Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 35-37)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
[ و ] قوله : { وَقَالَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ } إلى قوله : { وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } . معناه : وقال الذين عبدوا مع الله [ سبحانه ] غيره من الأوثان والأصنام من قريش وغيرهم ، قد رضي الله عنا في عبادتنا ما عبدنا . لأنه لو شاء ، ما عبدناها ، ولو شاء ما حرمنا البحائر والسوائب ، وما بقينا على ما نحن عليه ، إلا لأن الله [ عز وجل ] قد رضي ذلك . ولو لم يرض عنا لغير ذلك ببعض عقوباته ولهدانا إلى غيره / من الأفعال . قال الله [ عز وجل ] { كَذٰلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } من الأمم المشركة فاستن هؤلاء بسنتهم وسلكوا سبيلهم في تكذيب الرسل . { فَهَلْ عَلَى ٱلرُّسُلِ إِلاَّ ٱلْبَلاغُ ٱلْمُبِينُ } . أي : البلاغ الظاهر المعنى المفهوم عند المرسل إليه . وهذا القول الذي قالوه إنما قالوه على طريق الهزء والاستخفاف . كما قال قوم شعيب عليه السلام له : { إِنَّكَ لأَنتَ ٱلْحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ } [ هود : 87 ] على طريق الهزء . ولو قالوه على طريق الجد لكانوا مؤمنين . وكذلك ، لو قال قائل مذنب على طريق الجد : لو شاء الله ما أذنبت ، ولو شاء الله ما قتلت النفس ، لم يكن بذلك كافراً ولا منقوصاً ، وكان كلامه حسناً . وإنما قبح [ كلام ] أولئك وكان كفراً لأنهم قالوه على طريق الهزء لا على طريق الجد . وقد اتفقت الأمة أن الله لو شاء ألا يعبد غيره لم يكن إلا ذلك . ولكنه تبارك وتعالى وفق من أحب إلى ما يرضيه بتوفيقه ، وأضل من أحب ضلاله بخذلانه له . ثم قال [ تعالى ] { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } . أي : بعثنا إلى كل أمة تقدمت وسلفت [ رسولاً ] بأن يعبدوا الله ويخلصوا له العبادة ، ويبعدوا من طاعة الطاغوت ، وهو الشيطان ، ويحذروه أن يغويهم ويصدهم عن سبيل الله [ عز وجل ] فمنهم من هدى الله ، ففعل ما أمر به ، وذلك بتوفيق الله [ عز وجل ] له . ومنهم من حقت عليه الضلالة فضل ولم يؤمن وذلك خذلان الله [ سبحانه ] له . { فَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ } . فسيروا يا مشركي قريش في الأرض التي [ كان ] يسكنها الأمم قبلكم ، إن كنتم غير مصدقين لما يتلى عليكم من هلاك الأمم الماضية بتكذيبهم الرسل . فانظروا آثارهم وديارهم واتعظوا وارجعوا إلى الإيمان بما جاءكم به رسولكم واحذروا أن ينزل بكم ما نزل بهم . ثم قال [ تعالى ] : { إِن تَحْرِصْ عَلَىٰ هُدَاهُمْ } . أي : إن تحرص يا محمد على هدى هؤلاء المشركين من قومك ، فإن من أضله الله منهم فلا هادي له { وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } أي : ليس لهم ناصر ينصرهم من الله [ عز وجل ] إذا أراد عقوبتهم . وفي قراءة أُبَيّ " فإن الله لا هادي لمن أضل " وقرأ ابن مسعود : " فإن الله لا يهدي من يُضل " بضم الياء من ( يضل ) فكسر الدال والضاد . وقرأ الكوفيون : " لا يهد [ ي ] " بفتح الياء . وقرأ الحرميان والشامي والبصري " لا يُهْدَى " بضم الياء وفتح الدال . ومعنى قراءة نافع ومن تابعه : من أضله فلا هادي له . ومعنى قراءة الكوفيين : فإن الله لا يهدي من أضله ، أي : من أضله الله لا يهديه ، أي : من سبق في علمه له الضلالة فإنه لا يهديه الله . وفيها معنى آخر وهو : فإن الله [ لا ] يهتدي من أضله : أي : من أضله الله لا يهتدي . حكى الفراء أنه يقال : هدَّى يهدِّي بمعنى اهتدى يهتدي .