Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 90-93)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { كَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَى ٱلْمُقْتَسِمِينَ } إلى قوله : { يَعْمَلُونَ } . الكاف من " كما " في موضع نصب نعت [ لمصدر محذوف ] . و [ قيل ] : للمفعول المحذوف ، أي : النذير عذاباً مثل العذاب الذي أنزلنا على المقتسمين . قال ابن عباس : المقتسمين اليهود والنصارى ، قسموا القرآن فآمنوا ببعض وكفروا ببعض . قال مجاهد : هم أهل الكتاب جزءوا القرآن فجعلوه أعضاءً ، آمنوا ببعض وكفروا ببعض . وقال عكرمة : هم أهل الكتاب اقتسموا القرآن ، استهزءوا به فقال بعضهم : هذه السورة لي ، وقال آخر : هذه السورة لي . وعن مجاهد أيضاً : هم أهل الكتاب اقتسموا كتابهم فكفر بعضهم ببعضه ، وآمن الآخرون بذلك البعض ، وكفروا [ بـ ] ـبعض آخر . وقال قتادة : هم قوم من قريش خمسة عضهوا كتاب الله [ عز وجل ] . وقيل : عني بذلك قوم صالح الذين تقاسموا على تبييت صالح وأهله ، وهم تسعة ، قاله ابن زيد . وقيل : هم قوم اقتسموا طريق مكة أيام مقدم الحاج بعثهم أهل مكة ليشيعوا في كل ناحية عند كل من يقدم مكة [ من الناس ] أن محمداً مجنون وأنه شاعر وأنه ساحر . قال ابن عباس : هم اثنا عشر رجلاً من قريش اقتسموا على أعقابِ مكة لمن يقدم مكة من الناس ليصدوهم عن نبي الله . فيقول بعضهم : هو كاهن ، وبعضهم هو شاعر ، وبعضهم هو مجنون . وقيل : هم قوم أقسموا ألا يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ولا يفارقوا الانحراف عنه ، والطعن عليه . وقال عطاء : هم قوم من قريش فرقوا القول في القرآن / فقال بعضهم : هو سحر وقال آخرون : هو شعر وقال آخرون : هو أساطير الأولين . وعن ابن عباس أيضاً في { جَعَلُواْ ٱلْقُرْآنَ عِضِينَ } أي : فرقوه فرقاً . وهو مشتق من العَضْو ، والمحذوف منه على هذا القول واو . والكسائي يذهب إلى أنه من : عَضَهْت الرجل ، إذا رميته بالبهتان . والتصغير على هذا القول الأول " عضية " وعلى قول الكسائي عُضَيْهَة . وقال الفراء : العِضُون في كلام العرب المتفرقون . واستجيز جمعه بالواو والنون عند البصريين ليكون ذلك عوضاً مما حذف منه . وحكى الفراء أن من العرب من يقول : هذه عضينك . فتركه بالياء في كل حال ، ويجعل الإعراب في النون ، بمنزلة ذهبت سنينك في لغة من جعلها بالياء على كل حال وجعل الاعراب في النون . [ قال ] : وهي كثيرة في أسد وتميم وعامر . توهموا أن الواو واو فعول لما وقعت موضع حرف ناقص [ و ] قلبوها ياء لأنها أخف من الواو وجعلوا الاعراب في النون . كما قال بعضهم سمعت لغاتَهم . فنصب ، وحق التاء الكسر في النصب والخفض كتاء " مسلمات " . لكن نصبها في موضع النصب كما تقول : سمعت أصواتهم . فمن قال في التصغير عضيهة ، وجعله على عضين ، قال : فعلت به ما فعلت ببرة وبرين . وحذفت الهاء كما حذفتها من شفه وأصلها شفهة وتصغيرها [ شفيهة . ومثله شاة وتصغيرها ] شويهة ، وأصلها شاهه وجمعها شياه . كما تقول في شفه : شفاه . ومن أخذه من عضيت أي : فرقت أعضى تعضية فهو من قول الشاعر : @ " وليس دين الله بالمعضى " @@ أي بالمفرق . ثم قال [ تعالى ] : { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } . أي : فوربك يا محمد لنسئلن هؤلاء الذين جعلوا القرآن عضين في الآخرة عما كانوا يعملون في الدنيا . وقيل : معناه ، لنسئلن هؤلاء عن شهادة أن لا إله إلا الله . قاله : ابن عمر ومجاهد . قال ابن مسعود : والذي لا إله غيره ، ما منكم أحد إلا سيخلو الله [ عز وجل ] به كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر فيقول : ابن آدم [ ماذا ] أخرك مني ؟ ابن آدم ما عملت فيما علمت ؟ ابن آدم ماذا أجبت المرسلين ؟ . [ قال أبو العالية : يسأل العباد كلهم عن خلتين يوم القيامة عن ما كانوا يعبدون وعن ما أجابوا المرسلين ] . وعن ابن عباس في قوله : { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ثم قال في موضع آخر : { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ } [ الرحمن : 39 ] معنى الأول يسألهم لم عملتم كذا وكذا ، ومعنى الثاني لا يسألهم هل عملتم كذا وكذا لأنه عالم بذلك . قال ابن عباس : نزلت في الوليد بن المغيرة { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ } إلى آخرها . روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم [ قال ] " كلكم مسئول يوم القيامة : فالإمام يُسْأل عن الناس وعن رعيته . والرجل يُسْأَل عن أهله وولده / والمرأة تُسْأل عن بيت زوجها . والعبد يُسْأل عن مال سيده " . وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما من راع استرعى رعية إلا سأله الله يوم القيامة عن رعيته ، هل أقام فيهم أمر الله أم أضاعه ، حتى أن الرجل ليُسْألَ عن خاصته وأهل بيته " . قال معاذ بن جبل : " لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يُسْأَل عن أربعة ، عن عمره فيما أفناه وعن جسده فيما أبلاه وعن ماله من أين كسبه وفيما أنفقه وعن عمله كيف عمل فيه " . وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " يسألون عن شهادة أن لا إله إلا الله " .