Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 33-34)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلحَقِّ } إلى قوله : { كَانَ مَسْؤُولاً } . أي : لا تقتلوا نفساً قد حرّم الله [ عز وجل ] قتلها . " إلا بالحق " / أي : إلا أن تكفر بعد إسلام ، أو تزنى بعد إحصان ، أو قوداً بنفس . وقوله : { فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً } . أي : جعلنا له نصراً وحجة على أخذ الثأر ممن قتل وليّه فإن شاء عفا وإن شاء قتل وإن شاء أخذ الدية . فإذا عفا بعض الورثة لم يقتل القاتل . والمرأة في ذلك والرجل سواء إذا كانا وارثين ، هذا قول الشعبي وعطاء وطاووس والنخعي والثوري والشافعي وابن حنبل . فإن كان في الورثة صغيراً استوني بالقتل حتى يبلغ ، فإن عفا لم يقتل وإن لم يعف قتل ، وهو قول عمر بن عبد العزيز ، وابن أبي ليلى . وابن شبرمة . والثوري وأحمد وإسحاق . وقال الحسن البصري وقتادة : لا عفو للنساء وإن كن وارثات . وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المرأة اختلاف ، وروي عنه أنه قال : لا عفو للزوج ، وعنه : لا عفو للمرأة في الدم . وقال الليث وربيعة والأوزاعي ليس للنساء عفو في دم ولا قسامة . وقال مالك إذا كان ورثة المقتول بنين وبنات فعفت إحدى البنات لم يجز عفوها ، فإن عفا أحد البنين جاز العفو وأخذت الدية ويرثها الورثة على قدر موارثهم من الميت ، ويقضي عن الميت من الدية دين إن كان عليه . وقوله { وَلِيِّهِ } يحتمل واحداً وجماعة ، كما قال : { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ } [ العصر : 2 ] . ومعنى : { وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً } أي : من قتل على غير المعاني المتقدم ذكرها . وقال الشافعي : إذا عفا الولي استحق أخذ الدية . ثم قال تعالى : { فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ } . أي : لا يقتل الولي غير قاتل وليه . لأن أهل الجاهلية كانوا يفعلون ذلك : يقتل الرجل الرجل فيقتل أولياء المقتول أشرف من القاتل ويتركون القاتل ، فنهى الله [ عز وجل ] عند ذلك بقوله : { فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ } أي لا يسرف الولي . ومن قرأ بالتاء ، جعله مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم والأئمة بعده . وقيل هو مخاطبة للقاتل ألا يقتل غيره فيسرف في ذلك فيناله القتل . وقيل : معنى { فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ } لا يمثل ولي المقتول بالقاتل ، بل يقتله كما قتل وليه ، قاله قتادة . وقيل : معناه لا يقتل اثنان بواحد . والهاء في " أنه " تعود على المقتول ، فتعود الهاء على " من " قاله مجاهد . فيكون المعنى : إن المقتول كان منصوراً بوليه . وقال قتادة : الهاء للولي . أي : [ بأن الولي ] كان منصوراً . وقيل : الهاء تعود على الدم . أي : [ إن ] دم المقتول كان منصوراً على القاتل . وقال الفراء : الهاء تعود على القتل أي القتل كان منصوراً . وقال أبو عبيدة الهاء للقاتل [ أي ] : إن القاتل كان منصوراً إذا قيد منه في الدنيا وسلم من عذاب الآخرة بقتله . ثم قال تعالى : { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } . أي : لا تأكلوا أموال اليتامى إسرافاً وبداراً أن يكبروا ولكن / أقربوها بالإصلاح والتثمير لها . قال قتادة : لما نزلت هذه الآية ، اشتد ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . فكانوا لا يخالطوهم في طعام ولا أكل ولا غيره . فأنزل الله [ عز وجل ] . { وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ ٱلْمُفْسِدَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِ } [ البقر : 220 ] فكانت هذه رخصة لهم في المخالطة . وقال مجاهد : معنى الآية : لا تقربوا مال اليتيم فتستقرضوا منه { إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } التجارة لهم فيها . وقوله : { حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ } . قال ربيعة وزيد بن أسلم ومالك بن أنس : الأشد : الحلم . ومعناه في اللغة : حتى يبلغ وقت اشتداده في العقل وتدبير ماله وصلاح حاله في دينه . وأن يكون مع ذلك في غير ذي عاهة في عقل وأن يكون حاز ما في ماله . وكذلك الأشد في قصة يوسف [ عليه السلام ] هو الحلم ، فأما الأشد في [ قصة ] موسى [ عليه السلام ] فقيل : هو بضع وثلاثين سنة . و " استوى " بلغ أربعين سنة . و [ قيل ] : الأشد هنا ثمان عشرة سنة . والأشد ، عند سيبويه ، جمع واحد [ ه ] : شَد كقَد وأقدُ . وهو عند غيره اسم مفرد . ثم قال [ تعالى ] : { وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ ٱلْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً } . أي : مسؤولاً عنه من نقضه . أي : أوفوا بما عاهدتم عليه الناس من صلح أو بيع أو شراء . إن الله سائل ناقض العهد عن نقضه إياه ، وقيل : مسؤولاً : مطلوباً . ومن العهد الذي أمر الله [ عز وجل ] بوفائه الوقوف عند أمره ونهيه والعمل بطاعته ومنه جميع ما أمر الله [ عز وجل ] به في هذه الآية قبله ونهى عنه .