Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 62-65)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـٰذَا ٱلَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ } إلى قوله : { وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلاً } . المعنى : قال إبليس أرأيتك يا رب هذا الذي كرمت علىّ . أي : فضلته علي وأمرتني بالسجود له { لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } . أي : أخرت هلاكي إلى يوم القيامة ، يريد النفخة الثانية ، وهي التي لا يبقى بعدها أحد إلا الله جل ذكره ، فأتى الله [ سبحانه ] ذلك عليه . وقال إنك { مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ * إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ } [ الحجر : 37 - 38 ] وهي : النفخة الأولى التي يموت فيها جميع الخلائق . وبين النفختين أربعون سنة . قوله : { لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً } . أي : لأستولين عليهم ، قاله : ابن عباس . وقال ابن زيد : لأحتنكن لأضلن . فهو مأخوذ من قولهم : احتنك الجراد الزرع . إذا ذهب به كله . وقيل هو من قولهم : حنك الدابة يحنكها إذا ربط حبلاً في حنكها الأسفل وساقها ، حكاه ابن السكيت . وحكى : [ احتنك ] دابته بمعنى احنك ، فيكون المعنى على هذا الاشتقاق لأسوقنهم كيف شئت . وإنما قال إبليس هذا : لما قال الله [ عز وجل ] { إِنِّي جَاعِلٌ فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً } . ثم قال تعالى : { قَالَ ٱذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ } . أي : اذهب فقد أخرتك إلى يوم القيامة ، فمن تبعك من ذرية آدم وأطاعك { فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ } ، أي : جزاؤك وجزاؤهم ، أي : ثوابك على دعائك إياهم إلى معصيتي ، وثوابهم على اتباعهم إياك { جَزَاءً مَّوْفُوراً } أي : مكملاً . وقال مجاهد : " موفوراً " [ أي ] موفراً . وقيل موفوراً مكملاً . ثم قال تعالى : { وَٱسْتَفْزِزْ مَنِ ٱسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ } . المعنى : واستخف من استطعت منهم ، واستجهل ونحوه . ومعنى " بصوتك " : عند مجاهد أنه صوت الغناء واللعب . وقيل معناه : بدعائك إياهم إلى طاعتك . وقال ابن عباس : صوته كل داع دعا إلى معصية الله [ سبحانه ] ، وهو قول قتادة . وقيل : صوت المزمار . وقيل : هو كل متكلم من غير ذات الله [ عز وجل ] فهو صوت الشيطان ، وكل راكض في غير ذات الله [ سبحانه ] فهو من [ خيل ] الشيطان . وكل ماش في غير ذات الله [ جلت عظمته ] فهو من رجل الشيطان . وقيل معنى : { وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ } ، أي : أجمع عليهم / من ركبان جندك ومشاتهم يدعونهم إلى طاعتك ، يقال : قد أجلب فلان على فلان إجلاباً إذا صاح عليه ، والجلبة الصوت . وقال قتادة : إن له خيلاً ورجلاً جنوداً من الجن والإنس يطيعونه . وقال ابن عباس : خيله كل راكب في معصية الله [ سبحانه ] ورجله كل راجل في معصية الله [ تعالى ] . ثم قال [ تعالى ] { وَشَارِكْهُمْ فِي ٱلأَمْوَالِ وَٱلأَوْلادِ } . يعني : الأموال التي أصابوها من غير حلها . قاله مجاهد . وقال الحسن : هي أموال أعطاها الله [ عز وجل ] لهم فأنفقوها في طاعة الشيطان . وقيل : هو ما كان المشركون يحرمونه من أموالهم يجعلونه لغير الله [ سبحانه ] مثل البحائر والوصائل والحامي وغير ذلك ، روي ذلك عن ابن عباس ، وقال الضحاك : هو ما كان المشركون يذبحون لآلهتهم . فأما مشاركته في الأولاد لهم . فقال ابن عباس : يعني أولاد الزنا ، وهو قول مجاهد والضحاك . وعن ابن عباس أيضاً أنه قتلهم لأولادهم ، وقال قتادة : هو إدخالهم أولادهم في دينهم وما يعتقدون من الكفر ، وهو قول الحسن . وعن ابن عباس ، أيضاً : أنه تسميتهم أولادهم عبد الحارث وعبد شمس وعبد العزيز . ثم قال تعالى : { وَعِدْهُمْ } أي : عِدْهُمُ النَّصْرَ على من أرادهم بسوء ثم قال : { وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً } . أي : ما يغني عنهم من عذاب الله [ عز وجل ] من شيء . وهذا كله من الله وعيد وتهديد لإبليس عليه اللعنة . ومثله { ٱعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ } [ فصلت : 40 ] . وقيل : إنما أتى هذا على وجه التها [ ون ] بإبليس وبمن اتبعه . ثم قال : { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } . أي : إن الذين أطاعوني واتبعوا أمري { لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } " أي : حجة . وقيل : الآية عامة في كل الخلق فلا حجة [ له ] على أحد من الخلق توجب أن يقبل منه ، هذا قول : ابن جبير . وقيل : المعنى أن كل الخلق لا تسلط لك عليهم إلا بالوسوسة . ثم قال تعالى : { وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلاً } . أي : وكفى بربك يا محمد حافظاً لك . وقال قتادة : " وكيلاً " : كافياً عباده المؤمنين . وقيل : معناه منجياً مخلصاً من الشيطان .