Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 10-10)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { إِذْ أَوَى ٱلْفِتْيَةُ إِلَى ٱلْكَهْفِ } إلى قوله : { رَشَداً } . أي : كانوا من آياتنا عجباً ، حين أوى الفتية إلى الكهف هرباً بدينهم إلى الله [ عز وجل ] فقالوا : إذ أووه . { فَقَالُواْ رَبَّنَآ آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً } . أي : ارحمنا ونجنا من هؤلاء الكفار . { وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً } . أي : دلنا على ما ننجو به . وكان هؤلاء الفتية على دين عيسى صلى الله عليه وسلم . فدعاهم ملكهم إلى عبادة الأوثان والأصنام فهربوا بدينهم منه خشية أن يفتنهم عنه أو يقتلهم فاستخفوا منه في الكهف . وروي أنهم لما أمرهم الملك بعبادة صنمه قالوا { رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلـٰهاً لَّقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً } [ الكهف : 14 ] فاعتزلوا عن قومهم لعبادة الله [ سبحانه ] . فقال : أحدهم : إنه كان لأبي كهف يأوي فيه غنمه . فانطلقوا بنا نكن فيه . فدخلوا فيه ، ثم فقدوا في ذلك الزمان ، فطلبوا ، فقيل : إنهم دخلوا هذا الكهف . فقال : قومهم : لا نريد لهم عقوبة ، ولا عذاباً أشد من أن يردم عليهم هذا الكهف فبنوه عليهم فردموه ، ثم أقاموا ما شاء الله ، يدبرهم الله [ عز وجل ] بلطفه وهم نيام ، ثم بعث الله [ عز وجل ] ملكاً على دين عيسى صلى الله عليه وسلم . ووقع ذلك البناء الذي كان ردم عليهم . وقاموا من نومتهم تلك . فقال : بعضهم لبعض كم لبثتم ؟ قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم . فأرسلوا أحدهم ليأتيهم بطعام وشراب مستخفياً أن لا يعرف . فلما خرج من باب الكهف رأى ما أنكره ، فأراد أن يرجع ، ثم مضى حتى دخل المدينة فأنكر ما رأى ، ثم أخرج درهماً فنظروا إليه ، فأنكروه وأنكروا الدرهم . فقالوا من أين لك هذا ؟ [ هذا ] من ورق غير هذا الزمان . واجتمعوا عليه ، ولم يفارقوه حتى حملوه إلى ملكهم . وكان لقومهم لوح يكتبون فيه ما يكون . فنظروا في ذلك اللوح . وسأله الملك ، فأخبره بأمره ، ونظروا في الكتاب متى فقدوا ، فاستبشروا به وبأصحابه وقيل له : انطلق بنا فأرنا أصحابك فانطلق ، وانطلقوا معه ، ليريهم أصحابه فدخل قبل / القوم فضرب على آذانهم . { قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِداً } [ الكهف : 21 ] . قال : ابن عباس : كانوا ثمانية . وروى : أنه لما بني عليهم باب الكهف كتب رجلان مؤمنان - ممن يسر الإيمان - خبرهم ، ووقت البناء عليهم ، وأسماءهم ، وأنسابهم ، وأسماء آبائهم في لوحين من رصاص ثم صنعا تابوتاً من نحاس ، وجعلا اللوحين فيه . ثم كتبا عليه ، في فم الكهف ، من بين ظهراني البنيان ، وختما على التابوت بخاتمهما وقالا : لعل الله أن يظهر على هؤلاء الفتية قوماً مؤمنين قبل [ يوم ] القيامة ، فيعلم من فتح عليهم حين يقرأ هذا الكتاب خبرهم . قال : مجاهد : فلبثوا في الكهف ثلاثة مائة سنين وازدادوا تسعاً نياماً . وقيل : إنهم كانوا شباناً ملوكاً مطوقين ، مسورين ذوي ذوائب وكان معهم كلب صيدهم . فخرجوا في عيد [ لهم ] عظيم في زي ومواكب . وأخرجوا معهم آلهتهم التي يعبدون . وقذف الله [ في ] قلوب الفتية الإيمان فآمنوا ، وأخفى كل واحد منهم الإيمان عن صاحبه ، فقال : كل واحد في نفسه نخرج من بين أظهر هؤلاء القوم ، لا يصيبنا عقاب بجرمهم . فخرج شاب منهم حتى انتهى إلى ظل شجرة ، ثم خرج آخر فرآه جالساً وحده فرجا أن يكون على مثل أمره ، فجلس إليه ، وخرج الآخرون فجاءوا وجلسوا إليهما . فاجتمعوا ، فقال : بعضهم : ما جمعكم ؟ فقال : آخر : بل ما جمعكم ؟ وكل يكتم إيمانه عن صاحبه مخافة على نفسه وقالوا : ليخرج منكم فتيان ، فيخلوان ، فيتوثقا ألاّ يفشي واحد منهما على صاحبه . ثم يفشي كل واحد منهما لصاحبه أمره . فإنا نرجو أن نكون على أمر واحد . ففعلوا ذلك ، فعلموا أن جميعهم على أمر واحد وهو الإيمان . وإذا كهف في الجبل [ قريب ] منهم ، فقال : بعضهم لبعض : آووا إلى هذا الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقاً . فدخلوا الكهف ومعهم كلب صيدهم . فناموا . فجعل الله جل وعز رقدة واحدة ثلاث مائة سنة وتسع سنين . وطلبهم قومهم ففقدوهم . وبعثوا البرد في طلبهم . فعمى الله [ عز وجل ] عليهم آثارهم . فلما لم يقدروا عليهم ، كتبوا أسماءهم وأنسابهم في لوح : فلان بن فلان ، وفلان بن فلان : ملوك فقدناهم في عيد كذا ، من شهر كذا ، من سنة كذا ، في مملكة فلان ، ورفعوا اللوح في الخزانة ، ثم مات ذلك الملك . وأتى قرن بعد قرن فأظهرهم الله [ عز وجل ] وأنبههم ، فوجهوا رسولهم ليأتيهم بما يأكلون ولا علم عندهم بما مضى من الزمان فأطلع عليهم . وقال : وهب بن منبه : جاء حواري عيسى بن مريم إلى مدينة أصحاب الكهف ، فأراد أن يدخلها ، فقيل له : إن على بابها صنماً لا يدخلها أحد إلا سجد له . فكره أن يدخلها / فأتى حماماً ، فكان فيه قريباً من تلك المدينة . فكان يعمل فيه ، يؤاجر نفسه من صاحب الحمام . فرأى صاحب الحمام في حمامه البركة ، ودر عليه الرزق وجعل يعرض عليه [ الإسلام ] ويسترسل إليه . وعلقه فتية من أهل المدينة . وجعل يخبرهم خبر السماء والأرض وخبر الآخرة حتى أنسوا به ، وصدقوه . وكانوا على مثل حاله في أحسن الهيئة وكان يشترط على صاحب الحمام أن الليل لي ، فلا تحولن بيني وبين الصلاة إذا حضرت . وكان على ذلك حتى جاء ابن الملك بامراة فدخل بها الحمام . فعيره الحواري فقال : أنت ابن الملك تدخل معك بهذه الكذا ، فاستحيي فذهب ، ورجع مرة أخرى ، فقال : له مثل ذلك ، فسبه وانتهره ، ولم يلبث حتى دخل ودخلت المرأة معه فماتا في الحمام جميعاً ، فأتى الملك فقيل له : إن صاحب الحمام قتل ابنك . فالتمس فلم يقدر عليه هرباً . فقال : من كان يصحبه ؟ فسموا الفتية ، فالتمسوا ، فخرجوا من المدينة ، فمروا بصاحب لهم في زرع له ، وهو على مثل أمرهم ، فذكروا أنهم التمسوا ، فانطلق معه الكلب ، حتى أواهم الليل إلى الكهف فدخلوه . فقالوا نبيت هنا الليلة ثم نصبح إن شاء الله فترون رأيكم . فضرب على آذانهم . فخرج الملك في أصحابه يتبعونهم حتى وجدوهم قد دخلوا في الكهف ، فلما أراد رجل أن يدخل أرعب ، فلم يطق أحد أن يدخله ، فقال : قائل : ألست لو كنت قدرت عليهم قتلتهم قال : بلى . قال : ابن عليهم باب الكهف ودعهم يموتون عطشاً وجوعاً ، ففعل .