Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 105-108)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ } إلى قوله : { عَنْهَا حِوَلاً } . أي : الذين تقدمت صفتهم واعمالهم ضلت هم { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ } أي : جحدوا ذلك { فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ } أي : بطلت { فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَزْناً } أي : لا يثقل لهم ميزان بعمل صالح . روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يؤتى يوم القيامة بالعظيم الطويل الأكول الشروب فلا يزن / جناح بعوضة ، واقرؤوا إن شئتم : { فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَزْناً } " . ثم قال : أبو محمد : وهذا النص يدل على وزن اعمال الكفار . فلا يثقل بها ميزان إذا كانت لغير الله وإذ [ كان ] لا يصحبها توحيد ولا إيمان بالرسل . [ قال : تعالى ] : { لَهُمْ سُوۤءُ ٱلْحِسَابِ } [ الرعد : 18 ] وقال : فيهم : { وَعَلَيْنَا ٱلْحِسَابُ } [ الرعد : 40 ] أي حساب من كفر . وقال : الله عز وجل { فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ } [ النور : 39 ] وقال : عن الكفار : { وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ } [ الحاقة : 26 ] . وقال : عن الكفار أنهم قالوا : { عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ ٱلْحِسَابِ } [ ص : 16 ] وقال { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ الحجر : 92 - 93 ] وقال : { فَلَنَسْأَلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ ٱلْمُرْسَلِينَ } [ الاعراف : 6 ] وقال : { وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ } [ الاسراء : 13 ] أي : كتاب عمله . وقد ذكر تعالى ذكره وزن اعمال الكفار في غير ما موضع من كتابه . وذلك ما عظم الحساب ، وهو كثير في القرآن مكرر يدل على محاسبة الكفار . ثم قال : تعالى { ذَلِكَ جَزَآؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ } . أي ثوابهم جهنم بكفرهم واتخاذهم آياتي ورسلي هزؤاً ، أي سخرياً . ثم قال : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْفِرْدَوْسِ نُزُلاً } . أي : الذين صدقوا الله ورسوله وأقروا بتوحيده وكتبه ورسله ، وعملوا بطاعته كانت لهم جنات الفردوس نزلاً . وهي أفضل الجنات . وأوسطها ، قاله قتادة . وقال : كعب : ليس في الجنات جنة أعلى من جنة الفردوس فيها الآمرون بالمعروف الناهون عن المنكر . وقيل الفردوس هو البستان بالرومية ، قاله مجاهد . وقال : كعب : جنات الفردوس التي فيها الأعناب . وقيل الفردوس الأودية التي تنبت ضروباً من النبات . وقال : أبو هريرة الفردوس جبل في الجنة يتفجر منه أنهار الجنة . وقيل الفردوس سرة الجنة . وقيل الفردوس الكروم وقيل هو في الرومية منقول إلى لفظ العربية . وروى عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين مسيرة مائة عام والفردوس أعلاها . ومنها الأنهار الأربعة ، والفردوس فوقها . فإذا سألتم الله عز وجل فاسألوه الفردوس " وفي حديث آخر " ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض " . وعنه صلى الله عليه وسلم من رواية أبي سعيد الخدري أنه قال : " فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة واعلاها ، وفوقها عرش الرحمن ومنها تفجر انهار الجنة " . وكذلك روى معاذ بن جبل عن النبي عليه السلام أنه قال : " إن في الجنة مائة درجة ما بين كل درجة ما بين السماء والأرض والفردوس أعلا الجنة وأوسطها وفوقها عرش الرحمن ومنها يفجر أنهار الجنة فإذا سألتم الله عز وجل فاسألوه الفردوس " . وقوله : { نُزُلاً } يعني منازل أو مساكن وهو من نزول بعض الناس على بعض . و { خَالِدِينَ } " لابثين فيها أبداً " . { لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً } أي : لا يريدون تحولاً . وحولاً / مصدر تحولت . خرج عن أصله كتعوج عوجاً . ويقال : قد حال من المكان حولاً . وقال : مجاهد : " حولاً " متحولاً . وروي عن بعض اصحاب أنس أنه قال : يقول أول من يدخل الجنة : إنما أدخلني الله أولهم لأنه ليس احد أعطاه مثل الذي أعطاني . وقيل معنى " حولاً " لا يحتالون في غيرها فهو من الحيلة على هذا .