Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 38-40)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ } إلى قوله : { كُنْ فَيَكُونُ } . معناه : وحلف هؤلاء / المشركون من قريش بالله جهد حلفهم لا يبعث [ الله ] من يموت بعد موته ، وكذبوا في أيمانهم { بَلَىٰ } سيبعث الله من يموت بعد مماته . { وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً } أي : وعد عباده ذلك ، والله لا يخلف الميعاد { وَلـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلْنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } أي : أكثر قريش لا يعلمون أن الله يبعث الموتى بعد موتهم . وتأول قوم من أهل البدع أن علياً رضي الله عنه يبعث قبل يوم القيامة بهذه الآية ، فسئل عن ذلك ابن عباس ، فقال : كذب أولئك ، إنما هذه الآية للناس عامة ، ولعمري لو كان علي مبعوثاً قبل يوم القيامة ما أنكحنا نساءه ، ولا قسمنا ميراثه . قال أبو العالية : كان لرجل من المسلمين على رجل من المشركين دين فأتاه يتقاضاه وكان مما تكلم به المسلم أن قال : والذي أرجوه بعد الموت أنه لكذا . فقال المشرك : تزعم أنك تبعث بعد الموت ؟ فأقسم بالله جهد [ يمينه لا يبعث الله من يموت . فأنزل الله عز وجل { وَأَقْسَمُواْ ] بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ } الآية . وقال أبو هريرة : قال الله عز وجل : " يسبني ابن آدم ولم يكن ينبغي له أن يسبني . وكذبني ، ولم يكن ينبغي له أن يكذبني . فأما تكذيبه إياي : فقسمه بالله جهد يمينه لا يبعث الله من يموت . فقلت { بَلَىٰ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً } . وأما سبه إياي : فقال { إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ } وقلت : { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } [ إلى آخر ] السورة " " . ثم قال تعالى : { لِيُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ } . هذه اللام : متعلقة بالبعث المضمر بعد " بلى " . والمعنى : بلى يبعثهم الله ليبين لهم اختلافهم . وقيل : هي متعلقة بـ " بعثنا " من قوله { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً } ليبين لهم اختلافهم وأنهم كانوا من قبل الرسول على ضلالة ، وليعلم الذين جحدوا بعث الأموات من قريش أنهم كانوا كاذبين في قولهم { لاَ يَبْعَثُ [ ٱللَّهُ ] مَن يَمُوتُ } . وقال قتادة { لِيُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ } يعني : الناس عامة . والذي يختلفون فيه هو البعث : منهم من يقر به ومنهم من ينكره . ثم قال تعالى : { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } . معناه : إنما قولنا لشيء مراد ، قلنا له كن فيكون . وهذا إنما هو مخاطبة للعباد بما يعقلون ، وإلا فما أراده تعالى فهو كائن على كل حال ، على ما راده من الإسراع . لو أراد ، تعالى ذكره خلق الدنيا والسماوات والأرض وما بين ذلك في قدر لمح البصر ، لقدر على ذلك . ولكن خوطب العباد بما يعقلون فأعلمهم بسهولة خلق الأشياء عليه وأنه متى أراد الشيء كان . وإذا قال [ له ] كن [ فـ ] ـكان ، أي : فيكون على حسب الإرادة وليس هذا الشيء المذكور موجوداً قبل أن يقول له كن . وإنما المعنى : إذا أردنا الشيء قلنا من أجله كن أيها الشيء فيكون على قدر / الإرادة لأن المشركين أنكروا البعث فأخبرهم الله بقدرته على حدوث الأشياء . وهذا يدل على أن المعدوم يسمى شيئاً ، لأنه قد سماه شيئاً قبل حدوثه . ومثله { لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً } [ الإنسان : 1 ] فأما قوله : { وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً } [ مريم : 9 ] فمعنا [ ه ] لم تك شيئاً مذكوراً ولا موجوداً . ومن إنكارهم البعث قوله : { وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى ٱلْحِنثِ ٱلْعَظِيمِ } [ الواقعة : 46 ] أي : كانوا يحلفون أنهم لا يبعثون . وتحقيق الآية أنه أعلمهم أنه إذا أراد أن يبعث من مات فلا تعب عليه في ذلك لأنه إنما يقول له كن : فيكون ما يريد بلا معاناة ولا كلفة . ومن رفع " فيكون " فعلى القطع ، أي : فهو يكون . نصبه عطفه على " أن نقول " أي : أن يقول فيكون . ولا يجوز النصب على [ الـ ] ـجواب لـ " كن " لأنه خبر وليس بأمر .