Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 66-70)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { رَّبُّكُمُ ٱلَّذِي يُزْجِي لَكُمُ ٱلْفُلْكَ } إلى قوله : { مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً } . هذا خطاب للمشركين يذكرهم الله [ عز وجل ] نعمه عليهم ، فالمعنى : ربكم أيها القوم ، هو { ٱلَّذِي يُزْجِي لَكُمُ ٱلْفُلْكَ } أي : يسير لكم الفلك ، وهي السفن { فِي ٱلْبَحْرِ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } أي : لتتوصلوا بالركوب فيها إلى أماكن تجارتكم ومطالبكم ولتلتمسوا رزقه { إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً } إذ سخر لكم ذلك وألهمكم إليه . قال ابن عباس يزجي : يجري ، وقال قتادة : يسير . ثم قال تعالى : { وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِي ٱلْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ } . أي : وإذا نالتكم الشدة والجهد من عصوف الريح أو خوف غرق ، فقدتم من تدعون / من دون الله [ سبحانه ] أي : فقدتم آلهتكم لخلاصكم ، ولم تجدوا غير الله [ عز وجل ] مغيثاً إذا دعوتموه . { فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ } . أي : فلما نجاكم [ الله سبحانه ] من هول ما كنتم فيه وشدته أعرضتم عما دعاكم إليه من خلع الآلهة ، وإفراد العبادة له ، كفراً منكم بنعمته . { وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ كَفُوراً } أي : كفوراً لنعم ربه [ عز وجل ] . فالإنسان هنا يراد به الكافرين خاصة . ثم قال : { أَفَأَمِنْتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ ٱلْبَرِّ } . المعنى : أفأمنتم أيها الكفار نقم الله [ سبحانه ] بعد إذ أنجاكم من كربكم أن يخسف الله [ عز وجل ] بكم في جانب البر كما فعل بقارون وبداره { أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً } أي : حجارة من السماء تقتلكم كما فعل بقوم لوط { ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً } أي : فيما يقوم لكم بالمدافعة عنكم من عذاب الله [ عز وجل ] " ولا ناصراً " . وقال أبو عبيدة : " حاصباً " هنا : ريح عاصفة تحصب ، أي : ترمي بالحصباء من قوتها ، وقيل : الحاصب : التراب فيه حصى . والحصباء الحصى الصغار . ثم قال : { أَمْ أَمِنْتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ } . [ أي : في البحر ] " تارة أخرى " أي : مرة أخرى { فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِّنَ ٱلرِّيحِ } وهي التي تقصف ما مرت به فتحطمه وتدقه . من قولهم : قصف فلان ظهر فلان إذا كسره . { فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً } أي : تابعاً يتبعنا بما فعلنا بكم . ثم قال : { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ } . أي : فضلناهم بتسليطنا إياهم على سائر الخلق فيسخرونهم كالفلك والدواب ، يدل عليه قوله : { وَحَمَلْنَاهُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ } . ثم قال : { وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } . [ أي : من طيبات ] المطاعم والمشارب . وقيل : هي [ الحلال . وقيل : ذلك ] السمن والعسل . وهو قول شاذ . ثم قال : { وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً } . فقوله : " على كثير " ولم يقل : " على كل من خلقنا " يدل على أن الملائكة أفضل من بني آدم . وقيل : تفضيل بني آدم هنا هو أن الإنسان يمشي قائماً وكل الحيوان يمشي مكباً . وأن ابن آدم يتناول الطعام بيده والحيوان آكل بفيه . وفضل وفضل بما أعطي من التمييز وبصر من الهدى . وقال ابن عباس : فضلوا بأنهم يأكلون بأيديهم والبهائم تأكل بأفواهها .