Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 30-31)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِيۤ أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَآ أُمَمٌ } إلى قوله { لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ } : المعنى : هكذا يا محمد { أَرْسَلْنَاكَ فِيۤ أُمَّةٍ } : أي : إلى أمة قد خلت من قبلها أمم على ما هم عليه من الكفر ، لتتلو عليهم القرآن { وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِٱلرَّحْمَـٰنِ } أي : يجحدون وحدانيته . قل يا محمد : هو ربي : أي : إن كفر هؤلاء الذين أرسلت إليهم ، فقل أنت الله ربي { لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ } أي : وإليه مرجعه ، وأَوْبتي . وهو مصدر تاب متاباً ، وتوبة . ثم قال تعالى ( ذكره ) : { وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ ٱلْجِبَالُ } . هذه الآية نزلت جواباً لقريش ، وذلك أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : إن سرك أن نتبعك فسيّر لنا جبال تهامة ، أو زد لنا في حرمنا حتى نتخذ قطائع نحترث فيها ، أو أحي لنا فلاناً ، أو فلاناً لناس ماتوا : فأنزل الله ( عز وجل ) : { وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً } - الآية - أي : ولو فعل هذا بقرآن قبل قرآنكم لفعل ذلك بقرآنكم . وقال الضحاك : قال كفار مكة للنبي صلى الله عليه وسلم : سير لنا الجبال كما سيرت لداود ( صلى الله عليه وسلم ) ، واقطع لنا الأرض كما قطعت لسليمان ، وكلِّم لنا الموتى ، كما كان عيسى يكلمهم . فنزلت هذه الآية . وهذا قول ابن زيد . وجواب " لو " محذوف ، وتقديره : لو فعل هذا بقرآن لفعل مثله بقرآنكم وقيل : التقدير : لما آمنوا . وقال الكسائي : " لو " بمعنى : " وددنا " فلا تحتاج إلى جواب . والتقدير : وددنا أن قرآناً ( سيرت به الجبال ) . وقيل المعنى : لو قضيت ألا يقرأ هذا القرآن على الجبال ، إلاَّ مرَّت ، وعلى الأرض إلا تخرقت ، ولا على الموتى إلا حَيّوا ، وتكلموا : ما آمن من سبق عليه في علمي الكفر . ويدل على هذا التفسير قوله بعد ذلك : { أَفَلَمْ يَيْأَسِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَهَدَى ٱلنَّاسَ جَمِيعاً } أي : أفلم يعلم الذين صدقوا ذلك . وقال الفراء : الجواب : وهم يكفرون بالرحمن ، والتقدير : ولو أن قرآناً سيرت به الجبال لكفروا بالرحمَن . وقيل : إن قوله : { وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِٱلرَّحْمَـٰنِ } نزلت في أبي جهل ، لعنه الله ، وذلك أن النبي عليه السلام كان في الحجر يدعو يقول : يا رحمن ، وأبو جهل لعنه الله يستمع إليه ، فولى أبو جهل ، ( أخزاه الله ) مُدْبراً إلى قريش ، فقال لهم : إن محمداً ينهانا أن نعبد الآلهة ، وهو يدعو إلاهين : يدعو الله ، ويدعو إلهاًَ آخر يقال له الرحمن . فأنزل الله ( عز وجل ) { وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِٱلرَّحْمَـٰنِ } ، وأنزل { قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ } [ الإسراء : 110 ] الآية . ثم قال تعالى ( ذكره ) : { أَفَلَمْ يَيْأَسِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } والمعنى : أفلم يعلم الذين آمنوا ، والتفسير : أن الكفار لما سألوا تسيير الجبال بالقرآن ، وتقطيع الأرض ، وتكليم الموتى . طمع المؤمنون أن يُعطى الكفار ما سألوا ، فيؤمنوا / فقال الله : أفلم يعلم الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً ، ولا يحتاجون إلى رؤية ما ذكروا . وقيل : المعنى : أفلم ييئس الذين آمنوا من إيمان هؤلاء ، لعلمهم أن الله ، ( عز وجل ) ، لو أراد أن يهديهم لهداهم . ثم قال ( تعالى ) : { وَلاَ يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ ( قَارِعَةٌ ) } ( الآية ) : أي : لا يزال يا محمد الكفار من قومك تصيبهم بما صنعوا من الكفر ، ومن إخراجك ( من ) بين أظهرهم قارعة : وهو ما يقرعهم من البلاء والعذاب ، من القتل والحرب . والسرايا التي تمضي إليهم . وقيل : القارعة : النكبة ، أو تحل أنت يا محمد قريباً من ديارهم بجيشك ، وأصحابك { حَتَّىٰ يَأْتِيَ وَعْدُ ٱللَّهِ } : ( أي ) الذي وعدك فيهم ، وهو الظهور عليهم ، وقهرك إياهم بالسيف . { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ } ما وعدك به ، وهو فتح مكة . وعن الحسن : وعد الله : القيـ ( ـا ) مة في هذا الموضع . وقيل : أن تحل القارعة قريباً من دارهم . قاله الحسن .