Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 94-96)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال تبارك وتعالى : { فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ } . معناه ، بلغ ما أرسلت به إليهم ، قاله ابن زيد . وقال ابن عباس : معناه افعل ما تؤمر وامضه . وعنه : أعلن بالقرآن ، قال : وكان نبي الله اكتتم مخافة [ قومه ] سنتين فأمره الله أن [ يصدع ] بما يؤمر أي : يعلن به ويظهره وأن يعرض عن المشركين ثم نسخ ذلك وأمره بقتالهم وقال { إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ } . وقال مجاهد : المعنى : اجهر بالقرآن في الصلاة . قال عبد الله بن عبيد : لم يزل النبي [ صلى الله عليه وسلم ] بمكة مستخفياً حتى نزلت : { فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } فخرج هو [ و ] أصحابه . وقال الزجاج : معناه : ابنِ ما تؤمر به وأظهره ، مشتق من الصديع وهو الصبح . وقال المبرد : [ معناه ] : اصدع الباطل بما تؤمر : أي : افرق بين الحق والباطل بهذا القرآن وبينه . يقال : تصدع القوم إذا تفرقوا . ومنه صداع الرأس وتصدعت الزجاجة تفرقت أجزاؤها . وفاء الفعل مصدر عند البصريين ، فلذلك لم يقل : " بما تؤمر به " . وتقديره : فاصدع بأمرنا ، وهو القرآن . وقال الكسائي : " ما " بمعنى : الذي . والتقدير بما تؤمر به ، ثم حذفت : " به " . فأما قوله { وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } فهذا كان قبل أن يؤمر بالقتال ثم ، أمر بالقتال فنسخه الأمر بالقتال ، قاله : ابن عباس والضحاك . ثم قال تعالى : { إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ * ٱلَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلـٰهاً آخَرَ } . المستهزؤون : في قول ابن عباس ، وهم الوليد بن المغيرة المخزومي والعاصي بن وائل ، وعدي بن قيس ، والأسود بن عبد يغوث الزهري ، وهو ابن خال رسول الله صلى الله عليه وسلم والأسود بن المطلب ، وأبو زمعة الحرث بن عيطلة كانوا يهزؤون بالنبي عليه السلام . وعن ابن عباس : أنهم خمسة ، ولم يذكر الحرث بن عيطلة ، كانوا يهزؤون بالنبي عليه السلام . فروي أنهم مروا ، رجلاً [ رجلاً ] على النبي صلى الله عليه وسلم ومعه جبريل عليه السلام ، فإذا مر رجل منهم قال [ له ] جبريل : كيف تجد هذا ؟ فيقول / النبي : بئس عبد الله ، فيقول له جبريل : كفيناكه . فهلك الخمسة بأمر الله [ عز وجل ] ونصره لنبيه [ صلى الله عليه وسلم ] : أما الوليد بن المغيرة فإنه تردى بردائه فتعلق سهم بردائه فقعد يحله فقطع أكحله فنزف فمات . وأما الأسود بن عبد يغوث فأتى بغصن فيه شوك فضرب به وجهه فسالت حدقتاه على وجهه . فكان يقول : دعوت على محمد [ دعوة ] ودعا علي دعوة ، فاستجيب لي ، واستجيب له : دعا علي أن أعمى ، فعميت . ودعوت عليه : أن يكون وحيداً فريداً في أهل يثرب فكان ذلك . وأما العاصي بن وائل فوطئ شوكة فتساقط لحمه على عظامه حتى هلك . وأما الأسود بن المطلب وعدي بن قيس فإن أحدهما قام من الليل وهو مطمئن يشرب من جرة فلم يزل يشرب حتى ينفتق بطنه فمات . وأما الآخر فلدغته حية فمات . فمعنى الآية : إنا كفيناك يا محمد الساخرين منك الجاعلين مع الله إلهاً آخر [ سبحانه وتعالى ] ، { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } ما يلقون من عذاب الله عند مصيرهم إليه يوم القيامة . وقال عكرمة : المستهزؤون قوم من المشركين كانوا يقولون سورة البقرة سورة العنكبوت يستهزئون بأسماء السور . وروى ابن وهب : عن زيد بن أسلم أن وهب الذماري قال : " إن نبياً من الأنبياء حدث قومه بحوت ينزله أهل الجنة فاستهزأ به رجل من قومه . فقال النبي [ صلى الله عليه وسلم ] اذهب فأريكه . فذهب حتى إذا جاء البحر جاز حوت مثل البيت قال : هو ذا يا نبي الله ؟ فقال : لا ، ثم جاز حوت مثل الجبل . فقال : هو ذا يا نبي الله ؟ قال : لا ، ثم جاز حوت مثل القصر . قال : هو ذا يا نبي الله ؟ قال لا . ثم جاز حوت مر صدره ضحى ، ولم يمر آخره إلى العصر ، فقال : هو ذا يا نبي الله ؟ فقال : كيف ترى ؟ فقال : والله إن في هذا لمأكلاً ومشرباً . قال : فوالذي نفسي بيده إنه ليتغذى كل يوم طلعت فيه الشمس بسبعين ألف حوت كلهم مثل هذا الحوت ، فصعق الرجل فمات " . وذكر عند مروان بن الحكم [ هذا الحديث ] فقال : لقد ذكر لي أن هذا الحوت قد أحاط بالسماوات السبع ومن تحت العرش . وعن ابن عباس : أنهم هلكوا في ليلة واحدة كل رجل منهم يميته سوى ميتة صاحبه .