Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 30-34)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَقِيلَ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً } إلى قوله { يَسْتَهْزِئُونَ } . قوله : { مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ } ما : في موضع نصب . قالوا : وهي مع " ذا " اسم واحد في موضع نصب . { قَالُواْ خَيْراً } أي : قالوا أنزل خيراً . والمعنى : وقيل لأهل الإيمان والتقوى : ماذا أنزل ربكم ؟ قالوا خيراً . ثم بينوا الخير ما هو فقالوا : { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هٰذِهِ ٱلْدُّنْيَا حَسَنَةٌ } ويجوز حسنة في غير القرآن بالنصب على معنى أنزل للذين أحسنوا حسنة . ثم قال : { وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ } . أي : خير من الأولى { وَلَنِعْمَ دَارُ ٱلْمُتَّقِينَ } دار الآخرة . ثم بين دار المتقين ما هي ، فقال : { جَنَّاتُ عَدْنٍ } أي : بساتين إقامة . فجنات : مرفوعة على الابتداء { يَدْخُلُونَهَا } الخبر . ويجوز رفعها على إضمار مبتدأ . أي : هي جنات عدن ، و { يَدْخُلُونَهَا } حال . ثم قال : { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } أي : من تحت أشجارها . { لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤونَ } . أي ما تشتهيه أنفسهم . { كَذَلِكَ يَجْزِي ٱللَّهُ ٱلْمُتَّقِينَ } . أي : كما جزى الله هؤلاء الذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة ، كذلك يجزي الله من اتقاه فآمن به وأدى فرائضه واجتنب معاصيه . ثم بيّن المتقين فقال { ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ طَيِّبِينَ } . أي : تقبض الملائكة أرواحهن طيبين ، لتطييب الله إياها . { يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ٱدْخُلُواْ } أي : تقول لهم الملائكة : سلام عليكم صيروا إلى الجنة وهذه بشارة من الله للمؤمنين . وروى أنس بن مالك وتميم الداري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " يقول الله لملك الموت : انطلق إلى عبدي إذا جاز أجله فاتني به . فلأريحنه من الدنيا ، فإني قد ضربته بالبأساء والضراء فيها فوجدته حيث أُحِبْ . فينطلق ملك الموت ، ومعه خمس مائة من الملائكة ، يحملون معه كفناً ، وخيوطاً من الجنة ، وضبائر الريحان ، أصل الريحانة واحد وفي رأسها عشرون لوناً ، لكل لون من ذلك ريح طيبة سوى ريح أصحابها ، والحرير الأبيض ، فيه المسك الأذفر . فيجلس ملك الموت عند رأسه ويحتويه الملائكة . فيضع كل ملك منهم يده على عضو من أعضائه ويبسطون / ذلك الحرير الأبيض والمسك الأذفر تحت ذقنه . فإن نفسه لتعلل عند ذلك بطرف الجنة مرة ، وبأزواجها مرة وبسكوتها مرة ، وبثمارها [ مرة ] كما يعلل الصبي أهله إذا بكى . وإن روحه ليهش عند ذلك هشاً . قال : يقول : ينزو نزواً ليخرج يقول ملك الموت لنفسه : أخرجي أيتها النفس الطيبة إلى سدر مخضود ، وطلح منضود ، وظل ممدود وماء مسكوب . فلملك الموت أشد به ألطافاً من الوالدة بولدها . يعرف أن ذلك الروح حبيب لربه [ عز وجل ] فهو يلتمس بلطف حبيب ربه [ عز وجل ] رضاء الرب [ سبحانه ] . فيسل روحه كما تسل الشعرة من العجين . قال الله [ عز وجل ] : { ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } " . قال محمد بن كعب القرظي : إذا استنقعت نفس المؤمن ، يعني في صدره ، جاء ملك الموت ، فقال : السلام عليك ولي الله ، الله يقرأ عليك السلام ، ثم نزع بهذه الآية . وهو معنى قوله : { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } [ يس : 58 ] . قال البراء [ بن عازب ] : يسلم عليهم ملك الموت . وعن ابن عباس في قوله : { فَسَلاَمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } [ الواقعة : 91 ] قال : الملائكة يأتونه بالسلام من قبل الله [ عز وجل ] وتخبره أنه من أصحاب اليمين . وقوله { بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } أي : بعملكم في الدنيا وطاعتكم لله [ عز وجل ] . ثم قال [ تعالى ] : { هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ ٱلْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ } . أي : هل ينظر هؤلاء المشركون إلا أن تأتيهم الملائكة لقبض أرواحهم وبما وعدوا به من العذاب . أو يأتي أمر ربك لحشرهم [ لموقف ] يوم القيامة . وقيل : أو يأتي أمر ربك بالعذاب والقتل في الدنيا . { كَذَلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } أي : كما فعل هؤلاء من انتظارهم الملائكة لقبض أرواحهم وإتيان أمر الله [ عز وجل ] إليهم بالعذاب كما فعل أسلافهم من الكفار بالله فجاءهم ما كانوا ينتظرون { وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ } في إحلال العذاب بهم { وَلـٰكِن كَانُواْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } بمعصيتهم لأمر الله وكفرهم به . قال مجاهد : أن تأتيهم الملائكة من عند الموت ويأتي أمر ربك يوم القيامة . ثم قال تعالى : { فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ } . أي : أصاب هؤلاء الذين تقدم ذكرهم من الأمم الماضية عقاب ذنوبهم ونقم معاصيهم { وَحَاقَ بِهِم } أي : وحل بهم العذاب الذين كانوا به يستهزؤون ويسخرون إذا أنذرتهم الرسل .