Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 70-72)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ } إلى قوله : { وَبِنِعْمَتِ ٱللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ } . أي : والله خلقكم أيها الناس فأوجدكم ولم تكونوا شيئاً ، ثم يتوفاكم أي : يميتكم { وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ } . [ أي ] : ومنكم من يهرم فيصير إلى أرذل العمر ، أي : إلى أرداه . وقيل : إنه يصير كذلك في خمس وسبعين سنة . قال علي بن أبي طالب [ رضي الله عنه ] : أرذل العمر خمس وسبعون سنة . لكن المسلم إذا صار إلى أرذل العمر ازداد مع طول العمر عند الله كرامة وأجراً ، كما قال [ في ] سورة والتين والزيتون : { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } [ التين : 4 ] يعني : آدم خلقه في أحسن صورة ، ثم قال : { ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ } [ التين : 5 ] يعني : الكافر من ولد آدم ثم استثنى المؤمنين من ولد آدم فقال : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } [ التين : 6 ] . أي : غير مقطوع عنهم وذلك إذا ضعف الرجل المسلم عن الصلاة النافلة والصيام النافلة وما هو رضى لله [ عز وجل ] أجرى الله [ سبحانه ] عليه ثواب ذلك في كبره ولذلك قال : { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَحْكَمِ ٱلْحَاكِمِينَ } [ التين : 8 ] أي : إذا فعل ذلك بالمؤمنين فهو أعدل العادلين . ثم قال : { لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً } . أي : يرد إلى الهرم ليصير جاهلاً بعد أن كان عالماً . يعني : الخرف والخفة التي تدخل الشيوخ ، وتحدث فيهم فيصيرون كالصبيان . فهذا تنبيه من الله عز وجل للخلق أن الله [ سبحانه ] نقلهم من جهل إلى علم . ثم من علم إلى جهل ، ومن ضعف إلى قوة ، ثم من قوة إلى ضعف . فهو يقدر على أن ينقلكم من حياة إلى موت ثم من [ موت إلى ] حياة ، فكل ذلك بيده . ثم قال : { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } . أي ، أنه عليم [ قدير ] لا ينسى شيئاً ولا يتغير علمه بعلم ما كان وما يكون ، قدير على ما يشاء . ثم قال تعالى : { وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلْرِّزْقِ } . أي : فضل بعضكم على بعض في الرزق الذي رزقكم في الدنيا فما الذين فضلهم الله [ عز وجل ] على غيرهم في الرزق براد [ ي ] رزقهم على مماليكهم فيستوون فيه [ هم ] و / مماليكهم ، فهذا لا يرضونه لأنفسهم فيما رزقهم الله [ عز وجل ] من المال والأزواج [ وقد جعلوا ] عبيد الله [ سبحانه ] شركاء في ملكه ، فجعلوا له ما لا يرضونه لأنفسهم . هذا كله مثل ضربه الله [ عز وجل ] لهم في عبادتهم الأصنام من دون الله [ سبحانه ] . فهو خطاب وتوبيخ وتقريع للمشركين . فالمعنى أنتم لا يشـ [ ـر ] ككم عبيدكم فيما أنعم الله به عليكم من المال ولا ترضون بذلك لأنفسكم فتكونون أنتم وعبيدكم في ذلك سواء ، فكيف رضيتم بأن جعلتم لله [ سبحانه ] شركاء من خلقه ، فعبدتم معه غيره ؟ فإذا كنتم تأنفون من مساواة عبيدكم بكم فيما في أيديكم [ من رزق الله ] فكيف رضيتم لرب العالمين بمساواة خلقه له فعبدتموهم ؟ وقيل : عنى بذلك الذين قالوا المسيح ابن الله من النصارى . ثم قال [ تعالى ] { أَفَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } . [ أي ] : يجحدون نعمة الله عليهم فيجعلون له شركاء من خلقه . قال ابن عباس في الآية : معناها : لم يكونوا ليشركوا عبيدهم في أموالهم ونسائهم فكيف يشركون عبيدي معي في سلطاني ، وهو معنى قول قتادة . وقيل : معنى الآية أن من فضله الله [ عز وجل ] في الرزق لا يشارك فيه مملوكه وهو بشر مثله ، فكيف شركتم بين الله [ عز وجل ] وبين الأصنام فجعلتم له نصيباً وللأصنام نصيباً ؟ فلم يحسن عندكم أن تشاركوا عبيدكم [ فيما رزقهم ] [ وأنتم ] كلكم بشر ويحسن أن تشاركوا بين الله [ سبحانه ] والأصنام وليست كمثله ، لأنها مخلوقة . فإذا نزهتم أنفسكم عن مشاركة عبيدكم فيما رزقهم الله [ سبحانه ] فالله [ عز وجل ] أحق أن تنزهوه عن مشاركة الأصنام . ثم قال تعالى : { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً } ، [ أي ] : والله خلق زوجة آدم من ضلعه ، قاله : قتادة . وقيل معناه : جعل لكم من جنسكم أزواجاً . ثم قال : { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً } . قال ابن مسعود : الحفدة : الاختان . وهو قول ابن عباس وابن جبير . وعن ابن عباس : أنهم الأصهار . وقال محمد بن الحسن : الختن الزوج ومن كان من ذوي رحمه ، والصهر من كان من قبل المرأة من الرجل . وقال ابن الأعرابي ضد هذا القول في الأختان والأصهار . وقال [ الأ ] صمعي الختن من كان من الرجال من قبل المرأة والأصهار منهما جميعاً ، وقيل : الحفدة أعوان الرجل وخدمه . وروي عن ابن عباس أنه سئل عن الحفدة في الآية فقال : من أعانك فقد حفدك . [ و ] قال عكرمة : الحفدة الخدام . [ و ] عنه أيضاً الحفدة من خدمك من ولدك . وعن مجاهد أنه قال : الحفدة ابن الرجل وخادمه وأعوانه . وعن ابن عباس أيضاً هم ولد الرجل وولد ولده . وقال ابن زيد وغيره : هم ولد الرجل [ و ] الذين يخدمومه . وعن ابن عباس : أنه قال : هم بنو امرأة الرجل من غيره . والحفدة : جمع حافد كفاسق / وفسقة ، والحافد في كلام العرب المتخفف في الخدمة والعمل ومنه قولهم ، وإليك نسعى ونحفد ، أي : نسرع في العمل بطاعتك . ثم قال [ تعالى ] { وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } . أي : من خلال المعاش . { أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ } . أي : [ أ ] فبما يحرم عليهم الشيطان من البحائر والوصائل يصدق هؤلاء المشركون . وقيل معناه : أفبالأوثان والأصنام يؤمنون . { وَبِنِعْمَتِ ٱللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ } . أي : وبما أحل الله لهم من ذلك يكفرون ، وأنعم عليهم بإحلاله لهم ، هم يكفرون أي ينكرون تحليله ويسترونه .