل به بلاء قط إلا أتى حسن ظنه بالله ( عز وجل ) من ورائه " .