Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 51-55)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَقَالَ ٱللَّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـٰهَيْنِ ٱثْنَيْنِ } إلى قوله { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } . المعنى : قال الله لا تتخذوا لي شريكاً فلا تعبدوا معبودين { إِنَّمَا هُوَ إِلـٰهٌ وَاحِدٌ } أي : معبود واحد ، وأنا ذلك المعبود . { فَإيَّايَ فَٱرْهَبُونِ } . أي فاتقون وخافون . أمرهم الله [ عز وجل ] بذلك لأنهم قالوا في الأصنام : { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ } [ الزمر : 3 ] فأعلمهم أنه : لا يجوز أن يعبد غيره . وقوله : " اثنين " تأكيد . كما قال : { إِنَّمَا هُوَ إِلـٰهٌ وَاحِدٌ } فأكده بواحد . وقيل / التقدير : اثنين إلهَين . فلما لم يتعرف معنى اثنين لعمومها في كل شيء بين بإلهين ، وإذا تقدم إلهين لم يحتج إلى اثنين ، لخصوص اللفظ بالألوهية . ثم قال تعالى : { وَلَهُ مَا فِي ٱلْسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } . أي : له ملك ما فيهما لا شريك له في ذلك . { وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِباً } أي : له الطاعة والإخلاص دائماً . قاله : ابن عباس ومجاهد وعكرمة والضحاك . ومنه قوله : { عَذابٌ وَاصِبٌ } [ الصافات : 9 ] أي دائم ، والوصوب الدوام . وعن ابن عباس أيضاً : الواصب : الواجب . قال مجاهد : الدين هنا : الإخلاص . ثم قال تعالى : { أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ } . أي : ترهبون وتخافون أن يسلبكم نعمة الله عليكم إذا أفردتم العبادة لله [ سبحانه ] . وقال الزجاج : معناه : أفغير الذي أبان لكم أنه واحد ، وأنه خالق كل شيء تخافون . ثم قال تعالى : { وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ } . التقدير : وما حل بكم من نعمة فمن الله هي . وقال الفراء : التقدير : وما [ يكن ] بكم من نعمة . وقال قوم : " ما " بمعنى : الذي ، فلا يحتاج إلى إضمار فعل . ودخلت الفاء في الخبر للإبهام الذي في " ما " . ومعنى الآية ما أعطاكم الله [ سبحانه ] من مال وصحة جسم وولد فهو من فضله ، لا من فضل غيره . { ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ } . أي : إذا مسكم في أبدانكم ضر وشدة ، فإلى الله تصرخون بالدعاء ، وبه تستغيثون في كشف ذلك [ عنكم ] . يقال : جأر ، إذا رفع صوته شديداً من جوع أو غيره ، والأصوات مبنية على فُعَال وعلى فَعِيل نحو الصراخ والخوار والبكاء . ونحو العويل والزفير ، والفعال أكثر . ثم قال تعالى ذكره : { [ ثُمَّ ] إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ } . أي ثم إذا وهبكم العافية وفرج عنكم إذا جماعة منكم يشركون بربهم . أي : يجعلون له أنداداً يعبدونها ويذبحون لها الذبائح شكراً لغير من أنعم عليهم بالفرج . { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ } . ليجحدوا بما أتاهم الله [ عز وجل ] من نعمته ، التي فرج عنهم بها . { فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } . هذا وعيد وتهدد من الله [ عز وجل ] لهؤلاء الذين تقدم وصفهم ، أي : فتمتعوا في هذه الحياة الدنيا إلى أن توافيكم آجالكم وتلقون ربكم . قال الزجاج : { إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ } هذا خاص لمن كفر .