Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 25-28)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ } إلى قوله : { قَوْلاً مَّيْسُوراً } . معناه : ربكم يعلم ما تعتقدون من إبرار والديكم وتعظيمكم إياهم ، أو ضد ذلك من العقوق لهم ، فيجازيكم على ما تعتقدون في أمرهم . [ ومعنى { إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ } أي : إن أصلحتم نياتكم وأطعتم الله في والديكم في القيام بهم والمعرفة بعقوقهم بعد صبوة كانت معكم في أمرهم ] ، أو زلة زللتم ، في [ ترككم ] إبرارهم ، { فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ } أي : للثوابين بعد الهفوة " غفوراً " أي : ساتراً لذنوبهم إذا تابوا منها . قال ابن جبير في قوله : { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ } : هي المبادرة : تكون من الرجل إلى أبويه لا يريد بذلك إلا الخير . وقال ابن عباس : " للأوابين " المسبحين . وقيل : هم المحسنون المطيعون . روي ذلك عن ابن عباس أيضاً . وقال قتادة : هم المطيعون ، أهل الصلاة . وقال ابن المنكدر : هم المصلّون بين المغرب والعشاء . وقال عون العقيلي [ هم ] الذين يصلّون صلاة الضحى . وقال مالك / عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب : هو الذي يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب . وقال ابن جبير : هم الراجعون إلى الخير . وقال مجاهد : هم الذين يذكرون ذنوبهم في الخلاء فيتوبون منها . وأصل آب إلى كذا ، رجع إليه فكأنهم الراجعون من معصية الله [ عز وجل ] إلى طاعته . ومن آب الرجل من سفره ، أي : رجع . وأوّاب فعّال من أب . والأوبة الرجعة منه . ثم قال تعالى : { وَآتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَٱلْمِسْكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ } . هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد به أمته . قال الحسن أمر الله [ عز وجل ] في هذه الآية بصلة الرحم ، ونذب إلى أن تعطي القرابة من المال من غير الزكاة ، ولهم في الزكاة حق وغير ذلك . وقال ابن عباس : هو أن تصل قرابتك والمساكين وتحسن إلى ابن السبيل . وقيل : عني بذي القربى هنا قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم . وروي ذلك عن الحسن بن علي ، أن يعطوا من غير الزكاة . والمسكين هنا هو الدليل من الفقر . وابن السبيل المسافر المنقطع به يضاف ويحسن إليه . وقيل : حق ابن السبيل ضيافته ثلاثة أيام . وهذا ندب غير فرض . ثم قال تعالى : { وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً } . أي : لا تمحق ما أعطاك الله [ عز وجل ] من مال في معصيته ، وأصل التبذير التفريق في السرف . قال ابن مسعود : التبذير : الإسراف في الإنفاق في غير حق . وهو قول ابن عباس وقتادة . وقال ابن زيد : هو النفقة في المعاصي . وهذا قول حسن . ثم قال تعالى : { إِنَّ ٱلْمُبَذِّرِينَ كَانُوۤاْ إِخْوَانَ ٱلشَّيَاطِينِ } . [ أي : المفرقين أموالهم في معاصي الله تعالى وفي غير الحق كانوا أولياء للشياطين ] . { وَكَانَ ٱلشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً } . أي : لنعمة ربه [ عز وجل ] جاحداً لا يشكره عليها ، إذ يترك طاعته ويتبع معصيته فكذلك إخوانه من بني آدم . وكل من تابع أمر قوم وسنتهم فالعرب تسميه أخاً . فلذلك قال : { كَانُوۤاْ إِخْوَانَ ٱلشَّيَاطِينِ } . ثم قال تعالى : { وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ٱبْتِغَآءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا } . أي : إن أعرضتم بوجوهكم عن هؤلاء الذين أمرتم أن تعطوهم حقوقهم من أجل عدمكم ، تبتغون انتظار رزق من عند الله فلا تؤيسوهم ولكن قولوا لهم قولاً ميسوراً ، أي : عدوهم وعداً جميلاً . بأن تقولوا لهم : سيرزق الله فنعطيكم … وشبه ذلك من القول اللين . كما قال تعالى ذكره : { وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ } [ الضحى : 10 ] هذا معنى قول النخعي وابن عباس وغيرهما . وقال ابن زيد : معنى الآية : إن خشيتم منهم أن ينفقوا ما أعطيتموهم في معاصي الله [ عز وجل ] ورأيتم أن منعهم خير ، فقولوا لهم : قولاً ميسوراً ، أي : قولاً جميلاً : رزقك الله ، ووفّقك الله ونحوه . وكان النبي عليه السلام إذا سئل وليس عنده شيء أمسك انتظار رزق الله [ عز وجل ] أن يأتي كأنه يكره الرد . فلما نزلت { فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً } كان إذا سئل ولم يكن عنده ما يعطي يقول / يرزقنا الله وإياكم من فضله . وقال جماعة من المفسرين : [ نزلت ] هذه الآية في خباب ، وبلال وعامر بن فهيرة ، وغيرهم من فقراء المسلمين كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم فيعرض عنهم ويسكت . إذ لا يجد ما يعطيهم ، فأمر أن يحسن لهم في القول ، إلى أن يرزقه الله ما يعطيهم ، وهو قوله : { ٱبْتِغَآءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا } ، أي : انتظار الرزق من ربك تتوقعه { فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً } أي : عدهم وعداً حسناً .