Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 87-92)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { يٰبَنِيَّ ٱذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ } إلى قوله : { وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } ، المعنى : أن يعقوب ، عليه السلام طمع في يوسف ، فأمرهم بالرجوع إلى ( الـ ) ـموضع الذي أتوا منه يلتمسون يوسف ، وأخاه : يعني : بنيامين شقيق يوسف . { وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ } : أي : " لا تقنطوا من أن يُرَوّحَ الله عنا ما نحن فيه من الحزن . { إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ } : أي : لا يقنط من فرجه ، و ( لا ) يقطع رجاءه منه إلا الكافرون . قال السدي ، وقتادة : روح الله فرج الله . قيل : إنه أمرهم أن يرجعوا إلى الذي احتال عليهم في أخيهم ، وأخذ منهم ، فيسألوا عنه ، وعن مذهبه . وروى ابن لهيعة " يرفعه إلى " ( عن ) ابن عمر ، أن يعقوب كتب معهم كتاباً إلى يوسف : بسم الله الرحمن الرحيم / من يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله ، إلى عزيز مصر ( إلى ) فرعون : سلام عليك . فإني أحمد الله إليك ، الذي لا إله إلا هو . أما بعد : فإنا أهل بيت مولع بنا أسباب البلاء : أما جدي إبراهيم خليل الله ، فألقي في النار ، فصيرها ( الله عليه برداً ) ، وسلاماً ، وأمر أن يذبح ابنه إسحاق أبي ، ففداه الله بما فداه به . وأما أنا فكان لي ابن من أحب الناس إليّ ، ففقدته فأذهب حزني عليه صبري ، وحنى له ظهري . وأخوه المحبوس عندك في السرقة . وإني أخبرك : إني لم أَسْرِقْ ، ولم أَلِدْ ، سَارِقاً ، فاحذر دعوتي فإنها مستجابة عليك . وأعجب منك كيف حبست قرة عيني ، وقد علمت موقعه من قلبي ، فاردد علي ابني ، وإلا فاحذر دعوتي والسلام . قال فلما قرأ يوسف ، عليه السلام كتاب أبيه يعقوب ، بكى بكاءً شديداً ، وصاح بأعلى صوته : { ٱذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَـٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ } [ يوسف : 93 ] : فكان البشير إليهم يهوذ [ ا ] ابن يعقوب . وقيل : إن يوسف لما قرأ كتاب أبيه يعقوب ارتعدت فرائصه ، واقشعر جلده ، ولان قلبه ، وبكى ، ثم أعلمهم بنفسه . قوله : { فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ } . وفي الكلام حذف . والمعنى : فخرجوا إلى مصر ، فلما دخلوا على يوسف ، قالوا : { يٰأَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ } أي : الممتنع : { مَسَّنَا وَأَهْلَنَا ٱلضُّرُّ } : من الشدة ، والجدب . فخضعوا له ، . وتواضعوا . قال ابن إسحاق : خرجوا ببضاعة لا تبلغ ما يريدون من الميرة ، إلا أن يتجاوز لهم فيها ، فقالوا : { وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ } : أي : بدراهم لا تجوز في ثمن الطعام إلا بالمسامحة . قال ابن عباس : مزجاة : دراهم زيوف . وقال ابن أبي مليكة : مزجاة ، خلق الغرائر : والمتاع الحقير . " مزجاة : يعني : قليلة ، إما لأنه متاع البادية لا يصلح للملوك ، وإما لأنه قال مزجاة تحتقر في كل مكان . وقد فسرها بعضهم بأنها البطم والصنوبر . والبطم : هو الحبة الخضراء . { فَأَوْفِ لَنَا ٱلْكَيْلَ } : فكان يوسف هو الذي يكيل ، إشارة إلى أن الكيل والوزن على البائع . وقيل : أتوا بالسمن ، والصوف . وقال أبو صالح : أتوا بالحبة الخضراء ، والصنوبر . وقال الضحاك : مزجاة : كاسدة ، وأصله من التزجية ، وهي الدفع ، والسوق ، فكأنها بضاعة تدفع ، ولا يقبلها كل أحد . يقال : فلان يزجي العيش : أي : يدافع وعن مالك رضي الله عنه أن المزجاة هنا : الجائزة في كل موضع . واحتج ( مالك ) في ( أن ) أجرة الكيال والوزان على البائع بقولهم : { فَأَوْفِ لَنَا ٱلْكَيْلَ } . ثم قال : { وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ } : أي تفضل علينا ، ما بين الجياد والرديئة . وقيل : المعنى : لا تنقصنا من السعر من أجل رداءة دراهمنا . { إِنَّ ٱللَّهَ يَجْزِي ٱلْمُتَصَدِّقِينَ } : أي : يثيب المتفضلين . وقد اختلف الناس في الصدقة على الأنبياء . فقيل : إنها كانت حلالاً ، ثم حرمت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم . وقيل : كـ ( ـانت ) حراماً على جميع الأنبياء . ( وقيل ) : إنما سأل هؤلاء المسامحة ، لا الصدقة بعينها . وقيل : إنهم أرادوا بقولهم : { وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ } : أي : تصدق علينا برد أخينا إلينا ، قاله ابن جريج . قال السدي ، عن أبيه لما دخل إخوة يوسف / على يوسف . وكان أكبرهم إذا غضب قامت شعرةٌ ( من عنده ) ، وانبعثت دماً فلا تزال كذلك حتى يمسه بعض ولد يعقوب . قال : فكلمه يوسف ، وعرف يوسف أنه أغضبه فانبعثت الشعرة دماً ، أمر يوسف أخاه أن يدنو منه فيمسه ، ففعل فانقطع الدم ، ثم فعل ذلك مرة أخرى ، فعند ذلك تعارفوا . قال ابن إسحاق : بلغني أنه لما كلموه بهذا الكلام ، فقالوا : { تَصَدَّقْ عَلَيْنَآ } غلبته نفسه ، فارفضَّ دمعه باكياً ، ثم باح لهم بالذي كان يكتم ، فقال ( لهم ) : { هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ } : أي جاهلون بعاقبة ما تفعلون . وقيل : المعنى : إذ أنتم صغار ، جهال قالوا له : { أَءِنَّكَ لأَنتَ يُوسُفُ } فقال : نعم { أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـٰذَا أَخِي قَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَآ } بأن جمعنا بعدما فرقتم بيننا . { إِنَّهُ مَن يَتَّقِ ( ٱللَّهَ ) وَيَِصْبِرْ } : أي : يتقي معصية الله ، ويصبر على السجن . قال ابن إسحاق : لما قال لهم : { هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ } . كشف لهم عن الخطأ فعرفوه . { قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ ٱللَّهُ عَلَيْنَا } : أي : فضلك بالعلم والحلم . وما كنا في فعلنا إلا خاطئين . يقال : خطئ يخطأ : إذا أتى الخطيئة عالماً [ بها ] ، وأخطأ يخطئ إذا قصد شيئاً ، فأصاب غيره ، غير متعمد للخطأ . قال لهم يوسف : { لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ } : أي : لا تغيير عليكم ولا إفساد لما بيني وبينكم من الحرمة ، وحق الأخوة . ولكن لكم عندي العفو والصفح . { لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ } ، تمام عند الأخفش ، ثم تبتدأ : { ٱلْيَوْمَ يَغْفِرُ ٱللَّهُ لَكُمْ } على الدعاء ، وعند نافع وغيره : { عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ } : التمام . وهو أحسن وأبين .